انتشر مؤخرا نوع من الموسيقى يعرف باسم موسيقى "التراب" عبارة عن مزيج من الإيقاعات الإلكترونية السريعة مصحوبة بكلمات لها قافية واحدة تتسم بواقعية قاسية. ومع اكتسابه شهرة واسعة فى الآونة الأخيرة فى مصر بعد أن انتشر أولا فى دول عربية مثل المغرب والجزائر وفلسطين ولبنان، نلقى نظرة على تاريخ نشأة هذا النوع من الموسيقى.
متحف حول موسيقى التراب فى أتلانتا يعكس كيف كانت منازل المصائد فى التسعينات
وفقا لمنصة "ماستر كلاس" الأمريكية، بدأت موسيقى "التراب" – وتعنى مصيدة- في الجزء الجنوبي من الولايات المتحدة في التسعينيات ، وتحديداً فى أفقر أحياء أتلانتا فى ولاية جورجيا، والتى كانت حينها موطنا لما يعرف باسم منازل "المصائد" ، أى الأماكن التى يتم فيها إنتاج وبيع المخدرات وغيرها ، حيث وجد المستهلكون أنفسهم "محاصرين" ، يتحدثون عن عالمهم الخاص بلغتهم العامية خارج هوامش النظام.
واعتبر الموقع أنه لفهم ولادة موسيقى التراب ، يجب العودة إلى أصول الهيب هوب وحفلات برونكس – حى فقير فى الولاية- في السبعينيات في نيويورك ، حيث ظهرت موسيقى تعتمد على إيقاعات ودقات مختلطة. عندما خرجت من الجيتو-منطقة يعيش فيها مجموعة عرقية واحدة وهنا تشير إلى الأمريكيين من أصول إفريقية- إلى التيار التجاري السائد ، في الثمانينيات ، ظهرت مجموعات تعرف باسم المدرسة الجديدة ، والتى تغني شعريًا في الشارع للمطالبة باحتياجاتهم الاجتماعية.
ثري 6 مافيا
في وقت لاحق ، في التسعينيات ، بدأ الموسيقيون ، ما أطلق عليه Gangsta rap ،أو "راب العصابات"، والذى يناقش نمط الحياة العنيف للأحياء المحرومة في المدن الأمريكية ، وبدأ تدريجيا هذا النوع من الموسيقى فى التخلى عن الخطابات السياسية والشعرية.
ومن هنا انتشر هذا النوع من الموسيقى، الذى يعتمد على نوع معي من الطبول التى تتسم بأنماط معقدة، من خلال أشهر فناني "التراب" في التسعينيات مثل فرق "ثري 6 مافيا"، و"يو جيه كيه"، و"جيتو مافيا".
ومع تطور موسيقى "التراب" في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، أدى تأثير موسيقى الرقص الإلكترونية (EDM) إلى تطوير صوت "التراب"، حيث أصبح عنصر الإيقاع الإلكتروني في EDM أكثر وضوحًا، مما أدى إلى إنتاج مزج جديد من الدقات مشابهة لموسيقى "ترانس هاوس".
فيتى واب
واستمرت موسيقى التراب في اكتساب زخم في منتصف عام 2010 وانتشرت كجزء من المشهد الموسيقى، حتى أنها تصدرت قائمة الأغانى المفضلة بأغاني مثل أغنية "تراب كوين" للمغنى "فيتى واب"، والتى كانت الأغنية الأكثر نجاحًا لعام 2015. واليوم ، يواصل فنانو "التراب" إنتاج موسيقى جديدة ، وقد أثر الأسلوب على الإنتاج الموسيقي لفناني الهيب هوب السائدين مثل درايك ، وكاردى بى ، وميجوس.
وتقول المنصة إن عام 2012 كان عاما مهما لهذا النوع من الموسيقى حيث زادت شعبيته من خلال دمج فرق غنائية شهيرة لإيقاعات "التراب" فى أغانيهم.
ووفقا لموقع "فايس" الكندى فى نسخته العربية، يمكن وصف "التراب" بأنه "مزيج من الهيب هوب وموسيقى الدانس وموسيقى "الداب".
موسيقيو التراب فى أتلانتا
ولكن يبدو أن الوضع مختلفا فى موسيقى "التراب" فى العالم العربى، حيث ناقش مغنو الراب في المنطقة العربية قضايا مختلفة نوعا ما، تشمل العلاقات الإنسانية سواء الحب أو الصداقة أو حتى العلاقات الأسرية، فضلا عن أنها تتطرق إلى الفلسفة حول الوقت والحياة.
ومن ناحية أخرى، اعتبر موقع "لاب cccb" إنه على عكس الهيب هوب ، فإن النجاح العالمي لموسيقى التراب له ، من بين أمور أخرى ، تفسيران محتملان: أولاً ، ارتباطه ارتباطًا وثيقًا بتطوير التكنولوجيا والشبكات الاجتماعية وإمكانية الوصول إليها.
وثانيا، يرتبط نجاحها العالمي ارتباطًا مباشرًا بحقيقة أن العديد من كلمات هذا النوع من الموسيقى تستهدف عمومًا الطبقات الاجتماعية المحرومة من الأزمة الاقتصادية والبطالة ، بغض النظر عن موطنها الأصلي. وهكذا ، فإنها تجتذب الشباب من جميع أنحاء العالم.
