قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف إن عملية البناء والتنمية التي تتم في مصر الآن هى فهم دقيق لصحيح الدين ، فديننا دين البناء وعمارة الكون، ومهمتنا أن نعمر الدنيا بالدين وأن نتصدى لمن يخربها باسم الدين ، فالدين الصحيح هو فن صناعة الحياة لا صناعة الموت ، وإذا كان ديننا إنما هو دين البناء وعمارة الكون، فإن كل من يأخذك إلى هذا الطريق، طريق البناء، طريق العمل، طريق الإنتاج، طريق الإتقان ، طريق الحفاظ على المنشآت العامة والخاصة إنما يأخذك إلى طريق الإسلام، إلى طريق الوطنية، إلى طريق الحضارة والرقى، إلى خير المجتمع وخير الإنسانية.
وتابع "من يحاول أن يجرك إلى طريق آخر عكس هذا الاتجاه ، كأن يجرك أو يسلمك إلى طريق الهدم والتخريب وتدمير المنشآت والبنى التحتية أو الاعتداء عليها أو المساس بها إنما يأخذك إلى طريق الهلاك في الدنيا والآخرة ، يقول الحق سبحانه : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ الله فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}، ويقول سبحانه : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ }.
وأكد على أن من يعمل بالبناء لن يكون لديه فائض وقت أو جهد للهدم أو التخريب ، لأنه يدرك طبيعة البناء وما يتطلبه من جهد ومعاناة ، وأن الباني لا يمكن أن يكون هدامًا ؛ لأنه صاحب نفس ملأى بالخير والعمار والحضارة والرقي .
وأردف" "أما الهدامون أصحاب النفوس المريضة الذين قصرت بهم هممهم عن أن يجاروا أهل الجد والكفاح والتعب والعرق والعمل والإنتاج ، فلم يجدوا جبرًا لنقيصتهم وسترًا لعورتهم وشفاء لإحساسهم بالنقص سوى حسد الأماجد وانتقاص الأفاضل ، على حد قول القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني في مقدمة كتابه " الوساطة بين المتنبي وخصومه" وأهل النقص رجلان : رجل أتاه التقصير من قبله ، وقعد به عن الكمال اختياره ، فهو يساهم الفضلاء بطبعه ، ويحنو على الفضل بقدر سهمه ، وآخر رأى النقص ممتزجًا بخلقته ، ومؤثّلًا في تركيب فطرته ، فاستشعر اليأس من زواله ، وقصرت به الهمة عن انتقاله ، فلجأ إلى حسد الأفاضل ، واستغاث بانتقاص الأماثل ، يرى أن أبلغ الأمور في جبر نقيصته ، وستر ما كشفه العجز عن عورته ، اجتذابُهم إلى مشاركته ، ووسمُهم بمثل سِمَتِه ".
وقال "هؤلاء الهدامون خطر داهم على المجتمع، وعلى أمنه الاجتماعي والاقتصادي، يقول الشاعر:
متى يبـلغ البنـيان يومًـــــا تمامه
إذا كنت تبنيه وغـيرك يهـــدم
على أن ديننا ينبذ كل ألوان ومعاني الهدم والتخريب ، ويدعو إلى البناء وعمارة الكون ، وكل ما فيه صالح الإنسانية ، يقول سبحانه : {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ }، ويقول سبحانه: {فَاذْكُرُواْ آلاء الله وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}، مما يتطلب منا جميعًا العمل على نشر ثقافة البناء ، والعمل على ترسيخ الإيمان به ، وأن ما كان للإنسان فلن يخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، وأن الناس جميعًا لو سابقوا إنسانًا فلن يأخذوا شيئًا كتبه الله تعالى له ، ولن يصلوا إليه ، ولو دفعوه إلى الأمام جميعًا فلن يوصلوه إلا إلى شيء كتبه الله له ، يقول سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " .. وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله لَكَ ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة