شارك الدكتور أندرية زكى رئيس الطائفة الإنجيلية فى لقاء "المجتمع المدني في الجمهورية الجديدة: الفرص والتحديات"، حيث يأتي في إطار حرص الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية على الدور الفعال للمجتمع المدنيِّ في السياق الأشمل لرؤية الدولة لعملية التنمية ومفاهيم حقوق الإنسان.
وفى سبتمبر الماضي، أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وأعلن عام 2022 عامًا للمجتمع المدني، داعيًا إلى "مواصلة العمل بجد واجتهاد، جنبًا إلى جنب مع مؤسسات الدولة المصرية لتحقيق التنمية المستدامة في كافة المجالات ونشر الوعي لثقافة حقوق الإنسان مساهمةً في تحقيق آمال وطموحات الشعب المصري العظيم". وهي خطوة جاءت مسبوقةً بإجراءات وتحركات فعلية على أرض الواقع، تمت خلال السنوات السبع الماضية، وتأتي على رأس هذه الإجراءات مبادرة "حياة كريمة" التي تمثل تجسيدًا واقعيًّا لمفهوم التنمية المستدامة كجزء من استراتيجية حقوق الإنسان.
وقال الدكتور أندرية زكى إن إعلان عام 2022 عامًا للمجتمع المدني يحمل في ثناياه دلالات عميقة حول اهتمام الدولة المصرية بتعزيز دور المجتمع المدني كشريك في التنمية، وحرص الدولة على المفهوم الأشمل لحقوق الإنسان الذي يبدأ بالحقوق الحياتية الأساسية ويمتد إلى الحق في حرية الاعتقاد والتعبير، وتأكيدًا لاحترام مصر لجميع التزاماتها التعهُّدية ذات الصلة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وسعيًا إلى ضمان أمن الوطن واستقراره.
وفي هذا السياق، أودُّ أنْ أشيرَ إلى الدَّورِ الهامِّ للهيئةِ القبطيةِ الإنجيليةِ للخدماتِ الاجتماعيةِ، كواحدة من منظمات المجتمع المدني في مصر، والتي عملتْ منذُ نشأتِها في مجالاتٍ كثيرةٍ، وبالأخصِّ مجالاتِ الثقافةِ والتنميةِ، بهدفِ تحسينِ نوعيةِ الحياةِ للمواطنينَ بصرفِ النظرِ عنِ انتماءاتِهِم العرقيةِ أو الدينيةِ أو الاجتماعيةْ. وامتدَّ عملُ الهيئةِ عبرَ عقودٍ منَ الجَهدِ ليَصلَ عددُ من تخدِمُهُم في يومِنَا هذا إلى أكثرِ منْ ثلاثة ملايين مواطنٍ مصريٍّ في مختَلَفِ أنحاءِ البلادْ.
واتسم عملُها دائمًا بالتشارك الفعال مع مؤسسات الدولة في مختلف المجالات، إيمانًا بأهمية التكامل بين دور المجتمع المدني والحكومة في مفهوم التنمية.
وتؤمن الهيئةُ بأنَّ العملَ الاجتماعيَّ أكبرُ بكثيرٍ منْ فكرةِ تقديمِ الإحسانِ، وأنَّ الهدفَ الأكبرَ منْهُ هو التمكينُ وليسَ مجردَ الإحسانِ، فالتمكينُ هو أنْ تعطيَ الشخصَ الأداةَ التي يستطيعُ بها أن ينمِّيَ حياتَهُ ويطوِّرَ قدراتِهِ وموارِدَهُ. كما حَمَلَتِ الهيئةُ على عاتقِهَا مهمَّةَ ترسيخِ قيمِ الحوارِ والعيشِ المشتركِ والتسامحِ بينَ أفرادِ المجتمعِ، بهدف بناء الوعي؛ إذ تؤمن الهيئة أن الوعي والتنمية عنصران رئيسان لا مجال للعمل على أحدهما دون الآخر. وتتطلع الهيئة إلى المزيد من تطوير مفهوم التنمية المستدامة القائمة على التمكين والدمج للوصول إلى مجتمع متماسك يتسم بالمرونة والمتانة.
وتؤسس الجمهورية الجديدة لتعميق العلاقة بين المجتمع المدني والدولة، وتعزيز أواصر الثقة بناءً على وحدة الهدف، المتمثل في تحسين حياة المواطن المصري ورفع المستوى المعيشي ومعالجة كافة التحديات والقضايا المتعلقة بالتنمية وبناء الشخصية المصرية. إن دور المجتمع المدني لا يقتصر على رصد التحديات والمشكلات فقط، وإنما يمتد للمساعدة في التعامل مع هذه التحديات جنبًا إلى جنب مع مؤسسات الدولة.
وما دامت الجمهورية الجديدة تسعى لبناء الإنسان بالتزامن مع تطوير البنية التحتية والمشروعات الوطنية الكبرى، فإن الدور الرئيس للمجتمع المدني يتمثل في بناء الوعي بمفاهيم حقوق الإنسان وثقافتها، من خلال القيم المجتمعية التي تضمن أمن المجتمع وسلامته، وحث المواطن على الحفاظ على مكتسبات التنمية، والسعي إلى أن يكون المواطن شريكًا في عملية التنمية وليس مجرد متلقٍّ، وهو المفهوم الذي سيؤدي إلى استدامة عملية التنمية بتكامل أدوار الجميع.
وأضاف: إن توجُّه الدولة المصرية وخطواتها الملموسة في التنمية، تفتح الآفاق أمام مؤسسات المجتمع المدني لاستعادة دورها وتعزيزه في تنمية المجتمع وحماية الكرامة الإنسانية وتأكيد قيم المواطنة والعيش المشترك، وهذا سيتحقق من خلال وضوح الهدف، والدور، والتكامل والتناغم بين هذه الأدوار بأسرها لتحقيق الهدف.
وأختتم كلمته: أرحب بكم جميعًا مرةً أخرى، متمنيًا لقاءً مثمرًا لجميع المشاركين، ومعالجة موضوعية شاملة لكافة المفاهيم المطروحة به، ولبلادنا الغالية كل الخير.