أبو الغيط باحتفالية يوم اللغة العربية: لغتنا تزدهر بالتواصل وتتجمد بالانغلاق

السبت، 18 ديسمبر 2021 10:51 ص
أبو الغيط باحتفالية يوم اللغة العربية: لغتنا تزدهر بالتواصل وتتجمد بالانغلاق أبو الغيط
كتب بيشوي رمزي

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شارك الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، والذى عقد في دولة الإمارات العربية.
 
وخلال كلمته أمام الاحتفال، قال أبو الغيط إن شعار الاحتفالية، وهو "اللغة العربية: جسر للتواصل الحضاري"، ينسجم مع رسالة اكسبو 2020 دبي "تواصل العقول وصنع المستقبل" فالتواصل هو غاية اللغة ووظيفتها ويرتبط مستوى التواصل الحضاري والفكري، بمدى قدرة اللغة على تحقيقه، وبما تتيحه من إمكانيات للتكيف مع نظم ثقافية مختلفة، موضحا أن اللغة العربية كانت أداة رئيسية لصناعة واحدة من أكبر شبكات التواصل التي عرفها التاريخ البشري.
 
1
 
 
وأضاف الأمين العام أنه "عندما نتحدث عن الحضارة العربية في عصرها الذهبي، منذ القرن الثامن الميلادي، فإننا نتحدث في الحقيقة عن شبكة واسعة من حدود المحيط الأطلسي، وحتى حدود الصين... هذه الشبكة احتضنت ثقافات شتى، وأدياناً وأعراقاً متنوعة.. غير أن العنصر الرئيسي فيها كان اللغة العربية... هذه اللغة هي التي جعلت كلاً من الخوارزمي، المولود في خوارزم، وعاش في القرن الثامن الميلادي... وابن سينا، المولود في بخارى (أوزباكستان حالياً)، وعاش في القرن الحادي عشر الميلادي.. وابن رشد، المولود في قرطبة، وعاش في القرن الثالث عشر الميلادي.. جعلت من هؤلاء، الذين ولودوا وعاشوا في أزمنة مختلفة وأماكن متباينة وتحدثوا ألسنة شتى ... جزءًا من "عالم عقلي" واحد.. ومشاركين في ثقافة واحدة تمثل اللغة العربية نواتها الأساسية، والرابط الجامع بين أوصالها."
 
واستطرد أن الشبكة الإنسانية التي نسجتها الحضارة العربية الإسلامية كانت أعظم منجزاتها وأهم اسهاماتها في مسار الحضارة البشرية، إذ كانت تلك الشبكة مجالاً لتبادل السلع والبضائع من المحيط الهندي وبحر الصين، إلى البحر المتوسط .. وبالعكس، وكانت أيضاً فضاء لتلاقح الأفكار وتدفق المعلومات وإثراء الخبرات في كافة مناحي الحياة.
 
2
 
وأوضح أبو الغيط أن العقل العربي الإسلامي الذي قام على أمر هذه الشبكة الحضارية هائلة الاتساع كان عقلاً منفتحاًوالمؤكد أنه كان عقلاً واثقاً في ذاته، وفي منجزه الحضاري والإنساني والروحي، والمؤكد أنه كان عقلاً إنسانياً بالمعنى الشامل يرى في التواصل مع الآخر إثراء للتجربة الذاتية ويعتبر التنوع نعمة لا نقمة ويرى في علوم الآخرين ما يمكن الاستفادة منه والبناء عليه. 
 
وأوضح الأمين العام أن الترجمة رافعة مهمة للثقافة العربية، غير أنها لم تكتفِ بها بل أخذت بعد النقل تضيف ابداعاً ذاتياً وبعد التعريب تُفرز منتجاً أصيلاً، مما أدى إلى نهضة غير مسبوقة في الآداب والعلوم والفنون على حدٍ سواء، وأنتجت العربية في كافة المجالات وأضافت للتراث الإنساني حتى في جانبه الفني، كما نرى مثلاً في التأثير العميق والممتد لقصص ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة والسندباد وغيرها.
 
وأوضح أن اللغة العربية هي الوسيط في كل هذا الإبداع سواء في الترجمة والنقل أو التأليف والابتكار وهي حقيقة مهمة علينا أن نستعيدها اليوم، فلم تكن لغتنا أبداً قاصرة عن استيعاب ثقافة الآخر وهضم المنتج الحضاري القادم إليها من خارجها بل كانت لغة علمٍ وأدب وفن في آنٍ معاً وظلت اللغة العربية لوقتٍ طويل لغة العلوم التي نهل منها الغرب ليصنع نهضته في حركة ترجمة عكسية منذ القرن الثاني عشر، ولهذا نجد آثاراً كثيرة باقية من اللغة العربية في العديد من اللغات الأوروبية وبخاصة في مجالات العلوم، مثل الكيمياء والجبر والطب والفلك وغيرها.
 
وشدد على ان اللغة العربية تزدهر بالتواصل مع الآخر، أخذاً وعطاءً وتنحسر وتتجمد بالانغلاق على الذات والخوف من الوافد وليس صدفة أن عصر انزواء الحضارة العربية كان أيضاً عصر انحدار اللغة العربية ليس لعيبٍ فيها، وإنما لتحجر عقول من ينطقون بها حتى وجدنا اللغة البديعة المتجددة تقع أسيرة لبلاغة مكررة وتراكيب محفوظة معلبة.
 
وأضاف أنه يصعب الحديث عن نهضة جديدة للغة العربية دون معالجة مشكلة الإنتاج العلمي والإبداع والابتكار العربي إذ يؤدي ضعف المحتوى العربي، على الوسائط المختلفة من الكتاب إلى الانترنت إلى وضع يكون فيه اتقان اللغات الأخرى البوابة الوحيدة المتاحة أمام الشباب للوقوف على آخر مستجدات المنتج الحضارى الإنسانى، وبخاصة المنتج العلمي.
 
وأوضح أن اللغة العربية، لديها من الإمكانات وسعة الألفاظ والاشتقاقات، ما يجعل منها لغة علمٍ بامتياز إلى جوار كونها لغة شاعرة أيضاً وثمة جهدٌ مطلوب من أجل تعزيز حضور العربية كوسيط لنقل وتلقي العلوم والتكنولوجيا.. وهو جهد يتعين أن تضطلع به الحكومات والمؤسسات العلمية والأكاديمية.. وكذا المثقفون العرب المهتمون بقضية اللغة ومستقبلها.
 
 
 
 
 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة