"كانوا بيقولوا الست هتفضل زى ماهيه.. ييجوا يشوفوا الست أهى نجحت ميه الميه".. بهذه الكلمات التى لحنها الموسيقار محمد عبد الوهاب وغنتها المطربة نجاة فى عيد ثورة يوليو، لتعبر عن نجاح المرأة فى عدد من المجالات منها الطب والهندسة، وتفوقها فى العديد من المجالات العلمية، وفى مجتمعنا الحالى أصبحت المرأة تمتهن المهن الصعبة وتقتحم العمل الشاق وتنافس الرجال فى مختلف المهن، حيث أصبحت المرأة جزارة.
أبناء أشقائى وأبناء الجيران كلهم أولادى، ربنا لم يرزقنى بالأبناء لعدم زواجى، وسخرت حياتى لأسرتى بعد وفاة والدى الجزار، وتعلمت الجزارة بنفسى، ودخلت المهنة برغبتى وأنا طفلة".. بهذه الكلمات سردت" منى قاسم محمود" 50 عاما أول جزارة بمحافظة الشرقية قصتها لـ"اليوم السابع".
قالت "منى": ولدت بقرية العدلية مركز بلبيس، لأب يعمل بمهنة الجزارة ولدى من الأشقاء 9 ذكور و 6 بنات، وترتيبى الثالثة بين الأشقاء، لم أنل حظى من التعليم مثل الكثير من الفتيات فى عمرى، فكنت أعوض ذلك بالذهاب مع والدى إلى محل الجزارة بالقرية، وكنت أركز فى كل شىء يقوم به، وطالبته بالذبيح فلم يرفض وسمح لى، وأتذكر أول مرة ذبحت كان عجلا صغيرا، وكان والدى بجوارى واندهش من عدم خوفى وذبحى العجل بطريقة صحيحة.
وتابعت "منى": توفى والدى وعمرى 13 سنة تاركا لى عددا كبيرا من الأشقاء أغلبهم لم يتزوج بعد خاصة من البنات، فوضعت يدى فى يد شقيقى الأكبر لاستكمال مسيرة الأب، وأكرمنا الله بفتح محل بمدينة العاشر من رمضان منذ 24 سنة، ومع مرور الأيام بدأ اسمى يُعرف فى المدينة بسبب المعاملة الحسنة والسمعة الطيبة".
وعن أكثر الأيام التى يكثر فيها موسم الذبيح قالت "منى": "قبل العيد الكبير بأيام، أقوم بذبح عدد كبير من العجول، فضلا عن ذبح الأضحية للأهالى، وهذا يتطلب مجهودا شاقا منى، لكن ربنا يقدرنى من أجل البيوت اللى فاتحاها".
وعن أغرب وأصعب المواقف التى تعرضت لها قالت "منى": تم استدعائى من قبل إحدى الشركات لذبح عجل وزنه 650 كيلو، وكان من المقرر أن أذبحه وهو واقف، وأنا أفضل ذبح الحيوان وهو نائم، لكن العجل كان واقفا وموثقا وأثناء الذبيح تمكن العجل من فك الحبل، ودعيت ربنا إنه يثبته وتمكنت بفضل الدعاء من السيطرة على العجل وذبحه بشكل أذهل المتواجدين.
وعن أمنيتها فى الحياة قالت: "الحمد لله أنا راضية بكل شىء ربنا كتبه لى، وحياتى سعيدة جدًا بوجود أبناء أشقائى بها، خاصة أنى لم أتزوج وأنجب، وقمة سعادتى عندما يطرق أبناء الجيران منزلى لتقديم هدايا عيد الأم لى من حسن معاملتى معهم وحنيتى على كل أبناء الجيران، وأبناء أشقائى كلهم أبنائي، موضحة أنها قامت بعمل عمرة خمسة مرات، كما أنها تحرص على إخراج نصيب الفقراء من الرزق الذى رزقها الله به من عملها فى الجزارة.
وأضافت منى أن يومها يبدأ فى السابعة صباحا، حيث تتسلم الذبائح من أبناء أشقائها الذين يتواجدون فى السلخانة منذ الفجر.
وأكدت الحاجة مني، أن لها زبائن من جميع المستويات، يتوافدون على المحل ومطالبتها بقطع اللحم بنفسها، موضحة أنها تحب ذبح العجول وهى فى وضع الرقود على الأرض، كما أنها ماهرة فى السلخ والتقطيع، مضيفة: رغم مهاراتى فى ذبح كل الأنواع من الحيوانات، إلا إننى لا أستطيع ذبح الأرنب فله صرخة تشبه صرخة الإنسان، الأمر الذى لا أستطع مقاومته".