أود في بداية مقال اليوم أن أُذكر نفسي وإياكم بأن التاريخ لا يكف ولا يتوقف عن إعادة نفسه، ليثبت لنا جميعاً أنها حكمة القدر التي لا دخل لنا بتغييرها.
ونحن الآن بصدد التأمل لمشكلة أزلية رأيناها بأعيننا في زمن ليس ببعيد وقرأنا عنها فى كتب التاريخ لعقود لم نعاصرها، لكنها ليست ببعيدة فلم تتعدى حدود القرن الماضي في أغلبها ألا وهي:
(استبعاد أصحاب الكفاءات والعباقرة والمبدعين من أبناء الوطن فتتلقفهم أيادي قوميات أخري علي الرحب و السعة لتصب كافة مواهبهم وعلمهم وإمكاناتهم الكبيرة فى وعاء الأغراب الذين احتضنوهم وزودوهم بكل ما يلزم لإعداد وتأهيل يليق بإبداعاتهم وينميها ويرسخها ويطورها ليقطفوا ثمرة هذا الجهد، ويستفيدوا الاستفادة القصوي من عبقريات لفظتها وأبعدتها بيروقراطية وروتين عقيم ونفوس سوداء لا تتمنى خيراً لهذا البلد، ولا تهتم سوي لمصالحها وأطماعها وما دون ذلك لا يشغل لها بال).
فكم من عبقرياتٍ مصرية تركت أحلامها التي تم إحباطها علي أرض الوطن لتحلق بعيداً في أراضٍ تقدر وتهيئ وتيسر لتعود مرة أخري عودة العملاق الذى يفتخر به كل مواطن مصري، وترحب به بلاده بعد أن أصبح رمزاً يحترمه العالم أجمع، والأمثلة فى هذا الشأن كثيرة، فعلى سبيل المثال لا الحصر..
"الدكتور أحمد زويل" الذي بزغ نجمه وتفجرت إبداعاته وأسهم في المجال العلمي إسهامات عظيمة استحق علي إثرها أن يحصل علي جائزة نوبل في العلوم و لكن بكل أسف علي أرضٍ غير مصرية.. رحمه الله وجعل علمه الذى ينتفع به البشر صلة غير منقطعة له بالحياة الدنيا إلي أن يرث الله الأرض.
والدكتور مجدي يعقوب أعظم جراحى القلب فى العالم، والذي تم احتضانه ورعايته وتوفير كافة الإمكانات التي تليق بعبقريته في المملكة المتحدة لتستفيد بعلمه الاستفادة القصوي كما لم يحدث علي الإطلاق في بلاده وبين أهله وناسه! ثم سرعان ما عاد إلي وطنه ليمنحه قدراً من علمه فأسس مشفاه بأسوان للعلاج من أمراض القلب علي نفقته الخاصة بجانب التبرعات الخيرية، حيث أبي هذا العالم الجليل بعد سنوات الفراق الطويلة أن يستأثر الغرب به بعد أن أهملته أوطانه، فعاد ليعطيها من علمه ولا يبخل عليها حتي وإن بخلت عليه من قبل.
الدكتورة سميرة موسي عالمة الذرة المصرية التي تبنت فكرة الذرة من أجل السلام، وتوصلت إلي كيفية صناعة القنبلة الذرية من معادن رخيصة في متناول الجميع، والتي كانت آخر رسائلها لوالدها قبل اغتيالها في أمريكا، أنه لو كان بمصر معمل مثل الذي زارته لكان بإمكانها تقديم خدمات جليلة لبلادها في هذا المجال و نيتها إنشاء هذا المعمل علي نفقتها الخاصة قبل أن يداهمها القدر وتقابل وجه كريم.
نهاية:
وبرغم ما تتبناه الدولة المصرية الآن بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي قرر إعلان الحرب علي كافة أشكال الفساد والمحسوبيات وأصدر أوامره المباشرة بمنح الحق لمستحقيه فقط، وإتاحة الفرص أمام من لم يكن لديهم يوماً أمل في الحصول عليها، و سعيه الواضح لإقامة العدل وتحقيق العدالة دون سواها كما لم تشهد بلادنا يوماً من قبل، إلا إنه ما زال هناك من يختبئون بجحورهم ويحتفظون بمناهجهم القديمة لإعاقة ما تسعي لتحقيقه الإرادة الحكيمة لقائدنا النبيل الرئيس السيسي.
فهل نتعاون جميعاً دون خوف لكشف الغطاء عن مثل هؤلاء؟
ألا تتقون الله في بلادكم وتخلصون النوايا وتعقدون العزائم علي إصلاحها وبذل الغالي والنفيس من أجل رفع اسمها عالياً بسواعد ومساعي أبنائها؟.. أم أنكم استسغتم البحث دائماً وأبداً عن الأغراب وأصحاب اللغات الأخرى، لاعتقادكم الخاطئ بأنهم الأفضل! في حين أنهم يتهافتون علي كل متميز ومبدع في مجاله ليستفيدوا به ويوفروا له كافة السبل والإمكانات.
وما زال التاريخ يثبت لنا يوماً بعد يوم أن هناك من كرس كل مجهوداته لمنع الفرص عن مستحقيها ومنحها لغير أهلها عن قصد أو حتي عن جهالة، فالنتيجة واحدة، والخسارة فادحة وإن غفر له الله الذي يغفر الذنوب جميعاً، لن يغفر له التاريخ ولن ينجو بفعلته من لعنات البشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة