سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 24 ديسمبر 1871.. دار الأوبرا فى «العتبة» تقدم «عايدة» لأول مرة بحضور الخديو إسماعيل والأمراء وصفوة المجتمع والأدباء

الجمعة، 24 ديسمبر 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 24 ديسمبر 1871.. دار الأوبرا فى «العتبة» تقدم «عايدة» لأول مرة بحضور الخديو إسماعيل والأمراء وصفوة المجتمع والأدباء  الخديو إسماعيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتظر الخديو إسماعيل بشغف عرض «أوبرا عايدة» أثناء احتفالاته بافتتاح ترعة السويس «هكذا كانت اسم القناة وقتئذ» التى بدأت يوم 17 نوفمبر 1869، لكن الموسيقى الإيطالى «فيردى» لم يكن انتهى من تأليفه للأوبرا، فتأجلت إلى 24 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1871 «حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الأول من كتابه «عصر إسماعيل».
 
تفاعلت الأحداث منذ مرحلة الاستعداد لافتتاح «ترعة السويس»، حتى يوم عرض «عايدة» فى دار الأوبرا التى شيدت خصوصا فى خمسة شهور بتكلفة 160 ألف جنيه، طبقا للرافعى، وأدى هذا التفاعل إلى أن يكون بحوزة تاريخ الفن العالمى هذا العرض الأوبرالى الذى يشهد على محاولات «إسماعيل» لتحديث مجتمع، يصفه «الرافعى» قائلا: «كان المجتمع ميالا إلى المرح والحبور، وكان إسماعيل ذاته طروبا، محبا للتمتع بالملاهى والمسرات، وهذه الميول هى غذاء للنهضة الفنية وخاصة الغناء «الموسيقى» والتمثيل».
 
قصة «أوبرا عايدة» حسب دراسة بنفس العنوان للدكتور وائل إبراهيم الدسوقى فى «بوابة الحضارات الإلكترونية» هى : «قصة حب ملتهبة بين الأسيرة «عايدة» ابنة ملك الحبشة وبين قائد الجيش المصرى «راداميس» وهو فى نفس الوقت زوج ابنة الملك، وحينما حاول «راداميس وعايدة» الهروب إلى الحبشة، وبعد أن أبلغ الكهنة الملك بهروب قائد جنده مع أسيرته تم القبض عليهما، وأمر الملك بإلقاء «راداميس» حيا فى أحد القبور حتى يموت، وهنا تقوم «عايدة» برشوة حارس القبر لتدخل إلى حبيبها الذى فوجئ بها ليموتا معا، إنها قصة صراع الحب والواجب التى تجلت فيها أعظم معانى الإنسانية».
 
بعد اكتمال بناء دار الأوبرا فى «العتبة» وافتتاحها يوم 1 نوفمبر 1969 «احترقت فى 28 أكتوبر 1971» اقترح عالم المصريات الفرنسى «مارييت» على الخديو اختيار قصة من صفحات التاريخ المصرى القديم تصلح كنواة لمسرحية شعرية تقدم الأوبرا، فوافق الخديو لتدور العجلة فى اتجاه «عايدة»، و طبقا لتأكيد «الدسوقى»: «بدأ مارييت فى وضع سيناريو مستوحى من التاريخ المصرى القديم وأطلق عليه اسم عايدة، ليكون هو مؤلفها وقام بنظم أشعارها الشاعر الإيطالى «جيالا نزوك»، وعهد إسماعيل إلى «فيردى» لوضع موسيقاها».
 
يؤكد «الدسوقى» أن «فيردى» بدأ فى مهمته، وأرسل إلى صديقه «موتزى» ليستشيره فى أجره «فأشار عليه فى رسالة خاصة قائلا: «أطلب منهم 4 آلاف جنيه استرلينى لتأليف المقطوعة، وإذا طلبوا منك الذهاب لمباشرة البروفات والتنفيذ اطلب 6 آلاف جنيه»، وبالفعل اتبع «فيردى» نصيحة صديقه وقبل الخديو دفع ثمن تأليف المقطوعة فقط معتقدا أن تنفيذ أول أوبرا مصرية عمل سهل، لكن فريق العمل سرعان ما أيقن ضرورة وجود المؤلف، فرفض فيردى خوفا من الرحلة، وأرسل إلى أحد أصدقائه خطابا ساخرا قال فيه : «إنه يخشى إذا ذهب إلى القاهرة أن يحولونه إلى مومياء».
 
حسم إسماعيل هذه المشكلة بإيداع مبلغ 50 ألف فرنك فى حساب خاص باسم «فيردى» بأحد المصارف، واشترط دفعها إليه بعد نهاية عمله، ولم تلحق «عايدة» بافتتاح «ترعة السويس»، وفى 24 ديسمبر 1871 خرجت إلى النور، و«كان المدعوون من الأمراء وصفوة المجتمع والأدباء من أمثال يعقوب صنوع وغيره، بحسب «الدسوقى».
 
يصف «إلياس الأيوبى» الحفل، فى الجزء الأول من كتابه «تاريخ مصر فى عهد الخديو إسماعيل» قائلا : «قامت مدام بوطسونى، المغنية البديعة الجمال الأسمر بتمثيل دور الأميرة الحبشية، باختيار فيردى نفسه، وبلغ من إتقانهم المظاهر التمثيلية أنهم أنفقوا نيفا «واحد إلى ثلاثة» وخمسمائة وخمسين ألف فرنك، منها 12 ألفا للشعر الصناعى فقط، وذلك خلاف ما أعطى لجوقة آلات الطرب «الأوركسترا» والممثلين «الأرتست» وخلاف ما جاد به كرم «إسماعيل» على الأستاذ فيردى وقدره 150 ألف فرنك».
 
كان نتيجة ذلك حسب رصد الأيوبى: «الجمهور القاهرى وعلى رأسه الخديو وأمراء بيته وأميراته، والباشوات، والسراة، أصبحوا يرون لذة حضور التمثيل المعروف بـ«المليودرام» أى المقترن التشخيص فيه بالغناء- من أشهى لذات الوجود- وأنهم أصبحوا يستقدمون سنويا جوقة أوروبية خصيصا لهذا الغرض، وينفقون عليها مبالغ طائلة تتجاوز حد المعقول، وقدر بعضهم ما صرف على أفراد احدى تلك الجوقات فى شتاء سنة من السنين بمبلغ 12 ألف جنيه، وليس فى تقديره من مبالغة، فإن الممثلة الواحدة من جهة كانت تتقاضى أحيانا ألفا ومائة جنيه فى الشهر خلاف الجواهر والهدايا المقدمة».
 
يذكر «أحمد شفيق باشا» فى الجزء الأول من مذكراته «مذكراتى فى نصف قرن»: «بدأت تفد إلى مصر بعض الفرق السورية، فكان ذلك منشأ المسرح العربى الأهلى، وأول هذه الفرق هى فرقة «سليم النقاش»، تلتها فرقة «يوسف خياط» التى مثلت فى الأوبرا أمام إسماعيل، ولكن التمثيل فى هذا الوقت لم يكن قائما على أصول فنية، لأن المشتغلين به احترفوه من تلقاء أنفسهم دون تعلم لقواعده».  









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة