كلاهما فنان عبقرى من فناني الزمن الجميل الذين يعيشون أطول من أعمارهم ويخلدون بفنهم وأعمالهم فى وجدان وذاكرة الملايين ويتصادف اليوم ذكرى ميلاد أحدهما ووفاة الآخر.
الموسيقار الكبير فريد الأطرش الذى رحل عن عالمنا فى مثل هذا اليوم الموافق 26 ديسمبر من عام 1974، والفنان الكبير كمال الشناوى الذى ولد أيضًا فى مثل هذا اليوم الموافق 26 ديسمبر من عام 1921.
وللوهلة الأولى قد يظن البعض أنه لا شيء أخر يجمع الموسيقار الكبير فريد الأطرش والفنان الكبير كمال الشناوى سوى هذه المصادفة فى تاريخ الميلاد والوفاة، وفى فيلم "رسالة غرام"، الذى كان أو دور شرير لكمال الشناوى ولعب فيه دور يخطف فيه حبيبة فريد الأطرش.
لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن هناك صداقة جمعت بين الأطرش والشناوى، والأخير كان يتمتع بحس فنى وبأكثر من موهبة فنية، حيث كان كمال الشناوى رسامًا محترفًا وتخرج في كلية التربية الفنية، كما التحق بمعهد الموسيقى العربية وبدأ حياته مدرسًا للتربية الفنية والرسم، وبعد احترافه التمثيل لم ينس حبه للرسم وأقام عددًا من المعارض للوحاته فى مصر والخارج وعاد فى أواخر أيامه ليقضى أوقاته مع هواية الرسم.
وقد لا يعرف الكثيرون أن كمال الشناوى كان يهوى الغناء وسعى لكى يكون مطربًا، بل وغنى بالفعل من ألحان الموسيقار الكبير فريد الأطرش، وهو ما نشرت تفاصيله المجلات الفنية فى نهاية الخمسينات تحت عنوان "كمال الشناوى ينتقل إلى دنيا الطرب"
وذكرت الصحف فى هذه الفترة أن الموسيقار فريد الأطرش يلحن لكمال الشناوى أغنية من كلمات الشاعر حافظ إبراهيم عن الوحدة بين مصر وسوريا، مشيرة إلى أن الإذاعة تعاقدت مع الشناوى لتقديم 10 أغنيات.
و كان الشناوى يتمنى أن يصبح مطربًا و كل من سمعه أكد جمال صوته، حيث كان يغنى وهو تلميذ فى حفلات المدرسة وكان مشرفًا على فريق الموسيقى والغناء وهو يعمل مدرسًا للرسم.
وأتيحت الفرصة لكمال الشناوى لدخول مجال السينما من أوسع أبوابها كممثل وليس كمطرب ولكنه فى قرارة نفسه كان يتمنى أن يصبح ممثلا ومطربا، ورغم نجاحه لم يشأ أن يفرض صوته واكتفى بالمشاركة فى دويتوهات قليلة مع الفنانة شادية فى إطار الحبكة السينمائية فى بعض الأفلام، فشارك فى أغان " سوق على مهلك ، ودور عليه تلقاه، ويادنيا زوقوكى".
وبعد إذاعة هذه الأغانى بالراديو انهالت الرسائل على الإذاعة والملحنين والمنتجين لتقترح تقديم كمال الشناوى كمطرب، وهو ماجعل نجم السينما يتحين الفرصة التى يستطيع أن يخرج بها على الجمهور كمطرب.
وعندما قامت الوحدة بين مصر وسوريا عثر الشناوى على قصيدة «سورية ومصر» للشّاعر حافظ إبراهيم فأعجبته، واختار من أبياتها ما يعبّر عن الوحدة، وأسرع بها إلى الموسيقار فريد الأطرش وطلب منه أن يضع لها لحناً يغنيه، ورحّب فريد بالفكرة خاصّة وأنّه سيكون أوّل ملحّن يقدّم لحناً كاملاً لكمال الشّنّاويّ.
وبالفعل انتهى كمال من تسجيل أغنيّته ، التى تدرب عليها وقام ببروفاتها مع فرقة أحمد فؤاد حسن فى منزل فريد الأطرش ،وحضر التّسجيل عدد كبير من مسئولي الإذاعة، وأقبل الجمهور على الشناوى لتهنئته والترحيب به كصوت جديد في دنيا الغناء.
وتحمس فريد الأطرش لصوت كمال الشناوى وأشاد به ، مؤكدا أن له نبرات عذبة حنونة، وسيكون مفاجأة كبيرة في عالم الغناء ودنيا الطّرب.
وأسرع مدير الإذاعة وقتها للتعاقد مع كمال الشناوى على أن يقدم 10 أغنيات فى العام ويختار المؤلف والملحن الذى يرغب فى التعاون معه، ولكن الغريب أن هذا اللحن وتلك الأغنية اختفت فى ظروف غامضة.