- الأطفال لـ "اليوم السابع" : ظروف الحياة دفعتنا للعمل لمساعدة أهالينا ومش هنسيب المدرسة
- منظمة العمل الدولية واليونسيف: عمل الأطفال ارتفع لـ 160 مليون طفل فى أول ارتفاع منذ عقدين
- مدير مكتب منظمة العمل بالقاهرة: العالم تعهد بالعمل لإنهاء أسوأ أشكال عمل الأطفال بحلول عام 2025
- قانون العمل المصرى: حظر تشغيل الأطفال بالأعمال الخطرة
- مسئول ملف الطفل العامل بالتضامن: لدينا 17 مركزًا في 14 محافظة تقدم برامج توعوية وترفيهية للأطفال لدمجهم في المجتمع
أطفال فى عمر الزهور لم يتجاوزوا الثالثة عشر من عمرهم عرفوا للمسئولية طريقا منذ الصغر، فرغم نعومة أظافرهم أجبرتهم الظروف على العمل ليكونوا سندا لأسرهم.
ليست الأرقام الكبيرة وحدها هي المرعبة في الأمر، فهناك تفاصيل أكثر رعبًا، فظاهرة عمل الأطفال التى تنتشر حول العالم وبمصر رغم جهود الحكومة المصرية، تشكل تهديدا حقيقيا لمسيرة ومستقبل هؤلاء الأطفال الحالمين فى ظل الظروف المعيشية التى تحيط بهم ليجدون أنفسهم فى النهاية حائرين بين المسؤلية التى فرضتها الظروف وأحلامهم المستقبلية، فضلًا عن تلك الأخطار التي تهدد صحتهم وسلامتهم الجسدية.
على سبيل المثال، فى محافظة الفيوم في المنطقة الصناعية بكوم أوشيم يتركز فيها أكثر من 300 مصنع، ينتشر فيها عمل الأطفال فى مصانع الطوب والسيراميك والزجاج والمسامير والمنتجات الغذائية، حيث تدفعهم الظروف للعمل فى تلك المصانع برواتب أسبوعية، هكذا تأمرهم الظروف، ولا سبيل سوى الطاعة الكاملة.
قصص واقعية لنماذج من عمل الأطفال
لن تفيدك الصور التي تأتي من هنالك كثيرًا، غير أنك لو قارنتها بصور أقرانهم، ومن في عمرهم ممن لا يحتاجون للعمل، فقد يلمس عقلك ألم ما، فهذا الطفل الذي يستقيظ مبكرًا على نيران أفران الطوب، لم يكن هذا هو الطقس المنتظر في هذا السن، إنه يرى مالايحب ومالا يتوقع ومالم يكن منتظرًا في هذه المرحلة العمرية، التي من المفترض أن تكون الأجمل والأسهل على الإطلاق.
هؤلاء الأطفال لم يعيشوا طفولتهم بسبب انغماسهم فى سوق العمل منذ الصغر، ولكن رغم ذلك أحلامهم تشكلت فى وجدانهم فمنهم من يحلم بأن يكون طبيبا ، ومنهم من يحلم بأن يكون محاميا مدافعا عن الحقوق ، وآخرين حلموا بأن يكون لهم نصيبا فى بناء مستقبل وطنهم وأن يصبحوا مهندسين ، وغيرها من الأحلام والحكايات نستعرضها فى السطور التالية من قصص واقعية من دفاتر عمل الأطفال فى مصر ، رصدها "اليوم السابع" بعد جولة استغرقت يوم كامل فى البحث عن هؤلاء الأطفال بمحافظة الفيوم.
"فتحى" يحلم بأن يكون ضابطا
"بساعد أمى وأبويا فى المصاريف".. هكذا بدأ "فتحى . م" صاحب الـ 13 عاما حديثه لنا حيث كان يجلس وتبدو على ملامحه الفطنة وتحمل المسئولية حينما تقابلنا معه بالفيوم بأحد المراكز المسئولة عن رعاية الطفل العامل بالمحافظة.
وتابع وعيناه لامعتان من فرحة الحديث عن قصته، قائلا: " أعمل فى مصنع طوب منذ ما يقرب من 3 سنوات وشعر بالمسئولية تجاه أسرتى ففكرت فى العمل خاصة وأن شقيقتى الكبرى مريضة وعاجزه عن الحركة ووالدى لا يعمل" .
وعن أحلام صاحب الـ 13 عاما، رد قائلا :"نفسى أطلع ظابط عشان ابقى حاجة كويسة أنفع بيها نفسى وأهلى"، لافتا إلى أنه يحرص على الذهاب للمدرسة ويذهب للعمل 3 أيام فى الأسبوع ، وفى يوم الإجازة يحرص على الذهاب لمركز الطفل العامل الذى يقدم لهم العديد من التدريبات والبرامج التوعوية والترفيهية.
"كريم" : بروح الشغل فى الإجازة ونفسى أطلع محامى
أما "كريم . ع" صاحب الـ 13 عاما هو الآخر يعمل فى مصنع للطوب بالمحافظة ، ولديه 3 أشقاء، ويعمل بمقابل 20 جنيها فى اليوم ويحرص أيضا على المحافظة على التعليم والذهاب للمدرسة .
"صاحب الـ 13 عاما" بدأ حديثه لليوم السابع، قائلا :"بشتغل بقالى فترة كبيرة ونفسى أطلع محامى عشان أدافع عن الناس".
"روان" و "مريم" صانعتا الشيكولاتة يحلمان بالطب والشرطة
بينما كانت تنتظر الشيكولاتة كهدية يومية من أسرتها وجدت "روان" نفسها مضطرة لصنعها بنفسها في عمر12 عاما ، وقالت إنها تعمل فى مصنع الشيكولاته ، موضحة :"بكيس الشيكولاته وأقوم بوضعها فى الكراتين".
تمتزج في عيني روان صور الواقع المؤلم مع تطلعات المستقبل، فتحكي قائلة :"بشتغل عشان أساعد أهلى ونفسى أطلع طبيبة"، فيما قالت "مريم" والتى تعمل أيضا فى مصنع الشيكولاته ، إنها تعمل فى المصنع منذ سنوات ، قائلة:" بروح المدرسة وبقيت فى الصف الثانى الاعدادى وبحلم أكون ضابطه عشان بحب الجيش ونفسى أبقى زيهم أدافع عن بلدى".
"يوسف" لم يعرف للمدرسة طريقا
"يوسف. م" لم يعرف للمدرسة طريقا، ولن يجدي كثيرًا البحث عن الأسباب، قدر محاولة التعامل مع الواقع الآن.. والواقع الآن يقول إنه يعمل باليومية فى جمع المحاصيل الزراعية، حيث إنه يقيم فى منزل بسيط مع أشقائه وترك المدرسة مبكرا لمساعدة أسرته، خاصة وأنه الأكبر بين أشقائه ووالده لا يقدر على العمل لظروف مرضه، ربما ما سبق من كلمات قليلة لخص سبب التسرب من التعليم، وجعل ملامح يوسف وهو يحكي لنا ظروف معيشته واضحة لمن يقرأ، وليس لمن رآه فقط.
وقال "يوسف"، إن أصحاب الأراضى يفضلون عمالة الأطفال لأن أجرهم اليومى قليل، لافتا إلى أنه يستيقظ فى الساعة 5 فجرا للذهاب للأرض الزراعية ليبدأ عمله فى جمع محصول الطماطم .
"منتصر": بشتغل عشان أساعد أمى ومش هبطل أروح المدرسة
هنا "منتصر" يحلم بالانتصار على الظروف الصعبة، ويحكي وعيناه تحمل الكثير من التحدي والرضا بعد الآسى.. يقول منتصر "ربنا اللى عالم بيا وأنا راضى"
بهذه الكلمات ، بدأ "منتصر" صاحب الـ 12 عاما ، حديثه لليوم السابع، حيث أكد أنه خرج للدنيا ولم يجد والده ووجد نفسه يحمل على عاتقه جزء من مسئولية مصاريف البيت .
وأضاف صاحب الـ 12 عاما قائلا :"بشتغل عشان أساعد أمى وجدتى وكمان عشان أختى تكمل تعليمها" ، موضحا أنه يبدأ يومه منذ الصباح الباكر بالذهاب للمدرسة وبعدها يعود لتناول الغداء وبعدها يتحرك لأحد المواقف بمحافظة الفيوم لبيع المناديل .
وتابع وعيناه لامعتان :"العيال فى الشارع بيتريقوا عليا ويقولولى يا منديل وأنا برد عليهم وأقولهم أنا راجل وبشتغل عشان أساعد أمى" ، مضيفا : "راضى الحمد لله ومش هبطل أروح المدرسة عشان بحلم أكون حاجه كبيرة تشرف أمى وتعوض تعبنا وإن شاء الله هدخل كلية الشرطة وأكون ضابطا" .
مراكز الطفل العامل
هؤلاء الأطفال وغيرهم ممن انغمسوا فى العمل مبكرا مما قد يفقدهم عيش طفولتهم، فكان لابد من وجود متنفس لهم ومكان يجدوا فيه حياة الطفولة ، ومن هنا يأتى أهمية مراكز الطفل العامل التى تتبع وزارة التضامن الاجتماعى وتكون منتشرة فى عدد من المحافظات ، خاصة المحافظات المعروف عنها انتشار عمل الأطفال بشكل ملحوظ .
هذه المراكز وما تقدمه من برامج توعوية وترفيهية للأطفال تمثل متنفس الأطفال حيث يجدوا فيها طفولتهم وسط أقرانهم ، إلى جانب أهميتها فى توفير برامج توعية وتدريبية تؤهل هؤلاء الأطفال، وتكون ضامنا لهم لكى لا يتسربوا من التعليم خاصة وأن هذه المراكز قد تقدم دعما للأسر وتساعد الأسرة التى لديها طفل يعمل على البدء فى مشروعات صغيرة وتقدم لهم أيضا برامج تدريبية وتوعوية بأهمية الحفاظ على تعليم أطفالهم وخطورة التسرب من التعليم .
الدكتورة أمانى عبد الفتاح مسئول ملف الطفل العامل بوزارة التضامن الاجتماعى، قالت إن هناك ما يقرب من 17 مركز لرعاية الطفل العامل على مستوى الجمهورية فى 14 محافظة .
وأضافت مسئول ملف الطفل العامل بوزارة التضامن الاجتماعى، فى تصريحات خاصة لليوم السابع، أن مراكز الطفل العامل تقدم للأطفال مجموعة من الخدمات فى مقدمتها الرعاية الصحية وتقديم الخدمات والمساعدات للاطفال وأسرهم ، فضلا عن أنشطة ترفيهية ومعسكرات مختلفة لإكسابهم المهارات المختلفة.
وأشارت إلى أن المراكز أيضا تقدم للأطفال المتسربين من التعليم أنشطة تعليمية بهدف محاولة إعادتهم للتعليم مرة أخرى ، حيث يتم العمل على إدماج الأطفال فى المدارس المجتمعية .
وتابعت أن المراكز تنمى قدرات الطفل وشخصيته من خلال إخصائيين ومدربين على أعلى مستوى ، يقدمون للأطفال توعية كاملة عن العمل وأهمية التعليم قبل العمل ، لافته إلى أن المركز يستثمر وقت فراغ الطفل فى بناء وعية، مضيفة أنه يتم تقديم دعم للأسر التى لديها طفل عامل.
وقالت مسئول ملف الطفل العامل بوزارة التضامن، إن المراكز تنظم رحلات أنشطة رياضية، وتقدم أنشطة تعليمية من خلال فصل محو أمية بالمركز ، وأنشطة فنية وندوات توعية للاطفال وأسرهم وورش تدريبية لتنمية مهارات الأطفال وإكسابهم العديد من الخبرات، فضلا عن تقديم خدمات مالية وعينية في المناسبات لأسر الأطفال العاملين، وخدمات صحية من خلال توجيه الطفل لأقرب مركز صحي أو توقيع الكشف علية بالعيادات الموجودة بالمركز.
وأكدت أن المراكز تنمي مهارات وقدرات الطفل وتكسبه العديد من الخبرات والمعارف من خلال الأنشطة المتنوعة التي تثقل شخصيته من خلال الاخصائيين الاجتماعين والنفسين ومسؤلى الأنشطة ، هذا بالإضافة إلي تبصير الطفل بأضرار العمل في مهن خطرة وحقوقه وأهمية الاستمرار في الدراسة.
التقديرات العالمية حول عمل الأطفال
وفى أول تقرير مشترك بين منظمة العمل الدولية واليونيسيف حول تقديرات عمل الأطفال استندت تقديراته وتم استخلاص بياناته من 106 دراسة استطلاعية تغطي أكثر من 70 بالمئة من سكان العالم لأطفال الفئة العمرية 5–17 سنة، كشف أن عمالة الأطفال تزداد إلى 160 مليون طفل في أول ارتفاع منذ عقدين.
وكشف التقرير، أن عدد الأطفال العاملين في العالم ارتفاع إلى 160 مليون طفل، بزيادة 8.4 مليون في السنوات الأربع الماضية، مع وجود ملايين آخرين معرضين لخطر العمل بسبب آثار كوفيد-19، بحسب التقرير الصادر عن منظمة العمل الدولية واليونيسف.
وحذر التقرير من أن التقدم المحرز نحو إنهاء عمل الأطفال قد توقف لأول مرة منذ 20 عاماً، مما يعاكس الاتجاه السابق الذي سجل انخفاض عدد الأطفال العاملين بمقدار 94 مليون طفل بين عامي 2000 و2016.
ويشير التقرير إلى ارتفاع كبير في عدد الأطفال العاملين ضمن الفئة العمرية 5–11 عاماً، والذين يمثلون اليوم أكثر من نصف الرقم العالمي الإجمالي، فيما ارتفع عدد أطفال هذه الفئة ممن يزاولون أعمالاً خطرة أي أعمالاً يحتمل أن تضر بصحتهم أو سلامتهم أو أخلاقهم بمقدار 6.5 مليون منذ عام 2016 ليصل إلى 79 مليوناً.
ومن النتائج الرئيسية الأخرى التى وصل لها التقرير ، أن قطاع الزراعة يشغل 70 بالمئة من الأطفال العاملين (112 مليوناً) يليه 20 بالمئة في الخدمات (31.4 مليوناً) و10 بالمئة في الصناعة (16.5 مليوناً)، ونحو 28 بالمئة من الأطفال العاملين في الفئة العمرية 5–11 سنة و35 بالمئة من الأطفال العاملين في الفئة العمرية 12–14 سنة هم خارج المدرسة.
كما توصل التقرير إلى أن عمل الأطفال منتشر بين الفتيان أكثر من الفتيات في جميع الأعمار، وإذا حسبنا الأعمال المنزلية التى تمارس لمدة 21 ساعة على الأقل في الأسبوع، فإن الفجوة بين الجنسين تضيق في عمل الأطفال، كما توصل إلى انتشار عمل الأطفال في المناطق الريفية (14 بالمئة) أعلى بثلاث مرات مما هو عليه في المناطق الحضرية (5 بالمئة).
وأكد التقرير أن الأطفال العاملون معرضون لخطر الأضرار الجسدية والنفسية. والعمل يهدد تعليمهم، ويُقيد حقوقهم ويحد من فرصهم في المستقبل، ويؤدي إلى حلقات مفرغة من الفقر وعمل الأطفال بين الأجيال.
ودعت منظمة العمل الدولية واليونيسف إلى توفير حماية اجتماعية كافية للجميع، بما في ذلك منافع شاملة للأطفال، وزيادة الإنفاق على التعليم الجيد وإعادة جميع الأطفال إلى المدرسة — بمن فيهم من كانوا خارج المدرسة قبل كوفيد-19، وتعزيز العمل اللائق للبالغين، حتى لا تضطر الأسر إلى تشغيل أطفالها للمساعدة في تحسين دخل الأسرة، وإلغاء المعايير الجندرية الضارة والتمييز بين الجنسين الذي يؤثر على عمل الأطفال، والاستثمار في أنظمة حماية الطفل، وفي التنمية الزراعية، والخدمات العامة في الأرياف، والبنية التحتية، وسبل العيش.
القوانين والاتفاقيات الدولية
لاشك أن عمل الأطفال لا يهدد حقوق الأطفال ورفاهيتهم فقط ، وإنما يترتب عليه أيضا عواقب اجتماعية واقتصادية وصحية ، فعلى المستوى الوطني ، يتسبب عمل الأطفال في خفص جودة نوعية رأس المال البشري بشكل كبير ، كما يؤدي إلى تباطؤ التنمية الاقتصادية حيث يعرقل تحقيق الأهداف الوطنية الخاصة بالتعليم ، والتنمية الاقتصادية ، والحد من الفقر والقضاء على التهميش الاجتماعي مما يعيق بالتالي تحقيق مصر في المستقبل مما يكرر إنتاج الظاهرة في الجيل الثاني .
وألزمت مصر نفسها بمكافحة عمل الأطفال عندما صدقت على عدد من الاتفاقيات فى مقدمتها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، و اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138 بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام ، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال " ، و اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 129 بشأن تفتيش العمل في قطاع الزراعة .
وتأكد هذا الالتزام من خلال قانون الطفل المصري الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 واللائحة التنفيذية له الصادرة بالقرار رقم 2075 لسنة 2010.، و قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003 ، والقرار الوزاري لوزارة لقوى العاملة رقم 118 لسنة 2003 في شأن حظر اشتغال الأطفال بالأعمال الخطرة ".
وحرصت مصر أيضا على تأكيد التزامها بمكافحة عمل الأطفال وهو ما اتضح من خلال دستور 2014، والذى أكد على حظر عمل الأطفال قبل بلوغ سن التعليم الإلزامي ( المادة 80 ) " ، وضمان الحق في الحصول على التعليم الإلزامي والمجاني ( المادة 19 )، وضمان الحق في الحصول على التدريب الفني والمهني ( المادة 30 )، و توفير الضمان الاجتماعي ( المادة 17 ).
بالإضافة إلى ذلك ، اتخذت مصر ، تحت قيادة وزارة القوى العاملة ، خطوات وإجراءات ملموسة للتصدى لعمل الأطفال تتمثل في إشراك السلطات السياسية والإدارية المختصة والشركاء الاجتماعيين ، من خلال توقيع مذكرة تفاهم مع منظمة العمل الدولية في مايو 2014 لإعداد مسودة خطة العمل الوطنية لمكافحة عمل الأطفال، و تأسيس لجنة توجيهية ثلاثية مكونة من 30 عضوا ممثلا للحكومة ، والشركاء الاجتماعيين والمجتمع المدني .
كما تم تنظیم مشاورات محددة الموضوعات لمعالجة المسائل التي تثير قلق كافة الجهات الفاعلة والعناصر الاجتماعية، و تعزيز القدرات الفنية للجهات الفاعلة القائمة على مكافحة عمل الأطفال ( جهات تقديم الخدمات الفنية ، منظمات أصحاب العمل والنقابات العمالية ) .
و تأكد هذا الالتزام أيضا من خلال الإطار الاستراتيجي والخطة الوطنية للطفولة والأمومة 2018-2030 التى أطلقها المجلس القومى للطفولة والأمومة في مارس 2018 ، وتتضمن عدد من المؤشرات لمواجهة عمل الأطفال، حيث يمثل المجلس الجهة الرسمية المعنية بسياسات الطفولة في مصر ويدير خط نجدة الطفل 16000 ولجان حماية الطفل العامة والفرعية .
وبناء على ما سبق ، فقد صممت خطة العمل الوطنية للقضاء على عمل الأطفال لتوفر للبلاد إطارا متكاملًا وفعالًا لمكافحة عمل الأطفال حيث تشكل الإجراءات والتدابير المتنوعة المختارة الحد الأدنى لمجموعة الأنشطة ذات الأولوية واللازمة للإسهام بفعالية في القضاء على عمل الأطفال بكافة أشكالة، وبالإضافة إلى ذلك ، تعد خطة العمل الوطنية جزءا من رؤية مصر 2030 .
الإطار التشريعى المصرى الخاص بعمل الأطفال
ولو أردنا أن نشير إلى الإطار التشريعى المصرى الخاص بعمل الأطفال ، فلابد التأكيد على أن مصر تمتلك ترسانة قوية من التشريعات ، تتضمن قوانينا وقرارات معتمدة لمكافحة عمل الأطفال من بينها قانون الطفل المصرى رقم 12 لسنة 2003 ، وقانون الطفل المصرى رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 ، واللائحة التنفيذية لقانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 .
قانون العمل رقم 12 لسنة 2003
وعلى سبيل المثال ، يحدد القانون فى المادة رقم "98" عمر تشغيل الأطفال بأربعة عشر سنة ، وتلزم المادة 99 صاحب العمل بضرورة منح الطفل العامل بطاقة تلصق عليها صور الطفل وتعتمد من مكتب العمل ، ويحدد القانون فى المادة رقم 100 منه نظام تشغيل الأطفال والظروف والشروط والأحوال التى يتم فيها التشغيل ، بينما تحدد المادة 101 ساعات العمل المسموح بها ، غير أن القانون يستثني الأطفال الذين يعملون في الزراعة ، كما تلزم المادة 102 صاحب العمل الذي يقوم بتشغيل طفل أو أكثر أن يعلق في مكان ظاهر في محل العمل نسخة تحتوى على الأحكام التى يتضمنها هذا الفصل من قانون العمل وإن يحرر كشفا موضحا به ساعات العمل وفترات الراحة وأن يبلغ الجهة الإدارية المختصة بأسماء الأطفال المعينين لديه والأعمال المكلفين بها واسماء الأشخاص المنوط بهم مراقبة أعمالهم .
القرار الوزارى لوزارة القوى العاملة رقم 118 لسنة 2003
كما يحدد القرار الأعمال والمهن والصناعات التي لا يجوز تشغيل الأطفال فيها إذا قل سنهم عن ثمانية عشر سنة ، وينص تحديدا على 44 عملًا ومهنة وصناعة لا يجوز تشغيل الأطفال بها والتي تتضمن جميع الأعمال المتعلقة باستخراج المعادن والأحجار ، وصهر المواد المعدنية ، وصناعة المفرقعات ، وإذابة الزجاج وإنضاجه ، وصنع الكحول ، والدهان ، وجميع المهن التي يتم استخدام الزئبق فيها وغيرهم .
قانون الطفل المصرى رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون 126 لسنة 2008
وأدخل قانون الطفل ، وهو قانون عام لحماية حقوق الطفل ، عددا من التعديلات لرفع الحد الأدنى لسن استخدام وتشغيل الأطفال، والذى تضمن فى المادة ( 64 ) مع عدم الإخلال بنص الفقرة الثانية من المادة ( 18 ) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنه 1981 ، يحظر تشغيل الأطفال قبل بلوغهم خمس عشرة سنة ميلادية كاملة ، كما يحظر تدريبهم قبل بلوغهم ثلاث عشرة سنة ميلادية ، ويجوز بقرار من المحافظ المختص ، بعد موافقة وزير التعليم ، الترخيص بتشغيل الأطفال من سن اثنتي عشر سنة إلى أربع عشرة في أعمال موسمية لا تضر بصحتهم أو نموهم ولا تحل بمواظبتهم على الدراسة .
والمادة ( 65 ) جاء فيها: يحظر تشغيل الطفل في أي من أنواع الأعمال التي يمكن ، بحكم طبيعتها أو ظروف القيام بها ، أن تعرض صحة أو سلامة أو أخلاق الطفل للخطر، ويحظر بشكل خاص تشغيل أي طفل في أسوأ أشكال عمل الأطفال المعرفة في الاتفاقية رقم 182 لسنة 1999، ومع مراعاة ما هو منصوص عليه في الفقرة الأولى تبين اللائحة التنفيذية لهذا القانون نظام تشغيل الأطفال والأحوال التي يجوز فيها التشغيل والأعمال والحرف والصناعات التي يعملون بها وفقا لمراحل السن المختلفة .
المادة (65) مكررا جاء فيها يجرى الفحص الطبي للطفل قبل الحاقة بالعمل للتأكد من أهليته الصحية للعمل الذي يلحق به ، ويعاد الفحص دوريا مرة ، على الأقل ، كل سنة ، وذلك على النحو الذي تبينه اللائحة التنفيذية وفي جميع الأحوال يجب الا يسبب العمل آلاما او أضرارا بدنية او نفسية للطفل ، أو يحرمه من فرصته في الانتظام في التعليم والترويح وتنمية قدراته ومواهبه ، ويلزم صاحب العمل بالتامين عليه وحمايته من إضرار المهنة خلال فترة عمله ، وتزداد إجازة الطفل العامل السنوية عن إجازة العامل البالغ سبعة أيام ، ولا يجوز تأجيلها او حرمانه منها لأى سبب .
المادة ( 66 ) لا يجوز تشغيل الطفل أكثر من ست ساعات في اليوم ، ويجب أن تتخلل ساعات العمل فترة أو أكثر لتناول الطعام والراحة لا تقل في مجموعها عن ساعة واحدة ، وتحدد هذه الفترة أو الفترات بحيث لا يشتغل الطفل أكثر من أربع ساعات متصلة .
ويحظر تشغيل الأطفال ساعات عمل إضافية أو تشغيلهم في أيام الراحة الأسبوعية أو العطلات الرسمية ، وفي جميع الأحوال لا يجوز تشغيل الأطفال فيما بين الساعة السابعة مساء والسابعة صباحا .
اللائحة التنفيذية لقانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 تحدد المادة 135 من اللائحة التنفيذية لقانون الطفل 26 عملا ومهنة وصناعة لا يجوز تشغيل الأطفال دون سن 18 عاما بها والتي تتضمن أعمال المحاجر ، إذابة الزجاج وإنضاجه ، وصناعة المفرقعات ، وتفضيض المرايا بواسطة الزئبق ، وغيرها من المهن والأعمال التي يرجح أن تؤدي إلى الإضرار بصحة الأطفال أو سلوكهم الأخلاقي .
النطاق الجغرافى لعمل الأطفال فى مصر
وفقا للمسح القومى لعمل الأطفال فى مصر الذى أجراه الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء والبرنامج الدولى للقضاء على عمل الأطفال فإن هناك 1.6 مليون طفل ما بين 12 لـ 17 سنة يعملون فى مصر أى ما يوازى 9.3 من الأطفال وهو ما يمثل طفل من بين كل عشرة أطفال.
والنطاق الجغرافي للمشكلة وخصائصها يتضح أن معدل عمل الأطفال في مصر هو أعلى بكثير في المناطق الريفية عنه في الأجزاء الحضرية من البلاد، ويبلغ ذروته في المناطق الريفية بصعيد مصر ، يتبعها في ذلك المناطق الريفية بالوجه البحري ثم المحافظات الريفية الواقعة على الحدود
وبالنسبة للحضر ، تسجل المناطق الحضرية بصعيد مصر أعلى نسبة لعمل الأطفال ، ويتبعها في ذلك المناطق الحضرية بالوجه البحري والمحافظات الحضرية ، غير أن الأمر الذي يبرز بوضوح في المسح القومي لعمل الأطفال هو أكثر أنماط الأعمال الخطرة شيوعا والتي يشتغل بها الأطفال في مصر وهي الزراعة ( 63 % ) ، والعمل في المواقع الصناعية مثل التعدين والتشييد والصناعات التحويلية ( 18.9 ٪ ) ، فضلًا عن قطاع الخدمات ( 17.6 % )
متى سيتم القضاء على عمل الأطفال؟
هذا التساؤل، أجاب عنه إيريك أوشلان مدير مكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة، حيث أكد أن القضاء على ظاهرة عمل الأطفال من أبرز الأهداف التي أقرتها منظمة العمل الدولية، وتم إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام أنه "العام الدولي للقضاء على عمل الأطفال" للتشجيع على اتخاذ الإجراءات التي من شأنها المساعدة على إنهاء عمل الأطفال حيث أنه العام الأول بعد التصديق العالمي على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 لعام 1999 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال، ويتزامن مع استمرار أزمة كوفيد- 19التي تهدد بتراجع سنوات من التقدم في معالجة ظاهرة عمل الأطفال.
وأضاف مدير مكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة، أن العالم تعهد بالفعل بالعمل لإنهاء أسوأ أشكال عمل الأطفال بحلول عام 2025، ويجب أن يكون هذا العام هو اللحظة التي يتم فيها اتخاذ خطوات جادة في هذا الالتزام، ولذا فهذا العام يعدّ فرصة لتضافر جهود الحكومات وأصحاب العمل والعمال للنهوض من أجل تحقيق الهدف 7 و 8 من أهداف التنمية المستدامة لإنهاء أسوأ أشكال عمل الأطفال بحلول عام 2025 الذي ينص على اتخاذ تدابير فورية وفعّالة للقضاء على العمل الإجباري والاتجار بالبشر والقضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال.
و أشار أوشلان، إلى أنه وفقاً لإحصاءات منظمة العمل الدولية، يُقدر عدد الأطفال العاملين بأكثر من 160 مليون طفل، منهم 79 مليون من يعملون في أعمال خطرة، وهؤلاء الأطفال هم الآن أكثر عرضة لخطر مواجهة ظروف أكثر صعوبة والعمل لساعات أطول؛ حيث يتعين عليهم المساهمة في دخل الأسرة في سن مبكرة جدًا، لكننا يمكن أن نحمي الأطفال من عمل الأطفال من خلال تطوير السياسات والإجراءات واتخاذ القرارات المناسبة لتنفيذها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة