شعر محمد صلاح بالغبن بعد نتيجة مسابقة الكرة الذهبية ، التي أقيمت في باريس منذ عدة أيام ، التي تقدمها مجلة " فرانس فوتبول " ، بعد أن جاء ترتبيه في المركز السابع ، وشعر المصريون بالصدمة حين تم تسريب التصويت على الجائزة ، واكتشفوا أن أصواتا عربية لم تمنح صوتها لصلاح ، وهم ممثلوا تونس ولبنان والجزائر وسوريا والصومال وموريتانيا ، الذي يعتبره غالبية العرب فخرا لهم ، وصلاح محق في صدمته ، وهو ما عبر عنه بتسلم السيدة حرمه للجائزة بينما هو حاضر في الحفل ، والمصريون محقون أيضًا ، لأنهم يتوقعون دائمًا من أبناء الدول العربية الشقيقة أن يحملوا نفس مشاعر التفضيل لانتمائهم العربي ، وهذا في النهاية أمر يخص كل من صوت على حدا ، لأن كل منهم له حساباته الخاصة ، التي ربما يكون البعض فيها يريد أن يثبت حياده ، حتى ولو على حساب العدل . وربما لا يريد البعض أن يعلو نجم مصري ، ولا يخجل أن يردد البعض أليس هناك سوى مصر والمصريين ؟
لكن هذه هي الحياة ، فكثير من النفوس لا يحركها العدل ، ولا يحركها الانتماء ، وما حدث لا يقلل من القيمة العالمية لمحمد صلاح ، بل يقلل من قدرة هؤلاء على الارتفاع عن مشاعرهم أو حساباتهم الخاصة . لقد غضب المصريون من الأصوات العربية المخذية ، لكنهم لم يغضبوا لأكثر من أربعين صوتا أفريقيا ، لأن الرابط العربي أكبر بكثير من الرابط الأفريقي ، وهذا لا يعني أن المشاعر وحدها هي الفيصل ، لكن من المؤكد أنها أحد العوامل .
لقد مَّن الله على محمد صلاح بنعم كثيرة ، لعل أبرزها إصراره وبذل الجهد لتطوير نفسه ، فكيف لهذا المصري البسيط الذي ينتمي لقرية في ريف مصر أن يستولي على قلوب الإنجليز ، وأن يحقق نجاحًا لم يسبقه إليه أحد ؟ وكيف حافظ على هذا النجاح لسنوات ليست قليلة ؟
محمد صلاح ليس لاعب كرة ناجح ومتفوق فقط ، لكنه رجل يعرف طريق الخير جيدا ويسعى إليه ، ومعروف للجميع ماذا قدم لقريته ، وماذا قدم لبلده مصر ، وكيف أخلص في عطاءه ، كما أنه قدما نموذجًا إنسانيًا رائعًا ، باستقامته وحسن خلقه ووطنيته وانتمائه لوطنه، فأصبح مثل أعلى ليس لشباب مصر ولا الوطن العربي فقط ولكن لكل شباب العالم.
مازال صلاح في سن يمكنه من الحصول على جوائز يستحقها عن جداره ، ومازال أمامه مستقبل واعد ، يجعله يسجل اسمه بحروف من نور ، لكن أبناء وطنه العربي الذين خذلوه لن يذكرهم أحد ولن يتذكر حتى أسماؤهم التي لا تهم أحد ، ولن تؤثر سلبا في مسيرة حياة هذا البطل ، سوى أنها ستزيده إصرارا وهو يملك منه الكثير ، وهذا ما ستثبته الأيام .