قصة المطرب الراحل على حميدة، تصلح نموذجا لطريقة عمل «التريند»، حتى قبل أن يحمل الأخير هذا الاسم فى عصر الاتصالات والمعلومات، فقد كانت أغنية واحدة كافية لتضع على حميدة على قمة الشهرة، واحتلت أغنية «لولاكى» صدارة المشهد فى ظل سيادة شرائط الكاسيت، التى مثلت ثورة فى كل الاتجاهات، وساهمت فى صناعة نجومية مطربين ودعاة وخطباء.
بدأ «عصر الكاسيت» فى منتصف السبعينيات من القرن العشرين، وأصبح هو صانع النجومية وبداية عصر الشهرة الواسعة لعشرات من النجوم فى كل المجالات، وفى العالم كله، وهو بداية عصر عولمة الأغنية والنجومية للفرق والأفراد، اجتاحت فرق «الروك» العالم، بدءا من البيتلز والآبا وكوين وغيرها، كما أشهر مطربين مثل جون ترافولتا، كما عرفت مصر مطربين لمعوا بعد رحيل الكبار من أمثال أم كلثوم وحليم، وكان أحمد عدوية هو نجم عصر الكاسيت، فى السبعينيات، ثم ظهر محمد منير، وعلى الحجار، وعمرو دياب، إيهاب توفيق، وفرق مثل المصريين، ولمع ملحنون يقدمون خليطا من موسيقى الشرق والغرب.
أصبحت الأغنية الرئيسية فى السيارات العامة والخاصة، والميكروباص، والشوارع والأفراح والفنادق، وتصدرت لأعوام تالية من نهاية الثمانينيات حتى منتصف التسعينيات من القرن العشرين، وبـأغنية واحدة أصبح على حميدة نجما، بموسيقى جديدة لحميد الشاعرى، الذى مثل هو الآخر إحدى نقلات الموسيقى لمطربين مختلفين، حيث ظهر «الشاعرى» قبل خمس سنوات من «لولاكى» وأصدر عدد من الألبومات بصوته، لقى بعضها نجاحان وأيضا عمل مع محمد منير، وقدم نحو 16 ألبوما، نجحت بعضها، واحتل «الشاعرى» مكانا مميزا، قبل أن يخفت مع الألفية ليعود بعد سنوات،
لكن اللافت فى مسيرة على حميدة، أنه لم يتجاوز شهرة «لولاكى»، التى تصدرت الساحة لسنوات، ووزعت 6 ملايين نسخة، وسمعت ملايين المرات، وقدم فيلما بنفس الاسم لكنه لم يلق نجاحا، وكرر التجربة، ثم اختفى من الساحة بعد سنوات أصبح فيها نجم الكازينوهات والأفراح، وأصدر ألبومات لم تنجح أيضا وتراجعت شهرته.
«لولاكى» أغنية عملت «فرقعة»، وغيرت المزاج بألحانها وصوت على حميدة المميز، لكنها تجاوزت الكثير مما كان مطروحا فى نهاية الثمانينيات، لكنه توقف عندها ولم يتجاوزها، ولم ينجح فى استثمار نجاحه، واختفى قبل أن يظهر مؤخرا مريضا ليرحل تاركا نموذجا لانفجار الشهرة، وتراجعها من دون أسباب واضحة، حيث تكون الشهرة نتاجا لتفاعلات التوقيت والظروف والحال.
لقد استمر نجوم الغناء الذين سبقوا ظهور على حميدة، أو ظهروا فى التوقيت نفسه، واستمر بعضهم حتى الآن، ويصلح نموذجا، لولادة «التريند» وتراجعه من دون أسباب واضحة.
أحدثت أغنية «لولاكى» ثورة فى عالم الأغنية العربية لموسيقى الجيل بأكثر من 6 ملايين نسخة، وتجاوزت مصر والعالم العربى، إلى العالم لتصبح «تريند»، لكنه لم يستطع الاستمرار فى سياق الشهرة ذاته، وهو حالة تحتاج لدراسة، مثل كثير من النجوم ظهروا وفرقعوا ثم اختفوا، وكانت هذه من علامات الثمانينيات، التى يبدو أنها كانت مقدمة لعصر يصنع نجوما بسرعة ويحرقهم بأسرع مما جرى مع على حميدة، الذى رحل ومعه تفاصيل مولد نجم وأفوله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة