تمر اليوم الذكرى الـ570 على تولى السلطان محمد خان الثانى الشهير بـ محمد الفاتح، سلطانا عثمانيا للمرة الثانية وذلك فى 19 فبراير عام 1451، وهو سابع سلاطين آل عثمان وخامس من تلقب بلقب سلطان بينهم بعد والده مراد وجده محمد الأول وجداه بايزيد ومراد، وثانى من لقب بالـ"ثانى" من سلاطين آل عثمان، وأول من حمل لقب "قيصر الروم" من الحكام المسلمين عموما والسلاطين العثمانيين خصوصا.
وبحسب كتاب "الغرر الحسان فى تواريخ حوادث الزمان" للمؤرخ حيدر بن أحمد الشهابى، فإن محمد الثانى على جلس عرش الدولة العثمانية مرتين: الأولى بعيد وفاة شقيقه الأكبر علاء الدين واعتزال والده مراد الحياة السياسية بعد تلقيه هزيمة نكراء على يد تحالُف صليبى، فانقطع للعبادة فى تكيَة مغنيسية وترك شئون الحكم لولده، وفى تلك الفترة كان السلطان الجديد ما يزال قاصرا، فلم يتمكن من الإمساك بمقاليد الحكم إمساكا متينا، لا سيما أن الدوائر الحاكمة فى أوروبا استغلَت حداثة سن السلطان ففسخت الهدنة التى أبرمتها مع والده، وجهزوا جيوشا لمحاربة الدولة العثمانية، فأُجبر السلطان مراد على الخروج من عزلته والعودة إلى السلطنة لإنقاذها من الأخطار المحدقة بها، فقاد جيشا جرارا والتقى بالعساكر الصليبية عند مدينة وارنة (فارنا) البلغارية وانتصر عليها انتصارا كبيرا، ثم عاد إلى عزلته لكنه لم يلبث بها طويلًا هذه المرة أيضا، لأن عساكر الإنكشارية ازدروا بالسلطان محمد الفتى، وعاثوا فسادا فى العاصمة أدرنة، فعاد السلطان مراد إلى الحكم وأشغل جنوده بالحرب فى أوروپا، وبالأخص فى الأرناؤوط، لإخماد فتنة إسكندر بك الذى شق عصا الطاعة وثار على الدولة العثمانية، لكن المنية وافت السلطان قبل أن يتم مشروعه بالقضاء على الثائر المذكور، فاعتلى ابنه محمد العرش للمرة الأُخرى، التى قدر لها أن تكون مرحلة مهمة فى التاريخ العثمانى.
وبعد وقوع بايزيد فى أسر تيمورلنك وموته فى محبسه، ضربت الفوضى الدولة العثمانية، فتحارب أبناؤه حتى تغلب أحدهم - محمد الأول - وقتل أخوته المنافسين، بل قيل إن محمد الفاتح نفسه حين تولى السلطنة، أمر بخنق أخ له رضيع، وهى واقعة صحتها محل جدل، وإن كان محمد فريد بك-المعروف بانتمائه العثمانى- ذكرها فى كتابه "تاريخ الدولة العلية العثمانية".
فى سياق آخر قال المؤرخ ادوارد شيبرد كريسى فى كتابه تاريخ العثمانيين الأتراك أن كل أهل القسطنطينية تحولوا إلى رقيق وعبيد وتم بيعهم جميعاً فى أدرنة وما حولها وذهب فى وصف السلطان وجيشه وصفاً مروعاً لا يمكننا عرضه فى هذا الموضع، وذهبت الموسوعة الأميركية نسخة 1980 مذهب اخف، وأكدت على أن السلطان قام باسترقاق كل مسيحى القسطنطينية، وباعهم فى المدن المجاورة بأبخث الأثمان، ويضيف جون هاسلب فى كتابه سقوط القسطنطينية ألى أنه قد تمت سرقة كنوز القسطنطينية كلها وتم افراغ القصر الامبراطورى من موجوداته وتم الاعتداء على الأميرات.
وبحسب دراسة للباحث نافع شابو "فإنه عند دخول الجيش العثمانى القسطنطينية (1453 م)، انتشر القتل فى كل مكان منها، وكَثُر النهب والاغتصاب، ومن الممكن القول إن البسالة التى أبداها الجنود في الهجوم انقلبت إلى تلذذ وحشى واستباحة مطلقة، وهو ما يتفق مع عدد من الدراسات التى أكدت أن السلطان العثمانى السابق، قام أثناء فتح القسطنطينية، بقتل ملايين المسيحين وبيع الآخرين فى أسواق الرقيق، واغتصب جنوده النساء، وتم قتل آلاف الأطفال.