من المرتقب أن يشهد مجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق الفترة القادمة تفعيلًا قويًا لاختصاصاته وصلاحياته، بعد أن يصدق الرئيس عبد الفتاح السيسي علي مشروع قانون بإصدار اللائحة الداخلية للمجلس والتي وافق عليها مجلس النواب نهائياً في جلساته الاخيرة، لاسيما وتشكيل اللجان البرلمانية البالغ عددها 14 لجنة، والتي تعد بمثابة "مطبخ المجلس النيابي".
ولكن ما هي اختصاصات وصلاحيات مجلس الشيوخ كغرفة ثانية للبرلمان وهل له دور رقابى؟ للإجابة علي هذه التساولات نستعرض المادتان السابعة والثامنة من القانون رقم 141 لسنة 2020، وهما المأخوذتان نصاً في مشروع قانون اللائحة، حيث تقضي المادة (7) بأن مجلس الشيوخ يختص بدراسة واقتراح ما يراه كفيلاً بإرساء دعائم الديمقراطية، ودعم السلام الاجتماعى والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة، وتعميق النظام الديمقراطي، وتوسيع مجالاته، فضلا عن المادة (8) لتشير إلي أنه يؤخذ رأي المجلس في 5 نقاط علي سبيل الحصر، أولها الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، والثانية مشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، أما الثالثه فهي معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة، والرابعة هي مشروعات القوانين ومشروعات القوانين المكملة للدستور التي تحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب، وأخيراً ما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها في الشئون العربية أو الخارجية، كما أوجبت على مجلس الشيوخ أن يبلغ رئيس الجمهورية ومجلس النواب برأيه،وجاء مشروع اللائحة الداخلية بالفعل ليستعرض تفصيلا آليه تعرض المجلس لكل بند من البنود السالف ذكرها.
أما علي الجانب الرقابي فيؤكد الدكتور صلاح فوزي أستاذ القانون الدستوري في تصريحة لـ"اليوم السابع"، تمتع مجلس الشيوخ بما يسمي بالرقابة التعاونية، ممثله في أداتي " اقتراح برغبة" و"طلب مناقشه عامة، وذلك في ضوء تطبيق الإحالات الدستورية للمواد 132 و133 بباب السلطة التشريعية، مشيرا إلي أن هاتين الوسيلتين لا تتعارض مع النص القانونى الذى يقضى بعدم وجود مسؤلية للحكومة أمام "الشيوخ".
ويوضح فوزي أن هذا النوع من الرقابة يبتعد كثيراً عن الرقابة التي تهدف إلي إقامة المسؤولية حيث أن الأداتين (طلب المناقشة، الاقتراح برغبة) يصنفان كرقابة تعاونية وليس المقصود بأي منهما إقامة المسئولية.
ويشير فوزي إلي أن الرقابة التي لا تنطبق علي مجلس الشيوخ، هي "التقليدية" التي تتنوع فيها الأدوات الرقابية من السؤال وطلبات الإحاطة وصولاً إلي سحب الثقه، لان هذا النوع يمكن أن يرتب مسئولية سياسية.
وفي هذا الصدد جاءت مواد مشروع اللائحة في الباب الخامس لتتناول تفصيلا الرقابة البرلمانية لمجلس الشيوخ، وفي مقدمتها "طلب المناقشة العامة" حيث أجازت لعشرين عضوًا على الأقل طلب مناقشة موضوع عام لاستيضاح سياسة الحكومة فى شأنه، ويقدم طلب المناقشة العامة إلى رئيس المجلس كتابةً، ويجب أن يتضمن تحديدًا دقيقًا للموضوع، والمبررات والأسباب التى تبرر طرحه للمناقشة العامة بالمجلس، واسم العضو الذى يختاره مقدمو الطلب لتكون له أولوية الكلام فى موضوع المناقشة العامة.
ويدرج مكتب المجلس طلب المناقشة العامة فى جدول أعمال أول جلسة تالية لتقديمه، وللمجلس أن يقرر دون مناقشة، استبعاد الطلب من جدول أعماله لعدم صلاحية الموضوع للمناقشة، وذلك بعد سماع رأى واحد من المؤيدين للاستبعاد، وواحد من المعارضين له، ويجوز بناء على طلب الحكومة أن يقرر المجلس مناقشة الموضوع فى ذات الجلسة.
ووفقا لمشروع اللائحة، إذا تنازل مقدمو طلب المناقشة العامة أو بعضهم عنه كتابة بحيث قل عددهم عن العدد اللازم لتقديمه، بعد إدراجه بجدول الأعمال أو بعد تحديد موعد للمناقشة فيه، استبعد المجلس أو رئيسه بحسب الأحوال. ويعتبر من يتغيب من مقدمى الطلب بغير عذر مقبول عن حضور الجلسة المحددة للمناقشة، متنازلًا عن الطلب.ولا تجرى المناقشة إذا قل عدد الأعضاء مقدمى الطلب طبقا للأحكام السابقة عن العدد اللازم لتقديمه، إلا إذا تمسك بالمناقشة عدد من الأعضاء الحاضرين يستكمل العدد المذكور.
وحسب مشروع اللائحة للمجلس أن يقرر، فى جميع الأحوال، إحالة موضوع طلب المناقشة إلى اللجنة المختصة لبحثه وتقديم تقرير عنه.
ويشير مشروع اللائحة إلي أن الاقتراحات التى تقدم من الأعضاء بعد المناقشة تحال إلى اللجنة التى يدخل فى اختصاصها موضوع المناقشة لبحثها وإبداء الرأى فيها، ولا يجوز التصويت على هذه الاقتراحات إلا بعد عرض رأى اللجنة على المجلس، و التوصيات والاقتراحات التى يوافق عليها المجلس فى شأن طلبات المناقشة تخطر بها الحكومة لمراعاة تنفيذها فى ضوء سياستها العامة.
كما تناولت مشروع اللائحة تفصيلا "الاقتراح برغبة"، حيث اتاحت لكل عضو إبداء اقتراح برغبة فى موضوع يدخل فى اختصاص المجلس إلى رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم. ويقدم الاقتراح كتابةً لرئيس المجلس مرفقًا به مذكرة إيضاحية توضح موضوع الرغبة واعتبارات المصلحة العامة المبررة لعرض الاقتراح على المجلس.
وأكد مشروع اللائحة، لا يجوز أن يتضمن الاقتراح أمرًا مخالفًا للدستور، أو القانون، أو عبارات غير لائقة، أو ماسة بالأشخاص أو الهيئات، أو يخرج عن اختصاص المجلس، واتاحت لرئيس المجلس حفظ أى اقتراح لا تتوافر فيه الشروط السابقة، وإخطار مقدم الاقتراح كتابة بقرار الحفظ وأسبابه، وله أن ينبه عليه بعدم التكلم فيه، فإذا أصر العضو على وجهة نظره، عرض الرئيس الأمر على اللجنة العامة للمجلس.
ووفقا للمشروع، يحيل رئيس المجلس مباشرة إلى اللجنة المختصة الاقتراحات المقدمة من الأعضاء طبقا لأحكام المادتين السابقتين لبحثها، ولهذه اللجنة أن تطلب من رئيس المجلس إحالتها إلى الوزارات والجهات المختصة للرد عليه قبل إعداد تقريرها وعرضه على المجلس.
وخلال مناقشة الاقتراح برغبة، يكون للعضو مقدم الاقتراح برغبة أولوية الكلام فى الجلسة التى أدرج التقرير عن اقتراحه فى جدول أعمالها. ويجوز لرئيس المجلس أن يأذن لأحد المؤيدين للاقتراح وأحد المعارضين له بالكلام قبل أخذ رأى المجلس فى تقرير اللجنة.
ووفقا لمشروع اللائحة، إذا تبين الرئيس المجلس، من سير المناقشة فى تقرير اللجنة عن الاقتراح، ضرورة استكمال بعض الجوانب المتعلقة بدراسته، تطبق فى شأن التقرير أحكام المادة ( 87 ) من هذه اللائحة.
وأجاز مشروع اللائحة لكل عضو قدم اقتراحا برغبة، أن يسحبه بطلب كتابى يقدمه لرئيس المجلس قبل إدراج تقرير اللجنة عن اقتراحه بجدول أعمال المجلس. وفى هذه الحالة لا يجوز للمجلس أن ينظر فيه إلا إذا طلب رئيس اللجنة أو أحد الأعضاء الاستمرار فى نظره وأيده فى ذلك عشرة أعضاء على الأقل.
وتسقط الاقتراحات سالفة الذكر بزوال عضوية مقدميها، كما يسقط ما يبقى منها فى اللجان حتى بداية دور الانعقاد التالى، وذلك ما لم يتقدم مقدمو هذه الاقتراحات بطلب كتابى لرئيس المجلس خلال ثلاثين يوما من بداية دور الانعقاد بتمسكهم بها، ويحيط رئيس المجلس اللجنة علمًا بهذه الطلبات لاستئناف نظرها. وفى جميع الأحوال، تسقط هذه الاقتراحات بنهاية الفصل التشريعى.
وحسب مواد اللائحة، تخطر الحكومة بما انتهى إليه رأى المجلس فى شأن الاقتراحات برغبات، لمراعاة تنفيذها فى ضوء سیاستها العامة.