يُعد التعليم أهم ركيزة فى منظومة بناء الإنسان فى إطارها الحديث، وهنا تداركت القيادة السياسية الأمر خلال السنوات الـ6 الماضية، وقررت أن تكون على أهبة الاستعداد للتحولات الكبيرة التى يشهدها العالم بفعل التكنولوجيا، وتجلت رؤية مصر بضرورة إنشاء دولة حديثة ومتطورة لمواكبة العالم وما يجرى به من تغيرات من خلال تنفيذ فلسفة جديدة ومشروع وطنى يقوم على التعامل مع العملية التعليمية كاستراتيجية شاملة علميا وتربويا وثقافيا وتقنيا، للوصول إلى مرحلة فهم حقيقية وتنمية إبداع حضارية.
ورغم اتفاق الجميع على ضرورة التغيير والتحديث، فما زال هناك من يهاجم المنظومة الجديدة، لدرجة أن هؤلاء المعارضين كانوا ينادون سابقا بضرورة التطوير ومجابهة الظواهر الغير حميدة كالاعتماد على الحفظ والتلقين فى المناهج والدروس الخصوصية وطرق وكيفية الامتحانات، وعندما قامت الدولة بهذا التطوير، طوعوا أنفسهم للانتقاد بدعوى الوطنية والفهم والقلق على مستقبل الطلاب، وهذا ما يثر علامات استفهام كبيرة.
والعجيب، أن الكل يعلم تماما أن الأرض كانت غير ممهدة والأحوال التعليمية كانت متردية في السابق، إلا أننا نجد الآن أيضا من يقاتل لمحاربة كل تطوير، وخاصة على مواقع السوشيال ميديا، فأصبحنا أمام سيل من الشائعات اليومية وعقب كل قرار يتخذه الوزير طارق شوقى، لدرجة أن أصبح لوزارة التعليم ووزيرها الجرىء نصيب الأسد من هذه الشائعات والحرب المضللة.
وتناسوا هؤلاء أيضا، أن ثمار هذا التوجه وهذا التطوير تحققت على أرض الواقع، فعلى سبيل المثال، لم تتوقف الدراسة ولم تغلق المدارس، ولم يضير الطلاب فى التحصيل، رغم جائحة كورونا العالمية والتى أجبرت دولا عظمى فى غلق مدارسها حتى الآن، فلولا توجه الدولة منذ 2016 وإصراها على تطوير العملية التعليمية باستخدام سياسات الذكاء الاصطناعى والرقمنة والتعليم التفاعلى لكان أبنائنا فى كارثة حقيقية لا يعلم مداها إلا الله.
إضافة إلى أن التوجه نحن التعليم عن بُعد من خلال المنصات الرقمية وبنك المعرفة وكافة الوسائل التقنية، لم تقتصر فائدته فى زمن كورونا فقط، بل هو مطلب ضرورى وإجبارى لمواكبة الحداثة، ولهذا وجب استحداث أنشطة محوسبة تفاعلية، بالفعل أدت إلى تحسين مستويات الطلاب في مهارات القراءة والكتابة والحساب، بعد أن تم تطبيق التعليم التفاعلى القائم فى شكل أنشطة وألعاب تفاعلية هادفة وجذابة، مدعمة بعناصر الصوت والصورة والحركة سمحت للطالب بالتعلم وفق قدراته الخاصة، ليكون هذا بديلا عن التعليم التقليدى للطالب يعتمد على التلقين والحفظ ولا يحاكي الإبداع.
لذا.. نتوجه بنداء وطنى لكل ولى أمر طالب، أن يعلم أن تطوير التعليم، هو الركيزة الأولى فى بناء الإنسان المصرى، وأن من الضرورى نجاح منظومة التعليم الجديدة، لأن ببساطة القيادة السياسية فى طريقها بقوة لبناء دولة عصرية حديثة فى كافة المجالات الصحية والخدمية والزراعية والمعمارية، فكيف نسعى إلى الحوكمة والرقمنة ونترك تعليمنا تقليديا مفتقدا للحداثة!!!، أليس طلابنا هم من سيقودون هذه المجالات بعد تخرجهم!!!!!!!، أم نكون مثل الراقص على السُلم، فنقوم بتطوير كافة المجالات ثم نزج بخريجين غير مؤهلين لسوق العمل فى هذه المجالات فيصبح كل ما تفعله الدولة هباءً منثورا.
ورجاء عدم الالتفات إلى هذه الدعوات المغرضة التى يقينا يقف وراؤها أصحاب مصالح خاصة هدفهم منظومة متردية لتستمر مصالحهم، لأنه ليس من المعقول أن نكره ونحارب رؤية هدفها إصلاح ما أفسدته العقود الماضية والقضاء على عدة ظواهر ضيعت علينا فرصا وكانت سببا فى إراقة دم العملية التعليمية في الماضى، بل التهمت قوت المصريين لسنوات طوال، وخلقت تعليما موازيا فى المجتمع بطرق ظلامية وجشعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة