احتياطي نقد أجنبى لا يتجاوز ربما 17 مليار دولار، انهيار في مرافق المياه والكهرباء والصرف الصحى، غياب شبه تام للأمن، انهيار في قطاع السياحة، حدود مستباحة للمهربين والإرهابيين، سيناء بيئة خصبة للتكفيريين، انهيار صناعى غير مسبوق، وسائل نقل ومواصلات متهالكة، فوضى فى الإضرابات والاعتصامات العمالية، فوضى في الاحتجاجات الشبابية غير المنطقية أو المبررة، البلطجية يسيطرون على الساحة، يعتدون على المواطن العادى ورجل الشرطة، مؤسسات الدولة مستباحة، في مقدور أى تافه أن يشوه القضاء والقضاة، المؤسسة العسكرية ورجالها، الداخلية وأفرادها، لا أمان في المستشفيات، الأطباء يهانون، كل شيء في مهب الريح.
هكذا تسلم عبد الفتاح السيسى مصر في 2014، هيكل دولة، مومياء وطن، بلد يلتقط أنفاسه الأخيرة، هل لك من اعتراض، هل ما قلته غير حقيقى، هل تستطيع أن تكذبنى، أبدا لا تستطيع لأنك وأنا عشنا هذه المأساة، وأنت وأنا كنا نعلم يقينا بأن الدولة على شفا الإفلاس، وعلى شفا الإعلان بأن مصرنا ليست دولة بل ساحة للفوضى والتسيب والضياع.
هل تتذكر أيها المكابر كم مرة رأيت امرأة تنتهك في الشارع وأنت ومن معك لا تستطيع الدفاع عنها؟ هل تتذكر يوما فيه قريبتك استوقفها بلطجى وأنت عاجز بلا أي نخوة أو رجولة، أعلم إنك تتذكر كل ما قلت وتعرف أنه حقيقة لكنك تكابر، إما لأنك غير مكترث وإما لأنك متآمر ولك مآرب أخرى أو مصالح خاصة، وإما لأنك خائن.
ماذا فعل السيسى؟
كان على الرئيس عبد الفتاح السيسى أن يحدد الأولويات، ويكون قدوة، فوضع خطوات إخراج مصر من غرفة الإنعاش، أمدها بالأكسجين وجرعات علاجية مكثفة، وما إن استردت عافيتها بعض الشئ، خطط لإخراجها من فترة النقاهة واضعا في الاعتبار حالة السيولة الاحتجاجية، وحالة الفوضى العارمة، وفى مرحلة انتقالية لم تطول، كان دشن خططه لبتر مسببات المرض، ليبدأ مرحلة البناء.
بديهيا كانت مصر تحتاج جراح شجاع لا يضع في اعتباره سوى إنقاذ المريض، والمريض مصر، لم يلتفت السيسى يمينا او يسارا، ولكنه ركز على العلاج متحملا انتقادات وسخرية يعجز المواطن البسيط عن تحملها، بدا الرئيس كما لو كان متحديا نفسه، وكرر وعوده بأننا سنرى وضعا مختلفا، وكنا نرى في وعوده مبالغة، لكنه نجح.
نجح الرئيس عبد الفتاح السيسى في وأد البلطجة السياسية والجنائية، وأعاد العقول للرؤوس، وخلق فكرا جديدا مفاده أن مصلحة الفرد تتأخر كثيرا عن مصلحة الوطن، وفى فترة وجيزة، استعاد العامل الإحساس بالمسئولية، فلم يعد يمارس هواية الابتزاز للحصول على مكاسب، ونسى سائق النقل العام سد الطريق بمركبة الدولة، ذلك ان تعطيل مصالح الناس جريمة يعاقب عليها القانون، وخرج القضاة بقدسيتهم من المشهد الإعلامي والتلاسن مع بعضهم البعض ومع المواطنين، واختفى المشهد الفوضوى من الشارع.
لكن المشهد الهم داخليا كان في نجاح الرئيس في علاج جراح الشرطة، حيث دفع رجالها فاتورة ضخمة دون مبرر، ضمد السيسى جراهم وأمدهم بمقومات القوة، فعادوا صقورا في الشوارع يحمون أمننا وممتلكاتنا ويحاسبون البلطجية بأثر رجعى وآنى، واستعدنا مميزات الأمن والأمان فأصبحنا ننزل فجرا لشراء احتياجاتنا ولم نعد نخشى على أولادنا في جنح الليل، ودارت عجلة الإنتاج.
ومن الظلام الى النور خرجنا بفضل ثورة في الكهرباء، محطات توليد هنا وهناك، مع الحفاظ على التيار من سارقيه، لا أحد يسرق، لا أحد يسرف في الإضاءة، لا أحد يخالف القانون.
مستشفيات شيدت في وقت قياسى، صروح طبية مجهزة وجاهزة لاستقبال المرضى مع مشروع علاجى تكافلى يضمن للفقير مواجهة الأمراض من خلال تأمين صحى شامل يتوقع ان ينتشر في كل أنحاء الجمهورية قريبا.
إنجازات لا يكفى هذا المقال للإشارة إليها، وليس شرحها، إنجازات في الطرق والرى والتعليم والرقمنة والميكنة والتكنولوجيا، وثورة في الاتصالات والمواصلات، وهى إنجازات قد نفرد مساحات للحديث عنها في مقالات لاحقة بمشيئة الله.. ودمتم.