تبدأ بعض الدول الأوروبية التعافى الاقتصادى مع انتهاء الموجة الثانية من فيروس كورونا، إلا أن هناك دولا مثل إسبانيا لا تزال تعانى من أزمة اقتصادية حقيقية تستمر لعامين آخرين. وتوقعت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني أن يسجل الاقتصاد الإيطالي هذا العام نموا بنسبة 5.3%، (بعد انكماش في عام 2020 بنسبة 8.9% بسبب جائحة فيروس كورونا)، بينما رجحت عجزا فى الموازنة العامة تبلغ نسبته 8% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشارت وكالة التصنيف الدولية في تقرير عن إيطاليا، الى أن هذه الأرقام جاءت بناء على فرضية تمكن السلطات من تطبيع الوضع الصحي والحفاظ على إجراءات التحفيز المالى والنقدي، حسبما نقلت وكالة "آكى" الإيطالية.
ورأت "ستاندرد آند بورز" أنه من شأن الاستخدام الفعال لموارد الجيل القادم للاتحاد الأوروبي (صندوق التعافي الاوروبي) من جانب حكومة ماريو دراجى حكومة "إعطاء دفعة قوية للاستثمارات العامة"، والتي ظلت حوالي 30% أقل من المستويات السابقة للأزمة المالية الكبرى في العقد الماضى.
وأشارت إلى أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي يمكن أن تستقر هذا العام بفضل "العودة المحتملة للانتعاش الاقتصادي"، إلا أن أجندة الإصلاح "الطموحة" لحكومة دراجي ليس لها تأثير فوري على تصنيف إيطاليا.
كما توقعت مجموعة اقتصادية إيطالية فرصة أكبر لعودة النمو الاقتصادي في الربع الثاني من عام 2021، نتيجة لتحسن في الأسواق المالية منذ أن تولى ماريو دراجي منصب رئيس الوزراء.
وذكر الاتحاد العام للصناعة الإيطالية "كونفنداستريا" في تقرير نشر الأسبوع الجارى، أن الانتعاش في الأسواق ربما يعزز الثقة بين الأسر والشركات ويحسن التوقعات الاقتصادية لعام 2021، حسبما نقلت وكالة "أنسا" الإيطالية.
وأضافت المجموعة أنه إيطاليا تتلقى طلبات بقيمة قياسية تبلغ 134 مليار دولار في مبيعات السندات، كما حققت إيطاليا أكثر من 110 مليارات يورو (133 مليار دولار) من الطلبات لأول مبيعات من السندات منذ أن تولى الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، دراجي منصبه الأسبوع الماضي.
وعن ألمانيا، قال البنك المركزى الألمانى إن "الاقتصاد الألماني سيستأنف انتعاشه من الربيع" بعد أن أبطأه في الربع الأخير من عام 2020 بعد إطالة إجراءات احتواء الفيروس ، وكان توقع البنك المركزي الألماني أن النشاط الاقتصادي للبلاد ينخفض بشكل كبير في الربع الأول من عام 2021 بسبب تمديد وتشديد القيود على الاتصال الاجتماعي، ومع ذلك فإنه يستبعد أن ينخفض إلى الحد الأدنى الذي انخفض إليه في ربيع العام الماضي أثناء الإغلاق الأول لأن الصناعة تتعافى الآن.
علاوة على ذلك "يتكيف قطاعا فن الطهو والتجزئة اللذان تضررا بشدة من الوباء ، بشكل متزايد مع الظروف التي أوجدها الوباء" ، وفقا لتقرير البنك المركزى، ومع ذلك قد تواجه الصناعة مشاكل في العرض لبعض المنتجات بسبب الإغلاق والرقابة الأكثر صرامة على الحدود.
ووفقًا للبنك المركزي الألماني "مع انخفاض التضخم، من المفترض أن يؤدي توافر اللقاحات بشكل أكبر والتخفيف المتتالي من إجراءات الاحتواء إلى اختفاء العوامل التي تعوق الاقتصاد حاليًا"، حسبما قالت صحيفة "الاكونميستا" فى تقرير آخر.
وتقلص الاقتصاد الألماني بنسبة 5٪ العام الماضي وتلقى مساعدات حكومية كبيرة، لكن البنك المركزي الألماني يوصي بأنه بمجرد التغلب على الوباء يجب أن تكون ميزانية الدولة قوية مرة أخرى ويجب الحد من الاقتراض والعجز. حيث تم تكبدها في عامي 2020 و 2021 لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي أحدثها الوباء.
ومع تواصل حملات التطيعم ضد فيروس كورونا، بدأت بعض المؤشرات الإيجابية تظهر على الاقتصاد الفرنسي الذي عانى بشدة من أزمة كورونا، ووفقا لبيانات حديثة تراجعت معدلات البطالة فى ثانى أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو في الربع الأخير من عام 2020، إلى مستويات ما قبل الوباء، ويخالف هذا التعافى التوقعات السلبية للبنك المركزي الفرنسى الذى قال فى يونيو من 2020، أن البطالة ستصل إلى 9.7% في 2022.
وأظهرت بيانات المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية في فرنسا، أن البطالة في فرنسا تراجعت 1.1 نقطة مئوية إلى 8%، جاء ذلك بالمقارنة مع 9.1% بعد التعديل في الربع الثالث و8.1% فى الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2019.
وانخفضت البطالة بوتيرة أسرع بين من تراوحت أعمارهم بين 15 و24 عاما، وأسرع قليلا بين النساء مقارنة بالرجال، وذكر المعهد الوطني للإحصاء أن عدد العاملين بعقود طويلة الأجل ارتفع إلى 49.8% من 49.2% في الربع السابق مع استئناف بعض أنشطة التوظيف.
وتوقع البنك أن تكون "2021 و2022 سنتين من التعافي الواضح ولكن التدريجي" مع تحسن الاقتصاد في 2021 بنحو 7% ثم 4% في 2022.
وحذر الخبراء أن إسبانيا لن تشهد تحسنا فى اقتصادها حتى أواخر عام 2022 أو أوائل 2023، على عكس دول الاتحاد الاوروبى الآخرى، ويقول الاقتصاديون إن نجاح التطعيم له تأثير مباشر على الاقتصاد ، لكن الانتعاش سيعتمد أيضًا على سياسات الحكومة بشأن البطالة ومساعدة الشركات وثقة المستهلك.
وقال أوريول أمات، استاذ فى جامعة بومبيو فابرا، إنه "من المتوقع أن يستعيد الاقتصاد الاسبانى انتعاشه بقوة فى نهاية 2021، ولكن لا ينتعش بالشكل المطلوب إلا بحلول 2023"، مضيفا: "بالنظر إلى أن اللقاحات تعمل في الوقت الحالي ، حيث تزداد نسبة السكان الملقحين ، فإن الاقتصاد سيتعافى تدريجياً".
فى بداية الأزمة، أكدت منظمات مثل البنك الدولي أن الآثار الاقتصادية للوباء ستستمر لسنوات. في أحدث توقعاته، يتوقع هذا الكيان نفسه نموًا اقتصاديًا للكوكب بنسبة 4٪ فى عام 2021 بسبب اللقاحات. وبهذا المعنى، قام صندوق النقد الدولي (IMF) بتحسين توقعاته للنمو العالمى لعام 2021 من 4٪ إلى 5.5٪ بسبب التحصين وخطط التحفيز الموضوعة. يوضح أمات أن دولًا مثل ألمانيا يمكن أن تتحسن بحلول نهاية عام 2021، وستتنفس بلدان أخرى مثل فرنسا في أوائل عام 2022.
وشهدت منطقة اليورو انكماش الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة 6.8٪ وانخفض عدد العاملين بنسبة 1.8٪ فى منطقة اليورو في عام 2020 نتيجة وباء كورونا، وفقًا للبيانات التي نشرها مكتب الإحصاء "يوروستات".
وأشار التقرير إلى أن فى الاتحاد الأوروبى ككل انخفض الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 6.4٪ وانخفض معدل التوظيف بنسبة 1.6٪ العام الماضي، على الرغم من حجم الانخفاضات، إلا أنها كانت في جميع الحالات أقل مما توقعته المفوضية الأوروبية في توقعاتها الاقتصادية في نوفمبر الماضى، عندما توقعت انخفاضًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.8٪ في منطقة اليورو و7.4٪ في الاتحاد الأوروبي وانكماش العمالة 5.3٪ و4.5٪ على التوالى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة