سواء عقدت انتخابات التجديد النصفى لنقابة الصحفيين، أو تأجلت، هناك فرصة لأعضاء الجمعية العمومية ليتأملوا الأمر من جوانبه، ومن دون استقطابات وانفعالات تفرضها طبيعة مواقع التواصل، لا تعبر بشكل كامل عن الحقيقة.
فيما يتعلق بمطالب التأجيل، فهى لا تنطلق فقط من رغبة أعضاء حاليين، لكنها تحمل وجاهة لدى قطاعات داخل الجمعية، تخشى من تزاحم يؤدى لانتشار عدوى تهدد حياة وصحة كثيرين، وقد يجد هذا الرأى رغبة داخلية لدى زملاء فى المجلس، وعندما يكون هذا رأيا لزملاء لا يطرحون أنفسهم، وليسوا طرفا فى استقطاب أو انحياز، فهى أولى بالتأمل.
هناك اختلاف واسع حول أولويات القضايا التى تتعلق بالمهنة والخدمات، هناك من يرى المعاشات واحدة من أهم القضايا حتى لو كانت تتعلق بزملاء خدموا المهنة، ويحتاجون للمساندة بشكل أكثر مما يطرح لدى المرشحين، وتبدو المساندة الحقيقية لهؤلاء الذين ربما رحلوا أو لا يملكون أصواتا فى الانتخابات، وقد كشفت أزمة فيروس كورونا، أن المرض والموت لا يتعلقان بالعمر، ولا بالشباب والشيوخ، لكنه خطر يهدد الجميع، ويحتم التحرك لحماية حقوق زملاء خدموا المهنة بإخلاص، قليلون هم من يـأخذون القضية بجدية، أو يطرحون حلولا قابلة للتنفيذ.
جروبات مواقع التواصل تزدحم بالكثير من الآراء، ليست كلها بعيدة عن الانحياز، ويكفى أن تبدأ عمليات حشد حول أى موضوع، لتتحول المسألة إلى مزاد ومزايدة، ووسط المبالغات حول إنقاذ المهنة، تغيب قواعد وأسس للحوار القادر على إفراز نتائج، بل إن مواقع التواصل أصبحت مجالا لمبارزات عبثية بين أعضاء مجلس النقابة، وأصبحت هناك ظاهرة عضو المجلس الذى يقضى فترته فى مصارعات ومزايدات على زملائه، من دون أن يقدم خطوة مفيدة، رهانا على سياق لا يتيح الوقت للتدقيق والفرز والمناقشة، وهذا النوع « الافتراضى» لا يقدم شيئا يذكر، ويقضى وقته فى ضجيج فارغ.
فى كل انتخابات هناك مرشحون يبالغون فى طرح برامج خيالية، غير قابلة للتنفيذ، وإن كانت أقرب للفقرات الإعلانية، ومنهم من يفوز ليدخل فى « بيات نقابى»، ويفيق مع كل انتخابات ليمارس فقراته الدعائية والإعلانية بلا نتيجة.
لم يغب الجدل ولا الاستقطاب أبدا عن الجمعية العمومية، لكنه يبدو أكثر وضوحا فى ظل أدوات التواصل، حيث لا تتاح فرصة لنقاش طبيعى، يمنح الفرصة لغير المتابعين أن يعرفوا، وتكون لهم حرية الاختيار بعيدا عن حالة من الاستقطاب والمزايدات التى تثير غبارا يحجب الرؤية.
لدينا مرشحون كل منهم يقدم نفسه بوصفه الوحيد القادر على إنقاذ المهنة، وإسعاد الزملاء، والإتيان «بما لم يستطعه الأوائل»، وبعضهم ينسى إنقاذ المهنة، وإنما إنقاذ نفسه، وتحقيق مكاسب شخصية أو شللية، ومنهم من يراهن رهانات جهوية أو مؤسسية، فى ظل وضع صعب، فعلا يتم التلاعب به والمتاجرة فيه، وهناك نكتة أن عددا من الزملاء يطرحون أسئلة عميقة حول الإعلام والصحافة وهم جزء من مؤسساتهم وصحفهم، لكنهم يتساءلون «كغرباء»، وهى لعبة قديمة تمر على جمهور التواصل الطيب أحيانا، لدرجة ان الواحد أمام الأمر يطرح تساؤل الراحل توفيق الدقن «بتصرف»: «لما كل دول جايين ينقذوا المهنة.. مين اللى هيتنقذ؟!».
الصحافة تواجه مشكلات ومعاناة، تحتاج عملا جماعيا وتوحدا، وليس حربا قبلية وجهوية ومزايدات، نجح الصحفيون دائما بالاحتشاد حول قضاياهم وإدارتها بصبر وحوار، وعلى المقيمين خارجها وداخلها مراعاة فروق التوقيت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة