فى ظل هيمنة غربية، وتحديدا أمريكية، على شبكة الإنترنت والمجال التكنولوجى بشكل عام، اتجهت العديد من الدول إلى تأسيس شبكات معلومات خاصة بها بعيدا عن هيمنة شبكة المعلومات الدولية كنوع من الاستقلالية أحيانا ورفض التدخلات عن طريق التكنولوجيا، وربما كنوع من الحفاظ على الأمن القومى الذى بات من السهل اختراقه عبر الفضاء السيبراتى.
أحدث الدول التى تسعى لهذا الانفصال الإلكترونى عن العالم، هى روسيا، حيث أعلن نائب رئيس مجلس الامن الروسى، ورئيس الوزراء الروسى ديمترى ميدفيديف أن بلاده مستعدة قانونيا وتكنولوجيا للانفصال عن شبكة الإنترنت العلمية لو لزم الأمر.
وقال ميدفيديف فى حديث لوكالة إنترفاكس المحلية أن روسيا قادرة على تكوين شبكتها الخاصة بها بعيدا عن الشبكة العالمية، مضيفا أن الولايات المتحدة تحتفظ بـ"حقوق التحكم الرئيسية" في الإنترنت، الأمر الذي قد يدفع روسيا للانفصال عن الشبكة العالمية إذا حدث شيء غير عادى.
وتقول شبكة سكاى نيوز إن روسيا تسعى منذ زمن إلى فرض قيود أكثر صرامة من أجل السيطرة على الإنترنت داخل أراضيها، خاصة فى ظل الهجمات الإلكترونية التى أصبحت تتعرض لها مؤخرا.
وفى عام 2019، تم إقرار قانون "الإنترنت السيادى" الذى يمنح روسيا القدرة على عزل نفسها عن شبكة الإنترنت العالمية. وتمكنت روسيا بموجب هذا القانون من مراقبة تدفق المعلومات وحظر الوصول إلى المحتوى الخطير مع عزل الشبكة المحلية لحمايتها من أى هجوم إلكترونى.
وتملك روسيا شيكة محلية تسمى "رونت"، ولديها بنية تحتية قوية هدفها بناء شيكات للحفاظ على حركة المعلومات المحلية داخل البلاد، مع السماح لحركة الإنترنت الدولية فقط من خلال نقاط تبادل معينة يمكن مراقبتها وفتلرتها.
وعندما تفعل روسيا ذلك لن تكون وحدها، فقد سبقتها فى هذا الأمر عدة دول، فى مقدمتهم كوريا الشمالية. فتلك الدولة الآسيوية التى تعزل نفسها عن العالم بشكل شبه تام، كان عليها أن تحافظ على هذه العزلة معلوماتيا أيضا. فأسست شبكة وطنية تسمى "كوانغمبيونغ" وهى تشبه الإنترنت لكنها تخضع لسيطرة النظام الحاكم.
ويتم إدارة ومراقبة خدمات المعلومات والاتصالات بشكل مركزى، ولا يمكن طرح أى محتوى أو موقع إلا من خلال القنوات الحكومية.
إيران أيضا من الدول التى لديها شبكة معلومات خاصة بها تعرف باسم "شبكة المعلومات الوطنية" والتى يطلق عليها فى إيران اسم الإنترنت الحلال. بدأ العمل بها فى عام 2017، يوجد على هذه الشبكة المواقع الإلكترونية والخدمات الإيرانية وتديرها الحكومة، الأمر الذى يحتم على جميع المستخدمين الاشتراك لمعرفة هويتهم. وتستطيع إيران بهذا النظام فرض قيود أو قطع كامل لاتصالها بالإنترنت الدولى، مع الإبقاء على فعالية المواقع والخدمات المحلية.
وتضم القائمة أيضا كوبا، فهى تجمع بين الإنترنت الدولى وشبكة محلية تعرف باسم ريد كوبانا. وتحتوى هذه الشبكة على إصدارات كوبية من ويكيبيديا والبريد الإلكترونى ومواد تعليمية ومحركات بحث.
ومن الدول التى تفرض قدرا من الاستقلالية أيضا فى الفضاء المعلوماتى، الصين. فهى تمتلك نظام يسمى بالدرع الذهبى أو جدار الحماية، والذى أنشأ منطقة محلية منفصلة من الإنترنت بها قدر هائل من التطبيقات والخدمات لدعم فكرة السيادة الإلكترونية.