تناولت مقالات صحف الخليج، اليوم الأربعاء، العديد من القضايا الهامة أبرزها، أن مساعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم تتوقف في نشر الفوضى والتخريب والتوتر في المنطقة والعالم على توظيف الميليشيات والمرتزقة والجماعات الإرهابية، فقد تحدثت أوساط غربية كثيرة عن توجه أردوغان نحو إنتاج أسلحة نووية.
حازم صاغية
حازم صاغية: أين مشكلة العالم معنا؟... أين مشكلتنا مع العالم؟
قال الكاتب في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط، لا تزعم هذه الأسطر أنها تملك إجابات قاطعة، كما أنها لا تنطوي على "أحكام قيم" مسبقة. ما تفعله فحسب أنها تتساءل، أو تدعو إلى التساؤل، فيما خصنا نحن العرب، وفيما خص عدالة العالم حيالنا، ومدى استعدادنا، أو مدى استعدادنا لأن ننضوي في هذا العالم.
فلنراجع بعض التواريخ الكبرى لـ"سوء فهم" عميق نشأ عنه "سوء تفاهم" أعمق لا نزال نتلمس آثاره.
بعد الحرب العالمية الأولى، اعترض العرب، شعوباً ونُخباً، على ما فعله المنتصرون في تلك الحرب من خلال "عصبة الأمم" التي أنشأوها. لقد قرروا فرض انتدابات على أجزاء سابقة من الإمبراطورية العثمانية وعلى مستعمرات ألمانية سابقة في أفريقيا.
نحن بدورنا استقبلنا هذه الانتدابات بالانتفاضات، وراحت أفكارنا تؤكد على رفض "واقع التجزئة" وعلى "إعادة الأمور" إلى ما يُفترض أنها كانت عليه ذات مرة.
أحزابنا راحت تتشكل على قاعدة هذا المبدأ. نجوم تاريخنا ما زالوا حتى اليوم أولئك الذين واجهوا تلك الانتدابات؛ ثورة العشرين في العراق، سلطان الأطرش، صالح العلي، يوسف العظمة... إلخ.
المنتصرون في الحرب كانوا يحتفلون بعالم ما بعد الإمبراطوريات، ونحن كنا نتألم داعين إلى مواجهة انتصارهم الذي لم نرَ فيه إلا أنه استعمار لنا.
أغرب ما كان يحصل أن حكام دولنا الجديدة بدوا، هم أيضاً، محرجين بالدول التي يحكمونها. كثيرون منهم اعتذروا عن اضطرارهم لأداء دور مقيت كهذا.
بعد الحرب العالمية الثانية تكررت ثنائية العرس هناك والمأتم هنا. باستثناء بريطانيا التي كانت صاحبة الانتداب على فلسطين، أجمع المنتصرون في تلك الحرب، بمن فيهم الاتحاد السوفياتي، على تأييد التقسيم. مناهضة القرار الشهير الصادر في 1947 عن "منظمة الأمم المتحدة"، التي صنعها المنتصرون، صارت صرخة الحرب الجامعة في المنطقة العربية وبعض العالم الإسلامي. إسقاط "مؤامرة التقسيم" بات يوصف بأنه الواجب القومي الأول والمقدس. بعد 17 سنة، حاول الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة إعادة الاعتبار لمبدأ التقسيم، فشُهر به في المشرق ووُصم بالخيانة.
مع انتهاء الحرب الباردة (1989 – 1991)، كانت المنطقة العربية أيضاً مصدر الرد على من انتصروا في تلك الحرب. في ذروة النشوة التي كانت تصيب المنتصرين الغربيين بتفكك المعسكر السوفياتي، اجتاح صدام حسين دولة الكويت، متحدياً الترتيبات الدولية الناشئة يومذاك، وبعد 10 سنوات كانت "غزوة" أسامة بن لادن لنيويورك وواشنطن.
في مناطق أخرى من العالم، ظهرت ردود على الاقتصاديات النيوليبرالية لما بعد الحرب الباردة. مثلاً، في بوليفيا تمرد الفقراء على شركة "بكتل" الأمريكية التي خصخصت مياه الشرب. عندنا، جاء الرد من طبيعة إمبراطورية مُنعت من ممارسة إمبراطوريتها. لم نرد بوصفنا فقراء وضعفاء، بل كأقوياء محرومين من ممارسة القوة.
بالمقارنة مع تجربة أخرى لا تربطها بالغرب مودة خاصة، هي روسيا، نلاحظ التالي. بعد الحرب العالمية الأولى، كانت روسيا البلشفية في صفّ المناهضين للمنتصرين في الحرب. في الحرب الثانية، باتت أحد أكبر أولئك المنتصرين. مع الحرب الباردة، ساهمت بنفسها، مع ميخائيل غورباتشوف ثم بوريس يلتسين، في التمهيد لانتصار الغرب على نموذجها.
أيمن سمير
أيمن سمير: قنبلة نووية تركية؟
قال الكاتب في مقاله بصحيفة البيان الإماراتية، لم تتوقف مساعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في نشر الفوضى والتخريب والتوتر في المنطقة والعالم على توظيف الميليشيات والمرتزقة والجماعات الإرهابية، فقد تحدثت أوساط غربية كثيرة عن توجه أردوغان نحو إنتاج أسلحة نووية، ليضيف مزيداً من التوتر وعدم الاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط، وليؤكد أنه بالفعل يغرد خارج سرب حلف الشمال الأطلسي "الناتو"، الذي وقعت كل دوله على اتفاقية منع إنتاج ونشر الأسلحة النووية، فما هي أهداف الرئيس التركي من إنتاج قنبلة نووية؟ وهل سيسمح له الغرب بالوصول لـ"العتبة النووية"؟ وماذا عن إمكانات وموارد تركيا لإنتاج السلاح النووي؟
لم يخف أردوغان منذ فترة طويلة رغبته في امتلاك تركيا للقنبلة النووية كونها أحد متطلبات الزعامة كما يراها رغم أن تركيا وقعت على اتفاقية منع نشر وإنتاج الأسلحة النووية منذ عام 1980، وفي ظل تراجع شعبية أردوغان لأدنى مستوى لها منذ عام 2002، وانهيار الليرة التركية، وزيادة الضغوط الداخلية عليه، والتي تهدف إلى إجراء انتخابات مبكرة، وتزامن كل ذلك مع ضغوط أمريكية تتعلق بملف حقوق الإنسان، ومع محاولة الرئيس التركي تكريس زعامته لسنوات مقبلة بدأ أردوغان في تفعيل ورقة "القنبلة النووية"، حيث رصدت العديد من أجهزة المخابرات الأمريكية اجتماعات لأردوغان مع مساعديه تحدث فيها عن ضرورة تفعيل البرنامج النووي التركي، الذي تؤكد كل المؤشرات أن أنقرة تملك بالفعل برنامج لصنع القنابل النووية، وأن لها علاقات قوية بالسوق السوداء للأسلحة النووية، وأنها تبني اليوم على مفاعلاتها النووية التي بدأت العمل منذ عام 1979، وهناك اتفاق في الغرب على أن تركيا تستطيع بالفعل إنتاج المواد النووية من خلال مفاعل يجري تطويره في إسطنبول، وكان هذا المفاعل في السابق يعمل كونه مفاعلاً تجريبياً منذ عام 1986، كما يوجد تصور يقول إن أنقرة تستطيع تطوير قنبلة نووية في أقل من 4 أو 5 سنوات، وإن هذه الفترة الزمنية قد تقل مع الدعم الروسي المتزايد للمشاريع النووية التركية، حيث وافقت روسيا على بناء 4 مفاعلات نووية، وسيبدأ تشغيل المفاعل الأول عام 2023.
عبد الحسين شعبان
عبد الحسين شعبان: تمديد "ستارت ـ 3"
قال الكاتب في مقاله بصحيفة الخليج الإماراتية، كان برنارد باروخ مستشار الرئيس الأمريكي هاري ترومان أول من استخدم مصطلح "الحرب الباردة" في 16 إبريل عام 1947، التي تعني المجابهة العالمية الجيوسياسية والاقتصادية والإيديولوجية بما فيها الحرب النفسية ووسائل القوة الناعمة الإعلامية والثقافية والرياضية ضد الاتحاد السوفييتي السابق، وبعده جاء خطاب ونستون تشرشل الذي ألقاه في مدينة فولتن بولاية ميسوري الأمريكية، ومع أنه لم يكن حينها رئيساً لوزراء بريطانيا، لكن فكرته سرت مثل النار بالهشيم حين طرح تشكيل حلف عسكري للدول الأنجلوساكسونية بهدف "مكافحة الشيوعية"، وكان ذلك ترسيخاً لفكرة الحرب الباردة، حيثُ تأسس حلف الناتو في العام 1949 وبالمقابل أُنشئ حلف وارسو في العام 1955 من جانب الاتحاد السوفييتي وحلفائه.
وقد دامت الحرب الباردة والصراع الإيديولوجي طوال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى نهاية الثمانينات، وشهدت سباقاً محموماً للتسلح على الرغم من محاولات الطرفين البحث عن فرص لتخفيض ترسانة الأسلحة عبر معاهدات واتفاقيات دولية جماعية أو ثنائية دون أن تخلو من عقباتٍ وكوابح تعكّر صفو علاقات "التعايش السلمي" وتزيد من سباق المنافسة التسليحية والتي كان آخرها ما عُرف بـ "مشروع حرب النجوم" الذي خصصت له واشنطن تريليوني دولار، وكان ذلك أحد أسباب فشل الاتحاد السوفييتي وتفكّكه في تلك المنافسة غير المتكافئة التي جرّته إليها الولايات المتحدة، خصوصاً في عهد الرئيس ريجان، إضافة إلى أسباب اقتصادية وسياسية واجتماعية وغيرها.
خلال شهر فبراير الجاري ينتهي مفعول اتفاقية ستارت - 3 التي تمّ التوقيع عليها في 18 إبريل 2010 بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الروسي السابق ديمتري مدفيديف، وقد تم الاتفاق على تمديدها قبل انتهاء مفعولها، علماً بأن إدارة ترامب كانت قد طلبت من الصين الانضمام إلى المفاوضات بشأن المعاهدة إلا أن الأخيرة رفضت، إذ إن ما لديها لا يقارن من حيث الحجم بالترسانتين الأمريكية والروسية، حيث تمتلكان نحو 93 % من القنابل النووية في العالم. لذا تم تمديد المعاهدة لأن الطرفين يدركان أن من شأن عدم التمديد، رفع جميع القيود المتبقية على نشر رؤوس حربية نووية، وكذلك الصواريخ والقاذفات القادرة على حملها، ما سيؤدي إلى تأجيج سباق التسلح، ويزيد من حدّة التوتر ويعيد الأجواء إلى مناخ الحرب الباردة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة