الاستثمار فى البشر أعظم استثمار فى العصر الحديث، فالفرد المؤهل تعليميا ومهاريا وثقافيا، إضافة كبيرة لأى مجتمع، ومرتكز قوى لبناء اقتصاد سليم، وفى وجود رأس المال المادى، فى أيدى الكثير من الدول، يأتى العنصر البشرى ليصنع الفارق، بين دولة متقدمة وأخرى مازالت تتخبط، فالاهتمام بالعنصر البشرى والاستثمار فيه هو الطريق الأوحد لبناء دولة قوية تستند على أساس متين وسليم، لأن البشر هم اللبنة الأولى لأى حضارة أو تقدم أو نمو، فالعنصر البشرى من أهم العناصر الإنتاجية التى يمكن أن تساهم فى تحقيق التنمية، ولذلك فإكساب هذا العنصر المعرفة والتعلم والمواهب والمهارات والقدرات والخبرات، بشكل فردى وجماعى يمثل أهم أشكال الثروة التى يمكن توجيهها لتحقيق أهداف الأمة، خاصة فى الدول التى لديها فائض من العمالة بسبب ارتفاع معدل المواليد كالحال فى مصر.
ومنذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكم فى منتصف عام 2014 يضع نصب عينيه الاستثمار فى البشر والحجر، فالمشروعات الكبرى التى بدأت فيها الدولة فى كافة المجالات، وتحقق فيها إنجازات معجزة فى البناء والتنمية، لم تمنع من الاهتمام الكبير بالمواطنين، ومراعاة البعد الإنسانى والاجتماعى، وتمثل ذلك فى الكثير من القرارات والمبادرات التى تصب فى مصلحة المواطن، كزيادة مخصصات التموين للمستحقين، ومعاش تكافل وكرامة ، ومنحة الـ500 جنيه للعمالة غير المنتظمة، وغيرها الكثير، حتى توج ذلك بالمبادرة العظيمة، "حياة كريمة" التى أطلقها الرئيس السيسى، فى بداية عام 2019 لرفع المعاناة عن كاهل الأسر الفقيرة وتوفير احتياجات المواطنين غير القادرين، في المجالات الخدمية مثل الصحة، والتعليم والسكن، وتطوير القرى الأكثر احتياجًا، وهى تلك المبادرة المجتمعية، التى تهدف إلى توصيل رسالة إنسانية بأن المواطن المصرى فى بؤرة اهتمام الرئيس والدولة، وأن الاستثمار فى الحجر لا يمنع الاستثمار فى البشر، بل أن الاثنين يتكاملان مع بعضهما البعض، لضمان تنفيذ برامج البناء والتنمية الطموحة، وتحقيق التطور الكبير لمصر سواء على مستوى مواطنيها أو ما تمتلكه من المقدرات المادية.
إن الفوائد الكبيرة لمبادرة "حياة كريمة" تتخطى حدود المقاييس الضيقة، وتمتد إلى آفاق كبيرة وواسعة، فهى تمتاز بالفوائد العاجلة والآجلة، فإن كانت تهدف إلى تحسين ظروف المعيشة للمواطن المصرى وحفظ كرامته وحقه فى العيش بكبرياء وكرامة وعدم معاناته من العوز والفاقة، فهى أيضا تعزز وترسخ مفهوم أن الاستثمار فى العنصر البشرى، ضمان لبناء دولة متقدمة ومتحضرة، وهو ما يؤكد الحرص على بناء الحاضر والمستقبل، فالمعروف أن البلدان التى لديها فائض من العمالة، تستطيع أن تستعيض عن قلة وجود الموارد أو رأس المال المادى، بتأهيل رأس المال البشرى، عن طريق تحويل الموارد البشرية الخام إلى موارد بشرية عالية الإنتاجية مما يحقق وفورات اقتصادية كبيرة، ففى خطاب له لإثبات أهمية الاستثمار فى العنصر البشرى، قال الدكتور جيم يونغ كيم رئيس البنك الدولي، أن بلده كوريا الجنوبية هي واحدة من أكثر بلدان العالم تقدما، رغم أن اقتصادها لا يقوم على الموارد الطبيعية التى تفتقر إلى الكثير منها، لكنه يعتمد على مواهب شعبها ومهاراتهم ومعارفهم، وهو ما يؤكد أن المبادرة الرئاسية" حياة كريمة" هى ضمان لحاضر كريم ومستقبل عظيم لشعب مصر.
إن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" التى تم رصد مبلغ 103 مليارات جنيه لتنفيذها، ترسخ اتجاه الدولة وعملها الدؤوب لتعزيز الحماية الاجتماعية لجميع المواطنين المصريين، وتوزيع مكاسب التنمية بشكل عادل، مع توفير فرص عمل لتدعيم استقلالية المواطنين وتحفيزهم للنهوض بمستوى المعيشة لأسرهم، وهو ما يتحقق من خلال شركاء النجاح، كالمؤسسات الحكومية وغير الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى، والتعاون فيما بينها لتحسين معيشة المواطنين المستهدفين ومجتمعاتهم على حد السواء، كما أن المبادرة تتميز بمظلتها الكبيرة، التى تشمل الكثير من المواطنين المصريين والكثير من مناحى الحياة والعديد من الجوانب التى تمس حياة أفراد الشعب، حيث تشمل الأيتام والنساء المعيلات والأطفال، والشباب العاطل عن العمل، والأشخاص ذوى الإعاقة، وبناء أسقف ورفع كفاءة المنازل، ومد وصلات المياه و الصرف الصحى، وتجهيز العرائس وزواج اليتيمات وتوفير فرص عمل، وتدريب وتشغيل الشباب من خلال مشروعات متناهية الصغر فى القرى والمناطق المستهدفة، وكذلك، توفير البطاطين والمفروشات لمواجهة برد الشتاء، وإطلاق القوافل الطبية للخدمات الصحية، وإجراء العمليات الجراحية وصرف أجهزة تعويضية، وايضا مشروعات جمع القمامة وإعادة تدويرها، وغيرها الكثير من المشروعات التى ستغير من وجه الحياة لملايين المصريين، وتحفظ لهم العيش بعزة وكرامة وكبرياء، وتجعلهم بالفعل يعيشون "حياة كريمة".