تسعى البنوك المركزية حول العالم إلى التحول لعالم بلا نقود ورقية والبدء في إصدار العملات الرقمية بهدف تسهيل المعاملات النقدية وعمليات التجارة الالكترونية، وعزز هذه المساعي تفشي فيروس كورونا والتوسع في عمليات الدفع الإلكتروني واستخدام التكنولوجيا الحديثة لتجنب انتشار الفيروس.
ويدرس البنك المركزي الأوروبي حاليا عملية اختبار لإصدار "يورو رقمي"، من المتوقع ظهور نتائجها بحلول منتصف العام الجاري. وتأتي هذه الخطوة في إطار مساعي المركزي الأوروبي للحاق بركب التطور التكنولوجي في عالم العملات الافتراضية، بالإضافة إلى مواجهة شبح العملات المشفرة مثل "البيتكوين".
وتعد فرنسا الدولة الأولى التي نجحت في تجربة "اليورو الرقمي"، الذي يعمل على تقنية "بلوكتشين" للعملات الرقمية، حيث أعلن بنك فرنسا المركزي العام الماضي نجاح اختبار بيع الأوراق المالية للعملة الرقمية للبنك المركزي دون الإعلان عن المزيد من التفاصيل.
وقال ديفيد دولار، الحاصل على زمالة معهد "بروكينجز" بواشنطن لوكالة أنباء "بلومبرج"، إن إصدار عملات رقمية هي محاولة من البنوك المركزية في "العودة إلى المركز الرئيسي للسيطرة على العملة والعرض النقدي".
وأضاف أن هناك فرقا بين العملات الرقمية التي تصدرها البنوك المركزية وتكون مرتبطة بالمحفظة الإلكترونية لعملاء البنوك وبين العملات المشفرة مثل "البيتكوين" والتي تصدر من خلال شركات خاصة دون غطاء رسمي.
وأشار إلى أن الصين تعد من أكثر الدول نشاطا في هذا المجال، حيث تجري تجارب حقيقية لليوان الرقمي وذلك بالتعاون مع نظام "سويفت" للمعاملات العالمية.
وفي أكتوبر الماضي، أصدر البنك المركزي الصيني عملات رقمية بقيمة عشرة ملايين يوان (1.5 مليون دولار) لـ 500 مستخدم يجري اختيارهم عشوائيا في خطوة يعتبرها البعض أول اختبار عام تجريه البلاد لنظام الدفع الرقمي لليوان.
وأجاز المركزي الصيني للفائزين بهذه العملات الرقمية استخدامها في أكثر من 3 آلاف منفذ بيع للتجزئة من بينها محطات وقود وفنادق وبعض الأسواق التجارية.
وقال فوتر بوسو، نائب رئيس وحدة القانون المالي والضريبي بصندوق النقد الدولي، إنه بالنظر إلى تاريخ النقود، فقد مرت بثلاث مراحل وهي العملات الذهبية والفضية للجزر اليونانية، بالإضافة إلى حجز النقود مع بنك أمستردام للصرافة، فيما كانت المرحلة الثالثة عبارة عن إصدار أوراق نقدية. واعتبر العملة الرقمية للبنوك المركزية بمثابة "الشكل الرابع للنقود في العصر الحديث".
وأوضح أن العملات الرقمية تختلف عن ما يسمى بالعملة المشفرة مثل "البيتكوين"، مشيرا إلى أن العملة المشفرة متغيرة ولا يمكن أن تكون مخزنا للقيمة كما أنها غير مقبولة على نطاق واسع لتكون مفيدة للمدفوعات بخلاف العملة الرقمية.
وشهدت قيمة البيتكوين ارتفاعا كبيرا خلال الأسبوع الأول من العام الحالي، لتتخطى حاجز الـ35 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها. ويعد التحدي الأكبر الذي يواجه صانعي السياسات المالية هو الحفاظ على نظام الخصوصية، حيث يمثل إصدار العملات الرقمية نظام خصوصية أقل، مما يزيد من قلق بعض العملاء.