كانت "بخارى" واحدة من المدن الشاهدة على تاريخ الحضارة الإسلامية وعظمتها، وملأت الدنيا بالعلوم بفضل علمائها وأعلامها، لكن جاء الاحتلال التترى فقضى على تلك المدينة العظيمة، على يد قوات جنكيز خان منذ 801 سنة، وذلك بعد حصار دام ثلاثة أيام، وقام المغول بطرد أهل بخارى، وقتلوا من بقى داخل المدينة وأنهوا عملهم الوحشى بإحراق المدينة.
وبحسب الموقع الرسمى لمنظمة اليونسكو فإن مدينة "بخارى" الواقعة فى دولة أوزبكستان الآن أنشئت منذ 2000 عام تقريبا، وتتميز باستمرار نسيجها العمرانى سالما إلى حد كبير، وبقاء العديد من شواهدها الأثرية صامدة على مدار سنوات طوال، ومن ذلك ضريح إسماعيل السامانى الذى يُعد من روائع العمارة الإسلامية العائدة للقرن العاشر، بالإضافة إلى عدد كبير من المدارس العائدة للقرن السابع عشر.
لكن على الرغم من ذلك فقد فقدت المدينة العديد من صروحها التاريخية، حسبما أكد موقع "اليونسكو" أيضا، إذ لم يبق من النصب والصروح المهمة فى بخارى سوى القلة بعد الغزو المغولى على يد جنكيزخان فى عام 1220 وتيمور فى عام 1370، أما بقية النصب والمعالم المعمارية التى وصلت إلينا سالمة فتعود للفترة الشيبانية من الحكم الأوزبكى، أى من أوائل القرن السادس عشر فصاعداً.
وبخارى التى ينسب إليها الإمام البخارى صاحب أشهر كتب الصحاح الستة "صحيح البخارى" كانت لفترات طويلة مركزا ثقافيا مهما فى الحضارة الإسلامية وفى بلاد آسيا الوسطى، بل كانت المدينة القديمة ذات الثقافة الفارسية مركزاً رئيسياً للثقافة الإسلامية على مدى قرون عديدة وأصبحت مركزاً ثقافياً رئيسياً للخلافة العباسية فى القرن الثامن للميلاد.
نشأت مدينة بخارى قبل الإسلام بقرون بعيدة، وكان اسمها باللغة الصينية "نومى"، أما عن سبب تسميتها باسم "بخارى"، فيرجع إلى الكلمة التركية المغولية "بخر"، والتى تعنى الصومعة أو الدير، وقد كان بالمدينة معبد بوذى كبير قبل دخولها فى الإسلام، ويحتمل أنه السبب فى تسميتها باسم "بخارى" أما الأصح والمتداول هناك بين أهل المدينة أنها مشتقة من كلمة "بخار" وتعنى العلم الكثير، وسُميت بهذا الاسم لكثرة علمائها.
ووفقا للعديد من المصادر التاريخية فإن المدينة القديمة أسست قبل 500 عام من ميلاد المسيح، فيما دخلها الإسلام على أغلب التقديرات فى عام 674م، إذ تتفق أغلب الروايات على أن أول من اجتاز النهر من المسلمين إلى جبال بخارى هو عبيد الله بن زياد والى خراسان سنة 54 هـ / 674 م، وكان على عرش بخارى فى ذلك الوقت أرملة أميرها، التى تجمع أغلب المصادر على تسميتها "خاتون" وهو لفظ تركى معناه "السيدة".
وينتسب إلى بخارى كثير من العلماء والفقهاء والمحدّثين الذين ملأوا الدنيا علما وتقوى، ويأتى فى مقدمتهم: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخارى: صاحب الجامع الصحيح، المعروف بصحيح البخارى، وابن سينا، الفيلسوف والطبيب، وأبو حفص عمر بن منصور البخارى المعروف باسم "البزار"، والإمام الحافظ محدث بخارى، أبو زكريا عبدالرحيم بن أحمد بن نصر البخارى الحافظ، أبو العباس أحمد بن عبدالواحد المقدسى الحنبلى الملقب بالبخاري. بهاء الدين النقشبندى شيخ الطريقة الصوفية المعروفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة