نفتخر نحن المصريون دائما بتاريخنا الفرعونى، ودائما ما ننظر إلى ماضينا بشىء من الاعتزاز كوننا أصحاب حضارة من أقدم حضارات فى التاريخ، لكننا ربما نجهل الكثير عن تلك العصور، رغم الاكتشافات الأثرية الهائلة، لكن يبقى من أسرار الفراعنة الكثير لم يكشف بعد، خاصة فترة انتهاء العصور الفرعونية، وهل انتهت بمجئ دولة البطالمة، أم أنها انتهت برحيل الملكة كليوباترا السابعة.
يختلف الكثير حول ذلك التاريخ، كون المصرى القديم نفسه اختلف فى نظرته إلى تلك الأسرة، فرغم أن مؤسسها كان من أصول مقدونية جاء مع جيوش الإسكندر التى غزت مصر، لكنه وأبناؤه من بعده أحبوها وعاشوا فيها، واعتبروا أنفسهم أبناء لهذه البلد، فأحبهم المصريون.
وبحسب كتاب "بداءة عصر البطالمة" للمؤلف إسماعيل مظهر، كانت مصر قبل مجىء البطالمة تحت الاحتلال الفارسى الذى اتخذ منذ يومه الأول نهجًا عدائيًّا تجاه ثقافة المصريين وعقائدهم، حيث سخر الفرس من أديانهم، فدنسوا المعابد وأبطلوا الشعائر الدينية، كما فرضوا دينهم على المصريين قسرًا، ناهيك عن العلاقة السيئة والمتوترة على الدوام بين الإدارة الفارسية والمصريين، لذلك رأى المصريون فى حملة "الإسكندر الأكبر" نوعًا من التحرير، خاصة بعد ما أظهره "البطالمة" من احترام لمعبودات المصريين القديمة.
ووفقا لمقال لعالم الآثار المصرية الدكتور زاهى حواس، بعنوان "البطالمة أصبحوا مصريين.. لكننا لم نصبح بطالمة!": اعتبروا البطالمة أنفسهم مصريين، لبسوا ملابسهم وعبدوا آلهتهم، وبدأوا فى تعلم اللغة المصرية القديمة التى ظلت لغة رسمية للمكاتبات الحكومية إلى جانب اليونانية القديمة، فكان المرسوم الملكى يكتب ويسجل أولا باللغة المصرية القديمة بخطيها الهيروغليفى (النقش المقدس) والديموطيقى (الخط الشعبى)، ثم يسجل باللغة اليونانية القديمة.
وتابع: " البطالمة الذين حرصوا على تصوير أنفسهم على الآثار المصرية القديمة وكتابة أسمائهم داخل الإطار الملكى المعروف باسم "الخرطوش"، وقد عرف البطالمة منذ البداية الوتر المهم للمصريين وهو الوازع الدينى القوى لديهم، فقاموا بتغذية هذا الوازع بإقامة الأعياد الدينية والاحتفالات المتتالية لمناسبات دينية مختلفة، وكذلك تشييد المعابد وتجديد المقاصير التى أصابها الزمن، وقربوا بين آلهة اليونان وآلهة المصريين، وتقبل المصريون الآلهة اليونانية ضمن مجمعهم الدينى".