ألقى الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، خطبة الجمعة اليوم بمسجد السلام بمدينة الطور بمحافظة جنوب سيناء، وتحدث خلالها عن الحق فى القرآن الكريم، موضحًا أن الله (عز وجل) هو الملك الحق، حيث يقول الحق سبحانه: "ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِى الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"، ويقول (عز وجل): "فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ"، ويقول سبحانه: "ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ"، ويقول (جل وعلا): "وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ المُبِينُ"، أنزل كتابه بالحق فقال سبحانه :" وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ"، وأرسل رسوله بالحق: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا"، وكان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقوم إِلَى الصَّلاَةِ فى جَوْفِ اللَّيْلِ، ويناجى ربه قائلًا: "أنتَ الحقُّ، وقولُكَ الحقُّ، ووعدك حقٌّ، والجنَّةُ حقٌّ، والنَّارُ حقٌّ، والنَّبيُّونَ حقٌّ، ومحمَّدٌ حقٌّ، اللَّهمَّ لَكَ أسلمتُ، وبِكَ آمنتُ، وعليْكَ توَكَّلتُ، وإليْكَ أنَبتُ، وبِكَ خاصَمتُ، وإليْكَ حاكمتُ، فاغفِر لى ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلَنتُ، أنتَ إلَهى لاَ إلَهَ إلَّا أنتَ".
مسجد السلام بمدينة الطور
حضر خطبة الجمعة كلا من اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء، والدكتور محمد معيط وزير المالية، و الدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة، و الطيار محمد منار عنبة وزير الطيران، و الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى، و الدكتور على المصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية، والمستشار أحمد سعد وكيل مجلس النواب، والدكتور أسامة العبد وكيل لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، وكرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، والشيخ جابر طايع يوسف رئيس القطاع الدينى، والشيخ إسماعيل الراوى مدير مديرية أوقاف جنوب سيناء، و اللواء أحمد الألفى مدير أمن جنوب سيناء مساعد وزير الداخلية، وعدد من أعضاء مجلسى النواب والشيوخ بمحافظة جنوب سيناء، وعدد من القيادات الأمنية والشعبية بالمحافظة، وبمراعاة الضوابط الاحترازية والإجراءات الوقائية والتباعد.
وأشار جمعة، إلى أن اتباع الحق سبيل السعادة فى الدارين، وأوضح نماذج من الحق فى حياتنا منها حق المال، موضحًا أن بعض الناس يظنون أنهم عندما ينفقون فى سبيل الله يمتنون على خلق الله وأنهم متفضلون عليهم مع أن كل ما يؤدونه هو إخراج حق الله فى مال الله حيث يقول الحق سبحانه : " إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِى جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَفِى أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ" ويقول سبحانه فى سورة المعارج : " وَالَّذِينَ فِى أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ".
افتتاح مسجد السلام بمدينة الطور
كما بين أن هناك علاقة بين قوله تعالى : وَفِى أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ" وبين قوله سبحانه : " وَفِى السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ" ليطمئن النفوس التى تؤدى حق الله فيما من الله به عليها ،وكما علمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : " يا ابْنَ آدَمَ أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ"، ويقول الحق سبحانه : " هَا أَنتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِى وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم" ،ويقول (صلى الله عليه وسلم) : " إِنَّ للهِ عِنْدَ أَقْوَامٍ نِعَمًا أَقَرَّهَا عِنْدَهُم -يَعْنِي: جَعَلَهَا ثَابِتَةً عِنْدَهُمْ-؛ مَا كَانُوا فِى حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ مَا لَمْ يَمَلُّوهُمْ، فَإِذَا مَلُّوهُمْ نَقَلَهَا اللهُ إِلَى غَيْرِهِمْ"، ويقول سبحانه : " وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ" فى الدنيا بزوال النعمة وفى الآخرة بكنز المال وعدم الوفاء بحقه.
وأشار جمعة، إلى أنه لا يوجد أى حرج شرعى فى الاحتفاء بأيام الوطن العظيمة ،أو تخصيص بعض الأيام للتذكير بحق أصحاب الحقوق علينا، كحق المعلم أو حق الأم أو بحق المرأة تنبيهًا على أداء الحقوق لهم، بل إن ذلك من علامات الوفاء، مبينًا أنه كما فى الأموال حق، فللوالدين حق، وإكرام الوالدين حق على الأبناء وليس تفضلا منهم، فعندما يحسن الإنسان لوالديه، فهو لا يتفضل عليهما أبدًا بل يؤدى بعض حقهما عليه حيث يقول سبحانه : " وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا"، فأنت ترد بعض الحق وليس كل الحق، لا يمكن أن يوفى إنسان حق والديه على الإطلاق، فقد أتى رجل إلى النبى (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ)، فقال: يا رسولَ اللهِ إنى أريدُ الجهادَ فى سبيلِ اللهِ تعالى، فقال: أُمُّكَ حَيَّةٌ؟ فقلتُ: نعمْ، فقال: الزم رجلها فثمَّ الجنَّة"، ويقول أبو فراس الحمدانى :
أَيا أُمَّ الأَسيرِ لِمَن تُرَبّى * وَقَد مُتِّ الذَوائِبَ وَالشُعورُ
إِذا اِبنُكِ سارَ فى بَرٍّ وَبَحرٍ * فَمَن يَدعو لَهُ أَو يَستَجيرُ
بِأَى دُعاءِ داعِيَةٍ أُوَقّى * بِأَى ضِياءِ وَجهٍ أَستَنيرُ
بِمَن يُستَدفَعُ القَدرَ المُوَفّى * بِمَن يُستَفتَحُ الأَمرُ العَسيرُ
إنه حق الوالدين فعلى كل منا أن يتفانى فى خدمتهما خاصة عند الكبر وليقل " رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا".
كما أوضح جمعة، الحق الثالث وهو حق الوطن، فقد قالوا إذا أردت أن تعرف أصالة إنسان وطيب معدنه فانظر إلى مدى وفائه لوطنه، فمن لا خير لوطنه فيه فلا خير فيه أصلا، ومآل الخونة والعملاء سوء المآل فى الدنيا والآخرة، فليس مع الوطن خاسر وليس ضده رابح، فما عادى أحد وطنه وما خان أحد وطنه إلا خسر الدنيا والآخرة، ومن يقرأ التاريخ يجد خير شاهد على ذلك، مشيرًا إلى أننا فى يوم من الأيام العظيمة، حيث يقول رب العزة : " وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّه"، ومن أيام الله لأى وطن أيام العزة وأيام النصر وأيام الفخار، وها نحن هنا فى طور سيناء من مسجد السلام بمدينة السلام بطور سيناء حيث كلم الله سيدنا موسى (عليه السلام)، وحيث تجلى ربنا للجبل فجعله دكًا، وحيث الوادى الأيمن من البقعة المباركة من الشجرة فى هذه المحافظة الطيبة، تحتفل محافظة جنوب سيناء والمصريون جميعًا بذكرى رفع العلم على طابا فى 19 من مارس كل عام، وفى ذلك اعتزاز بالوطن واعتزاز بالأرض وتأكيد على استمرار التضحية فى سبيل الوطن، فكل وطنى شريف يعتز بأيام وطنه المجيدة ،والوفاء بحق الأوطان من شيم الكرام، ضحى آباؤنا بدمائهم وأرواحهم، وضحى أجدادنا واستردوا حربًا وتفاوضًا كل ذرة رمل من هذا الوطن، وها هو هذا الجيل جيشًا وشرطة يؤديان حق الوطن فى مواجهة قوى الشر والإرهاب، فالحفاظ على الوطن والتضحية من أجله ليس منوطًا بجيل واحد من الأجيال أبدًا، بل هو حق على جميع الأجيال أن تؤدى ضريبتها تجاه الوطن دفاعًا وحفاظًا وعملًا وتنميةً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة