"الشغل مش عيب" مقولة شعبية مأثورة نرددها كثيرًا، ولكن قليلاً من تجدهم يتخذونها شعارًا لحياتهم ويقررون اقتحام أي مجال للعمل ويسعون بطرق كافة الأبواب بدلاً من انتظار الفرصة المثالية.
في السنوات الأخيرة بدأ الشباب يستوعبون هذه الفكرة ويحاولون خوض تجارب الحياة بحلوها ومرها دون يأس ولا إحباط. وفي هذا التقرير نرصد 4 نماذج لشباب طموحهم لا يعرف حدًا وقرروا أن يعملوا دون أن يعبأوا بأي عقبات.
ريمون منجد من الطفولة وحتى حصل على بكالوريوس هندسة
طالما ذمت الأمثال الشعبية في "الإيد البطالة" لذا وضع ريمون هاني الشاب العشريني هذه المقولات أمام عينه، وقرر أن يتخذ من مهنة والده مصدراً للرزق منذ أن كان في المرحلة الإعدادية، ومروراً بسنوات تعليمه ومع إصراره على عدم الاستسلام لأية مصاعب قرر أن ينجح ويلتحق بكلية الهندسة جامعة سوهاج بعد حصوله على درجات تؤهله لذلك.
قال ريمون في حديثه لـ"اليوم السابع" إنه يعمل مع والده في مهنة التنجيد منذ أن كان طفلاً صغيراً لم يتعد الـ 8 سنوات، لكن أخذه كعمل يدر له ربحاً من المرحلة الإعدادية، وأردف أن بعض المشكلات الاسرية كان دافعاً امامه للنجاح وليس العكس، حيث اصر على مزاولة عمله كمنجد بجانب تفانيه في الدراسة.
ريمون
وتابع أنه تعلم أصول الصنعة من والده الذي حالت الظروف بينه وبين مساعدة ريمون الذي قرر أن يتولى جميع مصروفاته كرجل قادر من الصغر، وأضاف: "اشتغلت في الخردوات ومرة في الأحذية و بعت فحم وأدوات منزلية وكان حلمي ادخل هندسة من اعدادي والحمد لله دخلت ثانوية عامة، وبعدها الكلية بمجهودي وفلوس شغلي"
ريمون هاني
ريمون اثناء العمل
حدوث خلاف مع والده جعله يفصل العمل عنه، فتابع: "اضطريت أني اشتغل عند تجار جملة شيال بضائع لغاية ما حد مالك لمحل تنجيد شغلني معه"، مرت السنوات حتى وصوله للصف الثالث الثانوي، والوقت المصيري الذي سيحدد مستقبل ريمون حيث قال: "اكون او لا اكون أما هحقق حلمي وادخل هندسة أو ارجع زي ما كنت والحمد لله ربنا كرمني وجبت 95.7 وحاليا في الفرقة الثانية قسم كهرباء بجانب عملي والشغل مش عيب" مؤكدًا أن عليه العمل ما دام لديه هدف يريد تحقيقه.
ريمون هاني
ابن الدقهلية يدرس الحقوق ويعمل بعصارة للقصب.. حياتي بتتغير للأفضل
منذ الصباح الباكر ومع تزايد درجات الحرارة تجده يهرول مسرعاً لعمله في معصرة للقصب المملوكة لعمه في مدينة دمياط الجديدة، بالرغم من أنه طالب بكلية الحقوق جامعة المنصورة الا أن كريم خالد صاحب الـ 21 عاما لم يقف عن تحقيق حلمه بالدراسة واكتفائه المادي عن طريق عمل شريف يدر له بعض المال لتوفير احتياجاته.
كريم خالد
قال كريم في حديثه لـ"ليوم السابع" أنه يعمل في المعصرة منذ أن كان بالمرحلة الثانوية، لم يجد غضاضة في ممارسة مهنة توفي احتياجاته، خاصة أن له حلم يريد تحقيقه وهو استكمال دراسته ومنع أي عوائق مادية تحول بينه وبين هدفه في الحصول على شهادة عليا، وتابع أنه منذ قراره بالعمل وهو لا يتجاوز الـ 14 عاما يهتم جيداً بدراسته، وأنه يتوقف عن العمل بعطلة قصيرة في فترة الامتحانات حتى يتمكن من التركيز في دراسته خلال هذه الفترة.
كريم في المعصرة
وأضاف أن عمله في المعصرة تجاوز الخمسة سنوات متواصلة دون كلل أو ملل، مع زيادة شعوره بالفخر والثقة التي يشعر بها دائماً طوال الوقت نتيجة سيره على الطريق الصحيح مثلما قال، وأختتم قائلاً بأن حياته طوال الوقت جيدة لم يشعر في يوم أنه مقصر في حق نفسه وفخور بعمله مادام يستطع تحقيق حلمه من خلاله معرباً تمنياته بالتحاقه بالجيش المصري بعد اجتيازه امتحانات الليسانس.
كريم
طالب هندسة صباحاً وفني محارة ليلاً.. محمد: "بقيت صنايعي"
"مفيش حاجة مستحيلة" شعار رفعه الشاب الاقصري محمد عباس صاحب الـ 23 عاما والذي يعمل في مهنة المحارة بجانب دراسته بكلية الهندسة قسم معماري بجامعة أسوان الأمر الذي جعله يتحمل مسئولية عمل ودراسة في آن واحد منذ نعومة اظفاره عندما كان بعمر الـ 11ربيعاً، فقال محمد في حديثه لليوم السابع أنه عمل مع والده منذ أن كان طفلاً حيث أن والده يعمل "صنايعي محارة"، بدأ بالاعمال الخفيفة بيومية زهيدة لكنه عرف قيمتها مبكراً.
محمد اثناء العمل
محمد في كلية الهندسة
وتابع بالرغم من أنه من نجع السمان وهي بلدة صغيرة بمحافظة الاقصر الا أن احلامه كانت كبيرة بالنسبة للامكانيات المتاحة، فهو يحلم دائماً بدراسة الهندسة ويصبح أسمه عالياً، وأضاف أن عمله مع أحد الاشخاص والذي كان يعامله بقسوة وشدة جعله يصر على استكمال تعليمه مهما بلغت المصاعب، وأردف: "فكرت وأنا في المرحلة الاعدادية بأني ليه منجحش ف التعليم، واهرب من الشغل المتعب ده و اكون شخصية مهمة تجمع بين الاتنين وتكسب وتنجح وتوصل للي بتتمناه، وقتها اصريت أني مش هيأس ولازم ادخل هندسة"
محمد اثناء الدراسة
محمد عباس اثناء العمل
وأضاف أنه تفرغ في الثانوية العامة للدراسة فقط كي يحقق حلمه بالالتحاق بكية الهندسة، وكان الداعم له والدته ووالده الذي قال عنه أنه من الاسباب الاساسية لأصراره على استكمال تعليمه، حيث قال: "والدي الى الان بيشتغل في المحارة، نفسي اشتغل بعد التخرج واريحه من الشقا"، وتابع : "حققت حلم الطفولة، و حالياً بدرس الهندسة و بنزل الشغل الي كان له الفضل علي الي الأن، بس أصبحت صنايعي مش عامل"
محمد بيستعد لامتحانات الليسانس على عربية الفول: "اتعلمت أكون راجل"
بالرغم من عمره الصغير أراد محمد أبو السعود الوقوف على قدميه وإزالة كل المعوقات التي تحول بينه وبين استكمال تعليمه، من ضيق حال أو قلة في الرزق، خاصة بعد التحاقه بكلية الحقوق جامعة القاهرة اتخذ من عمل والده كبائع فول مصدراً للرزق وفكرة لتنفيذ مشروعه والعمل بشكل منفرد عن والده.
محمد ابو السعود
قال محمد الشاب العشريني أنه يعمل مع والده منذ أن كان بعمر الـ 13 عاما، ولم يخجل طوال سنين عمره من العمل كبائع للفول، وتابع مع زيادة متطلباته خاصة بعد التحاقه بكلية الحقوق جامعة القاهرة اتخذ من بيع الفول مصدراً اساسياً لزرقه، فأنفصل عن العمل مع والده وفتح محاله الخاص ليستطيع الوقوف على رجليه أو كما قال ليخفف الحمل عن والده الذ يتعب كثيراً حتى اوصله ليكون رجلاً قادراً على تحمل المسئولية.
محمد
وأردف مع بداية شهر رمضان وأن هذه أول سنة له يعمل في بيع الفول بمفرده ويهل عليه نسمات الشهر الكريم يركز على عمله ودراسته سوياً، حيث سيبدأ امتحاناته لتحصيله شهادة الليسانس والذي يستعد لها من الأن، الامر الذي يجعله طوال شهر رمضان يعمل لمدة 24 ساعة في اليوم.
وتابع أن الفضل يرجع لوالده الذي علمه أصول العمل والكسب الحلال، وأنه بدونه لم يستطع الوصول الى ما هو عليه، واوصل الشكر والعرفان لوالده على تربيته ليتحمل صعاب الحياة ومواجهتها دون خجل او تعب، وتمنى استكمال تعليمه الى النهاية والحصول على اعلى التقديرات ليتمكن من فتح مكتباً للمحاماه بجانب عمله كبائع فول قائلاً: "اتعلمت من صغري اكون راجل وقد المسئولية".