مع اتخاذ الرئيس الأمريكى جو بايدن، أهم قرار له حتى الآن بسحب جميع القوات الأمريكية من أفغانستان، تعالت أصوات التحذير من تداعيات هذا القرار على أمن الولايات المتحدة وأفغانستان.
قالت صحيفة واشنطن بوست: إن الوكالات الاستخباراتية والعسكرية الأمريكية تتسابق لتحديد خطط لمواجهة الجماعات المسلحة فى أفغانستان بعد قرار بايدن، إلا أن مسئولين سابقين وحاليين يحذرون أن التعامل مع التهديدات للأمن الأمريكى ستكون أصعب بكثير من بعيد.
وقال الرئيس بايدن، إلى الولايات المتحدة ستعيد تحديد أماكن الأفراد والعتاد، بمجرد سحب البنتاجون قواته من أفغانستان قبل الذكرى العشرية لهجمات سبتمبر الإرهابية.
وقال بايدن، أثناء إعلان القرار: أمريكا لن تغض البصر عن التهديد الإرهابى. وقال كبار مساعدى بايدن، إن الخطوة التى تأتى على الرغم من التحذيرات من القادة العسكريين والاستخباراتيين بأن الانسحاب قد يسمح للقاعدة بعودة الظهور مرة أخرى، كانت ضرورية للالتزام باتفاق الانسحاب الذى تفاوض عليه الرئيس السابق دونالد ترامب مع طالبان، والسماح للولايات المتحدة بالتركيز على تحديات أخرى أكثر إلحاحا مثل الصعود العسكرى للصين.
إلا أن بعض المسئولين، حذر من أن المقايضات الأمنية الأمريكية، لاسيما فى ظل هشاشة محادثات السلام بين طالبان والحكومة الأفغانية، يمكن أن تكون شديدة الانحدار بدون وجود مجموعة من القواعد العسكرية وترسانة الأسلحة والطائرات وشبكة من المصادر البشرية.
وقالت ليزا كورتيس، التى عملت كأبرز مسئولى البيت الأبيض لأفغانستان وباكستان خلال إدارة ترامب، إن السبب الذى جعل "القاعدة" ضعيفة للغاية الآن هو أن أمريكا كانت تمارس الضغط عليها. وبدون الوجود الأمريكى سيكون لها الحرية فى فعل ما يريدوه.
وتشابهت تحذيرات كورتس مع تصريحات مدير السى أى إيه ويليام برنز الذى قال للمشرعين هذا الأسبوع: إن الرحيل العسكرى يمكن أن يقلص قدرة الحكومة الأمريكية على رصد الصعود فى التهديدات الإرهابية والتعامل معها، بما فى ذلك تنظيم داعش. وقال إنه سيكون هناك مخاطر كبيرة بمجرد انسحاب الجيش الأمريكى وجيوش التحالف.
ويقول مسئولو البنتاجون، إن خطط إعادة التمركز الأولية التى تم وضعها خلال مراجعة السياسة التى بداها بايدن بعد توليه منصبه، وخلال المناقشات السابقة حول الخيارات الأمريكية فى أفغانستان، سيتم إعادة صياعتها وتقديمها غلى وزير الدفاع لويد أوستن للموافقة عليها.
ومن بين أكبر التحديات التى ستظهر بانسحاب القوات كيفية مراقبة الجماعات المتطرفة فى أفغانستان بفعالية، وربما ضربها، حيث أن البلد غير ساحلى وبعيد عن أى قاعدة أمريكية رئيسية. ويمكن للطائرات الأمريكية إطلاق رحلات من القاعدة الجوية فى قطر، والتى تعد المحور الجوى الرئيسى للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط. لكن بعد قطر عن أفغانستان، بالإضافة إلى الحاجة إلى التحليق فوق إيران يجعله خيارا مكلفا.
من ناحية اخرى، قالت صحيفة وول ستريت جورونال، إن قرار بايدن بسحب القوات من أفغانستان يتعارض مع توصيات كبار قادته العسكريين الذين يخشون أن يقوض هذا القرار الأمن فى البلاد.
ونقلت الصحيفة عن مسئولين، لم تحدد هويتهم قولهم إن الجنراك فرانك ماكينز، قائد القوات الأمريكية فى الشرق الأوسط والجنرال أوستن سكوت ميلر قائد مهمة الناتو فى أفغانستان والجنرال مارك ميلى رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الامريكية، أوصوا جميعا بالاحتفاظ بالقوة الحالية التى يبلغ قوامها 2500 جندى مع تكثيف المساعى الدبلوماسية لترسيخ اتفاق السلام.
وقال المسئولون، إن وزير الدفاع الأمريكيى الذى سبق وخدم فى أفغانستان، شارك كبار الضباط العسكريين مخاوفهم، وحذر من أن سحب جميع القوات الأمريكية سيحرم أفغانستان تماما من أى استقرار.
إلا أن بايدن، كان مصمما على إنهاء أطول حرب أمريكية مع حلول الذكرى العشرين لهجمات سبتمبر، التى أدت إلى التدخل العسكرى فى أفغانستان.
ورأت وول ستريت جورنال، أن "قرار الرئيس الأمريكى، وهو أهم قرار اتخذه حتى الآن كقائد أعلى للقوات المسلحة، يعكس الحسابات التى تشير إلى أن احتمالات التهديدات الإرهابية فى أفغانستان قد تضاءلت"، وأن موعدا مؤكدا لإخراج القوات الأميركية من البلاد يمكن أن يجنب تجدد القتال مع طالبان، والالتزام العسكرى المفتوح.