مازالت أسعار الوحدات السكنية التي يبنيها القطاع الخاص لا تبشر بانتهاء أزمة الركود في المبيعات، وحالة الجمود التي يشهدها السوق منذ عدة سنوات، تجلت ذروتها مع انتشار فيروس كورونا المستجد، وتعليق عمليات البيع والشراء خلال الفترة الماضية، في حين أن نسبة المعروض كبيرة، مع العلم أن بعض الشركات باتت تقدم الوحدات السكنية كاملة التشطيب ومجهزة بالفرش والأجهزة الكهربائية كنوع من التحفيز.
احتلت الشركات العقارية الخاصة نصيب الأسد من حصة الإعلانات الرمضانية هذا العام، وظهرت العديد من المشروعات الكبيرة التي تطرح وحدات سكنية وفيلات بمستويات رفاهية مرتفعة، تصل الأسعار فيها لمستويات قياسية، لدرجة أن سعر الفيلا في أحد المشروعات الجديدة يتراوح بين 40 إلى 90 مليون جنيه، وهذا رقم مبالغ فيه، حتى لو كانت هذه الفيلات في مواقع مميزة وعلى أعلى مستويات التشطيب والتجهيز، خاصة مع الخسائر التي حاصرت الطبقات الغنية على مدار عام ونصف نتيجة جائحة كورونا العالمية، وكذلك عدم قدرة الطبقة المتوسطة على شراء عقارات بهذه الأسعار.
المشكلة فى الشركات العقارية الخاصة أو المسئولين عن التطوير العقارى فيها أنهم يرغبون في تحقيق مكاسب 200 و300%، وهذه نسب لم تعد ملائمة للسوق، وحجم العرض والطلب الموجود فيه، الأمر الذى يزيد من حدة الركود وحجم التراجع في المبيعات خلال الفترة المقبلة، الذى قد يستمر لسنوات، خاصة أن الأنظار في الوقت الراهن تتجه إلى شرق القاهرة والعاصمة الإدارية، التي يرى من يخطط لحيازة العقار أنها تحمل مستقبل أفضل، وتقدم بيئة متكاملة من الخدمات العصرية المتطورة، قياساً على العقارات الموجودة في 6 أكتوبر أو الشيخ زايد أو الشروق والعبور وبدر والمدن الجديدة.
زبون القطاع العقارى اكتسب خبرات كبيرة خلال الفترة الماضية، وبات يستطيع تقييم الأمور بصورة أفضل، ويدرك جيداً أن السوق العقارية تحتاج إلى السيولة بصورة عاجلة، لذلك يدرس القرار الشرائى جيداً ويتخذه بناء على معايير وأسباب واقعية ودراسة متأنية ومعادلة متزنة تعتمد بصورة أساسية على العرض السعرى المطروح، دون أن يلتفت إلى حجم الدعاية أو التسويق، خاصة إن كان ثمن الوحدات السكنية المتوسطة فى الشركات العقارية الكبرى لا يقل عن 3 ملايين جنيه.
الشركات العقارية الخاصة قدمت عروضا تسويقية فى السنوات القليلة الماضية، تعتمد على التقسيط لمدد تتراوح ما بين 8 إلى 10 سنوات، حتى تنجح فى إغراء المستهلكين للإقبال على الشراء، إلا أنها رفعت الأسعار بمعدلات وصلت إلى 100% حتى تعوض فترة التقسيط، وهذا جعل جزء كبير من المستهلكين أيضا يعزف عن شراء العقارات، فمازال الزبون المصرى يقلق من فكرة الأقساط طويلة الأجل ويرى أنها أعباء وقيود ضاغطة لا يمكنه تحملها لفترات طويلة، ولا يضمن معها الظروف الاقتصادية والتغيرات المتوقعة في سوق العمل.
يجب أن تقدم الشركات العقارية الخاصة عروضاً حقيقية بهامش ربح معقول لها، وجودة معتبرة للزبائن، تعتمد بصورة أساسية على الموازنة بين العرض والطلب، دون أن يكون الأمر مرتبطاً بفكرة "الصيت ولا الغنى"، أو القدرة على الدعاية والتسويق فقط، لاسيما أن حالة الركود العقارى الحالية تحتاج إلى وعى حقيقى من جانب المستثمرين في هذا القطاع، حتى لا نصل إلى الركود الممتد والتوقف الجزئي لعمليات البيع والشراء.