الزيارة التى قام بها رئيس الوزراء مصطفى مدبولى، إلى ليبيا، تحمل الكثير من الرسائل المهمة للداخل والخارج، أهمها أن الدولة المصرية تساند إجراءات حكومة الوحدة الوطنية، والتى تدفع نحو مزيد من الاستقرار، وتخرج أى تدخلات خارجية من المعادلة.
الزيارة تشير بوضوح إلى أن ليبيا تتجه إلى مزيد من الاستقرار، بعد سنوات من عدم الاستقرار، وبعد أن ظلت مجالا لتدخلات وميليشيات وحروب بالوكالة وتنظيمات إرهابية، وفشلت المبادرات المختلفة والدولية فى صناعة تقارب، وبدأ الأمر يتجه أكثر نحو مزيد من الفوضى مع تدفق مقاتلين من دول العالم ودواعش من سوريا والعراق.
ظلت مصر الطرف الأكثر حرصا على وحدة واستقرار ليبيا، والذى يراهن على قدرة الليبيين على انتزاع قرارهم وإدارة بلادهم وإخراج الميليشيات والتدخلات الخارجية، وساهمت خطوط مصر الحمراء التى أعلنها الرئيس السيسى فى يوليو الماضى فى تأكيد صحة الرؤية التى تدفع نحو إخراج كل الأطراف الخارجية الأجنبية وأن تكون ليبيا لشعبها وأهلها.
كانت رؤية مصر أن استقرار ليبيا يعنى تأمين جبهة مصر الغربية، فضلا عن فتح مجالات للتعاون، فى إعادة إعمار ليبيا، وعودة الخبرات المصرية التى عادت بعد انهيار الدولة والمؤسسات.
اليوم تأتى زيارة رئيس الحكومة مصطفى مدبولى ومعه 11 وزيرا إلى ليبيا، لتشير إلى ما تحقق من استقرار، مع مؤشرات على عودة الطيران من ليبيا لمصر، والاتجاه لتشكيل لجنة من الوزارات المعنية لبحث أطر عودة العمالة المصرية إلى ليبيا، واستئناف أعمال اللجنة العليا المشتركة بين البلدين.
مصطفى مدبولى أكد أن مصر مستعدة لمساعدة الأشقاء الليبيين فى كل المجالات، ودعم جميع الإجراءات التى تؤدى لتحسين الأوضاع الاقتصادية، وسنعمل بكل جهدنا على زيادة فرص التعاون المتاحة فى مختلف المجالات، خاصة أن مصر وليبيا أقرب لبعضهما، مع دول جوار ليبيا فى المغرب.
وقد طلب الجانب الليبى أهمية اتخاذ الإجراءات العاجلة لعودة العمالة المصرية إلى ليبيا، بالإضافة إلى تيسير حركة التنقل بين البلدين، وأن هناك لجنة من الوزارات المعنية تضع الأطر الخاصة بتنفيذ ذلك. ومنها فتح خطوط الطيران والنقل البرى والتنقل بين البلدين بشكل طبيعى، وكلها خطوات تدعم العلاقات المشتركة وتفتح آفاق التعاون بين البلدين اقتصاديا وتجاريا، وهى علاقات لم تتوقف أبدا حتى فى ظل الأوضاع المرتبكة، فلم يتوقف الأشقاء فى ليبيا عن زيارة مصر ولم يتوقف المصريون عن السفر والتنقل إلى ليبيا، لكن الاستقرار يقود لمزيد من آفاق التعاون والتنقل والعلاقات والمشروعات المشتركة بين البلدين، مع الاتفاق على دخول السلع والبضائع المصرية المختلفة للأسواق الليبية، وأن تكون بجودة عالية.
الزيارة التى قام بها مدبولى والوزراء شهدت توقيع 11 وثيقة تعاون مع حكومة الوحدة الوطنية الليبية فى عدة مجالات شملت النقل والمواصلات، والإسكان والمرافق، وتنفيذ مشروعات الطرق والبنية التحتية، إلى جانب المجال الصحى، بالإضافة إلى التعاون فى مجال القوى العاملة، والاستثمار فى مجال الكهرباء، وغيرها، وكلها مجالات حيوية تمتلك فيها مصر خبرات واسعة، تسهل توفير ما يحتاجه الليبيون بشكل اقتصادى.
كل هذه الخطوات بالطبع تصب فى مصلحة ليبيا ومصر، لكنها تحمل الكثير من الرسائل، أهمها صحة الرؤية المصرية التى حملت إصرارا على أن تكون ليبيا لشعبها وأهلها، وأن يتم إبعاد التدخلات الخارجية، ولهذا تأتى زيارة رئيس الوزراء لليبيا، تأكيدا لدعم مصر الكامل للأشقاء فى كل المجالات والخيارات.