ليست المرة الأولى التى يتكرر فيها الحديث عن الاستعانة بخبرات أو شركات أجنبية، لإعادة هيكلة القطارات، ومؤخرا بعد تكرار حوادث قطارى سوهاج أو القليوبية، عاد الحديث من جديد عن الخبراء الأجانب، وانتشرت أخبار وتقارير عن الاستعانة بخبراء أجانب، وبالفعل فإن مصر تستعين بخبرات عالمية مختلفة فى المشروعات كلما استدعت الحاجة، وفى إنشاء وتشغيل المترو، بمراحله المختلفة، هناك خبرات فرنسية تمت الاستعانة بها، وبحسب ما قاله المهندس كامل الوزير وزير النقل، هناك خطوات لإعادة تأهيل وتدريب العنصر البشرى على نظم التكنولوجيا مع إسناد عدد كبير من مشروعات النقل إلى شركات عالمية متخصصة فى الإدارة والتشغيل لمدة محددة حتى يتم نقل الخبرات فقد تم التعاقد مع شركه RATP الفرنسية لإدارة وتشغيل الخط الثالث لمترو الأنفاق، والقطار الكهربائى «السلام - العاصمة الإدارية الجديدة - العاشر من رمضان»، وهناك تفاوض مع الشركات العالمية لإدارة وتشغيل خطوط المونوريل والقطار الكهربائى السريع وخطوط الأتوبيس الترددى BRT على الطريق الدائرى.
وبالتالى، فالخبرات الأجنبية موجودة، وقد سبق وتردد الحديث عن الاستعانة بخبراء أجانب لإدارة أو إعادة هيكلة السكك الحديدية ويتكرر هذا الحديث مع كل حادث للقطارات.
القصة وما فيها، أننا نعرف مشاكلنا، ونجيد التشخيص، ولا نجيد العلاج، ولا نعرف من أين نبدأ، وفى قضية القطارات والسكك الحديد، ندور ونرجع لنفس النقطة، وكلما وقع حادث قطارات تصادم أو خروج عن الخط، يتجدد الحديث عن غياب الصيانة وتراجع مستوى العنصر البشرى، وغياب الرقابة والمتابعة والجودة والصيانة، يعنى مشكلة الإدارة.
وبعد حادث تصادم قطارى الإسكندرية عام 2017 تجدد الحديث عن الاستعانة بخبراء أجانب سواء شركة استشارية أو إدارة أجنبية، وقال وزير النقل هشام عرفات أمام اجتماع لجنة النقل بمجلس النواب، إنه تمت الموافقة على دخول شركات أجنبية كبيرة لتطوير ورش السكة الحديد، وأن يكون الحساب بالإنتاجية، قبل ذلك كان الحديث عن الاستعانة بأجانب يواجه بالهجوم.
وزير النقل الأسبق الدكتور سعد الجيوشى، أعلن اتجاها للاستعانة بشركات بريطانية لإدارة السكك الحديدية، أو لإعادة هيكلة المرفق، لكن دعوة الوزير السابق قوبلت بالهجوم وتوقف الحديث عن الاستعانة بالأجانب.
نقول هذا لنشير إلى أن الأمر مطروح على مدى عقود، والحديث عن الاستعانة بالأجانب لا يتوقف، ودائما ما يقارن البعض بين الإدارة الفرنسية لمترو الأنفاق ومستوى الضبط والنظام والحسم، وبين الوضع بعد رحيل الفرنسيين، بالرغم من أن المصريين هم الذين يقومون بباقى الأدوار من صيانة إلى إدارة فعلية وتعامل مع الجمهور، الفرق فقط فى وضع منظومة للصيانة والمحاسبة وباقى العناصر بشكل يجعلها أكثر نجاحا.
مصر ثانى دولة بعد بريطانيا تمتلك خط سكك حديدية، وبريطانيا لديها خبرات فى إدارة وتطوير السكك الحديدية، مع العلم أن البريطانيين لا يجدون مشكلة فى الاستعانة بشركات المانية ومنها «سيمنز» لتطوير الضبط الإلكتروني.
وتظل فكرة الاستعانة بالخواجات، تثير حساسيات، ويراها البعض مجرد «عقدة خواجة»، مع العلم أن هناك شركات كبرى، خاصة وعامة، تستعين بإدارات أجنبية لبعض الوقت، أو لوضع خطط تطوير وهيكلة، وهناك منظومات فى مصر تديرها شركات أجنبية مثل الفنادق وشركات الطيران.
الشاهد هو أن الأمر ليس فى الاستعانة أو عدم الاستعانة بالخبرات الأجنبية، لكن الأهم هو التعلم ونقل سبل الإدارة الحديثة، والتى تستمر ولا تتوقف، والأهم هو أن تنتهى حوادث القطارات، وتعود للعمل مثل «الساعة».