"هناك أشخاصا يولدون حين يموتون" .. مقولة رددها البرتغالى، مانويل جوزيه، مدرب كرة القدم للنادى الأهلى الأسبق، عندما توفى اللاعب محمد عبدالوهاب، ظهير أيسر النادى الأهلى، وكان لا يتمتع بنجومية صاخبة، أو شهرة جيل 2005 الذى بلغت شهرتهم الأفاق فى عالم الساحرة المستديرة، وعندما اختطف الموت اللاعب صغير السن، شهد تشييع جنازته حشودا جرارة من الناس، ما هال الساحر البرتغالى، وهو المشهد المؤثر الذى لم ترى عيناه مثله من قبل سواء فى أوروبا، وبلاده جزءً منها، أو خارجها، لذلك، دشن مقولته العبقرية.
وتأسيسا على هذه المقولة، يمكن لنا تطبيقها على المقدم الشهيد محمد مبروك، فقد وَلِدا حينما استشهد، فقبل استشهاده، لم يكن يعرفه إلا الدوائر الضيقة المحيطة به، أسرته وأصدقائه وزملائه فى كلية الشرطة، وفى عمله بجهاز أمن الدولة، والذى تحول إلى مسمى جهاز الأمن الوطنى، رغم ما أظهره من قدرات مهنية كبيرة.
لكن عندما استشهد، فقد عرفه الشعب المصرى، ودمعت عيون الغالبية من شرفاء هذا الوطن، على فراقه، واتجهت بوصلة الاهتمام بقدرات محمد مبروك، المهنية، وأنه أحد أبرز رجالات الأمن المعلوماتي، والذى كشف مخطط خيانة من تم تنصيبه رئيسا فى العام الأسود من تاريخ مصر 2012 واتصالات كبار قيادات جماعة الإخوان بقيادات التنظيمات الإرهابية، من بينهم أيمن الظواهرى، قائد تنظيم القاعدة، بجانب الاتصال بأنظمة معادية، قدم لها معلومات وتقارير عسكرية غاية فى السرية، ما يعد خيانة عظمى للبلاد والعباد.
لذلك كان المقدم الشهيد محمد مبروك هدفا جوهريا للجماعة الإرهابية، باعتباره كنز المعلومات بالوثائق والأدلة فى القضية الشهيرة، باسم "قضية التخابر" فكان التخلص منه ضرورة لإسكات صوته نهائيا من أن يجلجل جنبات المحكمة كشاهد، وكاشف وفاضح للجماعة الوقحة ورئيسها، غير الجديرين بأمانة حماية الوطن، وصيانة أمنه القومى بمفهومه الشامل، والارتماء فى أحضان ألد أعداء مصر.
وحينما عرض مسلسل الاختيار 2 لسيرة المقدم الشهيد محمد مبروك، وأبرز دوره فى تتبع خيوط خيانة جماعة الإخوان، وقادتها الذين سيطروا على السلطات فى مصر، والتوصل لتسجيلات الاتصالات الخطيرة مع أنظمة وكيانات وتنظيمات تعمل ضد مصر، ثم إبراز حادث استشهاده، شاهده وتابعه الشعب المصرى فى الداخل والخارج، بجانب الملايين من الشعب العربى، فاقتحم، رغم انتقاله للرفيق الأعلى، قلوب الملايين، وانتزع الحب والتقدير والاحترام، ودمعت العيون بغزارة على رجل، كان يعمل وسط الجحيم، للمحافظة على أمن وأمان واستقرار الوطن والمواطنين، وأبرز دور رجال الأمن المعلوماتى في الأجهزة المختلفة، بأن عيونهم رغم الفوضى، مفتوحة، وحارسة، لا تعرف للنوم طريقا.
نعم، المقدم الشهيد محمد مبروك، ومن قبله شهداء كثر، من رجال الجيش، مثل، أحمد المنسى، رامى حسنين، وخالد المغربى، على سبيل المثال لا الحصر، قد وِلِدوا حينما استشهدوا، وصارت أسمائهم تتردد على ألسنة الملايين، وصورهم، تشاهدها عيون الجميع، وتحفر لها مكانًا بارزًا على جدران ذاكرة الشرفاء، وعلى جبين الزمن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة