أصدرت وزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية، قبل نحو 5 أشهر الاشتراطات الخاصة بمعايير البناء الجديدة، من خلال مجموعة من الضوابط التخطيطية والبنائية جاءت في 29 ورقة مفصلة، تم اعتمادها يوم 18 ديسمبر 2020، من الحكومة، حتى تبدأ المحليات ممثلة في الأحياء ومراكز المدن، والمدن الجديدة، منح التراخيص اللازمة للبناء، إلا أن قضية التراخيص لم تتحرك حتى الآن، دون سبب عن طبيعة المعوقات التي تقف في طريقها.
التوقف عن إصدار تراخيص البناء فى المدن أو الريف لفترات طويلة يؤثر بصورة مباشرة على العمالة الموجودة في قطاع المقاولات، التي فقدت آلاف الوظائف على مدار الفترة الماضية، نتيجة وقف التراخيص من جهة، وانتشار فيروس كورونا من جهة أخرى، وهذه قضية تستحق الاهتمام والمتابعة، خاصة أن هذا القطاع كثيف العمالة، ومصدر رزق لآلاف الأسر المصرية، كما أنه يؤثر بصورة كبيرة على الصناعات المرتبطة بالتنمية والبناء، مثل الأسمنت والحديد والسيراميك والأدوات الصحية، والدهانات، ومن يعملون في تلك القطاعات، الذين إما أن يخسروا وظائفهم أو يتعرض عدد كبير منهم للتسريح وفقدان مصدر رزقه، نتيجة ضعف العوائد وحجم الإنتاج.
قبل عدة أيام تحدث اللواء محمود شعراوى، وزير التنمية المحلية عن استخراج تراخيص البناء، وأعلن أنه سيتم البدء فى التقدم للتراخيص مايو القادم بشكل تجريبى لمدة شهرين، وفتح التراخيص فى 27 "حى" بواقع حى واحد فى كل محافظة لمدة شهرين، ثم بعد ذلك يتم تعميم التجربة على باقى الأحياء، إلا أن هذه المدة كبيرة نسبياً وتحتاج إلى إعادة نظر من الوزارة، خاصة أنها قد تمتد لشهور إضافية إذا ظهرت أي معوقات في التطبيق، وهذا يزيد من نسبة البطالة والمتعطلين عن العمل في هذا القطاع.
وزير التنمية المحلية أكد أن مدة استخراج الرخصة البنائية لن تستغرق أكثر من 60 يوماً، وهذه مدة ليست قصيرة، كما أن ما فيها من استخراج أوراق ومستندات وتفاصيل، ما بين وزارة الإسكان ونقابة المهندسين، واتحاد المقاولين، وكليات الهندسة في الجامعات الحكومية، ومركز الوثائق المؤمنة، يجعل دورة المستندات والمستخلصات التي يحتاجها طالب الرخصة قد تستغرق سنة كاملة، من أجل الحصول عليها، ثم يضاف إلى هذه المدة "شهرين"، التي يتم فيها فحص الأوراق والقرار النهائي بالقبول أو الرفض، لذلك يجب أن تكون هناك مسار واحد يتم من خلاله تقديم الأوراق واعتمادها بصورة نهائية، دون أن تكون المسئولية بين عشرات الجهات الحكومية.
المواطن في الريف المصري بالصعيد أو الوجه البحرى أو حتى المناطق الساحلية والحدودية اعتاد طوال السنوات الماضية أن يبنى منزله بعد الحصول على التراخيص اللازمة من الحى، وبعضهم لم يكن يحصل على أي تراخيص، إلا أن الموضوع الآن بات أكثر تعقيداً وتشابكاً، حيث يحتاج إلى العديد من الجهات الحكومية، حتى يتمكن من إنهاء إجراءات البناء، لذلك يجب تخفيف القيود المرتبطة بالحصول على التراخيص، خاصة المناطق الريفية، التي تمثل قوة كبيرة من حجم العقارات في مصر، ويعمل فيها آلاف المقاولين المحليين، وتخدم مئات الآلاف من الأسر.
يجب أن تسارع وزارة التنمية المحلية لإنهاء قضية تأخر تراخيص البناء، لما لها من تأثير مباشر على قطاع المقاولات والصناعات المرتبطة بها، وعلى الأحياء أن تكون أكثر حسماً وإنجازاً في الموافقات المرتبطة بهذه التراخيص، وألا يخضع الموضوع للروتين المعهود من جانب المحليات والتفاصيل الصغيرة التي يتم اختراعها لتعطيل " المراكب السايرة" كما يقول أبناء البلد، بل يجب أن تكون هناك شفافية ووضوح للإجراءات المتبعة والأوراق المطلوبة، بحيث يحصل كل من يستحق على الترخيص، وليس كل من يدفع للترخيص، حتى لا تتكرر مأساة ملايين العقارات المخالفة التي نعيش مشكلاتها الآن.
على الرغم من أن تراخيص البناء متوقفة رسمياً منذ حوالى عام تقريباً، إلا أن الأحياء ومراكز المدن فعلياً لم تستخرج تراخيص منذ عدة سنوات، نتيجة تخوف بعض مسئوليها والأيادى المرتعشة، حيث يدخل الأمر في دائرة المماطلة والتسويف، ومن رئيس حى لآخر، وهناك آلاف الشكاوى فى الأحياء بسبب التراخيص، لذلك يجب أن تكون المعايير واضحة وشفافة للجميع وأن تدعم وزارة التنمية المحلية المسئولين في الأحياء ومراكز المدن بصورة واضحة في اتخاذ قرارات تراخيص البناء من عدمها، دون أن يخضع الموضوع للتسويف أو المماطلة أو أن يتحول إلى سبوبة وباب خلفى للفساد كما كان في السابق، فمن حق أي مواطن أن يحصل على ترخيص بناء مادام ملتزما بالشروط والمعايير التي وضعتها الدولة، وهذه قضية يجب أن تكون محل متابعة من جانب الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الحكومة، فالوضع لم يعد يحتمل تأخير أو تسويف، ويجب اتخاذ خطوات فعلية على الأرض لتفعيل الحصول على تراخيص البناء.