نلقى الضوء على كتاب "دولة المصارف: تاريخ لبنان المالى" للدكتور هشام صفى الدين، والذى صدرت ترجمته عن مركز دراسات الوحدة العربية، ترجمة فكتور سحاب.
يقول الكتاب الذى يأتى ستة فصول، فضلا عن المقدمة والمراجع والفهرس، إنه بعد انطلاق الانتفاضة الشعبية فى لبنان فى السابع عشر من أكتوبر 2019، تبلّرت لدى مجموعات واسعة من المتظاهرين شعارات جذرية تستهدف السلطة المالية للنظام اللبنانى، أبرزها شعار "يسقط حكم المصرف"، يومها، بدا التباينُ فى الصورة حاداً بين مشهدين: مشهد هذه الشعارات التى رفعتها تلك المجموعات من الانتفاضة، ومشهد المطالبة فى العقود الأولى بعد الاستقلال ومن جانب نقابات وأحزاب وقوى شعبية بتأسيس مصرف مركزى كرمز للاستقلال الاقتصادى للبنان، الذى لا يكتمل الاستقلال السياسى للبلاد من دونه.
فهل حقق تأسيس مصرف لبنان المركزى فى لبنان فى ستينيات القرن الماضى وتعويم دور القطاع المصرفى ليمثل العمود الفقرى فى بنية الاقتصاد اللبناني، الاستقلال الاقتصادى المنشود، أم أنه عمق من تبعية هذا الاقتصاد، وساهم فى نهاية المطاف إلى الانهيار النقدى وإلى الإفلاس المالى الذى يشهده لبنان اليوم؟
يقدم هذا الكتاب قراءة جديدة لتاريخ لبنان الاقتصادى الحديث، وبخاصة فى بعده المالي، تدحض الكثير من السرديات والفرضيات التأسيسية والمسلمات التى طغت على الثقافة السياسية وعلى السياسات الاقتصادية والاجتماعية للنظام اللبنانى على مدى عقود؛ ويعرض الكتاب فى هذا السياق، وفق مقاربة كونية وموثقة بالأرشيف، ظروف تكون النظام النقدى والمصرفى فى لبنان فى سياق مشاريع السيطرة الاستعمارية على المنطقة، وظهور تيارات فكرية تكنوقراطية معولمة، بالتقاطع مع نشأة الهيكلية المؤسسية للدولة اللبنانية واللوبى المصرفى بعد الاستقلال ودورهما فى حفظ مصالح رأس المال المحلى والخارجي. ويكشف الكتاب، بالاعتماد على وثائق لم تُنشر بعد، عن حقيقة أزمة بنك انترا وتداعياتها على النظام المصرفي.