فى أبريل 2010، باعت دار مزادات كريستيز العالمية لوحه "الدراويش" بمبلغ 2.434 مليون دولار، وفى وقت بيعها سجلت كأغلى لوحة رسمها فنان من الشرق الأوسط فى العصر الحديث، وهى للفنان المصرى العالمى الراحل محمود سعيد، واليوم تمر الذكرى 57 على رحيل الفنان المصرى الكبير، إذ رحل فى 8 أبريل عام 1964، عن عمر ناهز 67 عاما، وهو نفس اليوم الذى يمثل ذكرى ميلاده إذ ولد فى مثل في مثل هذا اليوم عام 1897م.
والدراويش هى لوحة فنية للفنان المصرى محمود سعيد، وتم رسم هذه اللوحة فى العام 1929م، هذه اللوحة هى أحد أعمال محمود سعيد المبكرة تظهر ستة من دراويش المولوية بملامح متشابهة وملابس متماثلة مع فروق فى وضعية كل منهم أثناء أداء الأذكار الدينية فى العصور العثمانية، فقد اشتغل سعيد طوال رحلته الفنية على الموضوع الدينى، فأخذته فكرة الموت والدفن والآخرة والتصوف والتعبد فى مراحل النضج، فى لوحاته: الدفن 1926، الرسول 1924، قبور باكوس برمل الإسكندرية 1927، الدراويش المولوية 1929، الصلاة 1934، الذكر 1936، المصلى 1941، دعاء المتعطل 1946، واختتمها بلوحة المقرئ فى السرادق 1960.
لوحة الدراويش
وربما السبب يعود إلى نشأته فى رحاب مسجد أبى العباس فى الإسكندرية، ومسجد الأباصيرى وسيدى تمراز والعدوى وقبور السبع مشايخ، وفى هذه الأجواء شهد حلقات الذكر والاحتفالات الدينية والموالد وسمعها، محاطًا بعبق البخور المنبعث من قبور الأولياء الصالحين.
تم بيع لوحة الدراويش بقيمة 9 ملايين و350 ألف درهم إماراتى "2.546 مليون دولار أمريكى" بتاريخ 28 أكتوبر 2010 حسب ما أعلنت دار كريستيز للمزادات العالمية حيث أن مزادًا لها فى دبى شهد بيع "أغلى لوحة تشكيلية لفنان عربى بالعالم".
وكانت التوقعات المبدئية ما قبل المزاد قدرت بيعها بمبلغ يتراوح بين 300 و400 ألف دولار، واللوحة واحدة من مقتنيات أمين جدة السابق الدكتور محمد فارسى، الذى يعد أهم الشخصيات الداعمة والراعية للحركة الفنية فى السعودية ومنطقة الشرق الأوسط، وخلال المزاد نفسه بيعت 30 لوحة من مقتنيات فارسى مقابل 24 مليوناً و700 ألف درهم.
رسم "سعيد" لوحة "الدراويش" عام 1935، أى فى مرحلة توظيف الأساليب الغربية فى الرسم، لكنه كان النموذج الفريد الذى هضم هذه المدارس، وطوع خلاصتها فى رسم لوحات مصرية صميمة، ومنها لوحة "الدراويش"، فقد طاف فى حلقات الذكر وأنصت إلى الترتيل، رغم أنه ابن الطبقة الأرستقراطية، لكنه اهتم بالبسطاء من الفلاحين والصيادين فى رسم لوحاته، بل سيطرت عليه حالة من التصوف والتأمل فى جماليات الكون والطبيعة، وجذبه جمال الفتيات السمراوات بأجسادهن الخمرية الذهبية، وملامح وجوههن البارزة ونظرات عيونهن الفاتنة، فرسمهن كما لم يرسمهن أحد من قبله أو بعده.
محمود سعيد الذى انصب اهتمامه على تصوير الحياة المصرية بجوانبها المختلفة - بدءًا من المناظر الطبيعية، مرورًا بمظاهر الحياة فى الأحياء الشعبية، وحتى تصوير المرأة المصرية بملامحها الجسدية المميزة وزيها- صار وجهة أساسية للمفتونين بالشرق المهتمين باقتناء الأعمال الفنية التى تجسد أجواءه. ورغم أن هناك فنانين برزوا فى هذا المجال مثل المستشرق الفرنسى جان ليون جيروم (1824 – 1904) الذى راح فى لوحاته يصور الشرق بأجوائه الشعبية ومدنه وشوارعه ومناظره الطبيعية، فإن محمود سعيد يمتلك خصوصية تمتاز بها أعماله لدى مقتنى اللوحات من الأجانب، وهى أنه يصور الشرق بعيون شرقية تراه من الداخل لا بعين مستشرق يراه من الخارج، بالإضافة للقيمة الجمالية لأعماله التى تتجاوز النقل الحرفى الميكانيكى للطبيعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة