يمكن لكلمة واحدة أن تدخلنا النعيم ويمكن لأخرى أن تلقى بنا فى سراديب الجحيم، ولا أقصد بالنعيم والجحيم الدينى فقط، لكن الدنيوى أيضًا، ففى البدء كانت الكلمة، واستمرت على مدى الأزمنة كاشفة عن النفوس وأنواعها ودالة على كل ما يدور فيها من انفعالات.
عندما اقرأ قول الله سبحانه وتعالى فى سورة إبراهيم "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى السَّمَاءِ" أتامل فيها أكثر من أمر، الأمر الأول يتعلق بالصورة الفنية الإيجابية، فالعرب الذين نزل عليهم القرآن الكريم يعرفون جيدا معنى الشجرة ودورها فى إنقاذ حياتهم من الجوع وإنقاذ أجسادهم من الحر، أى أنها، تعنى المنقذة من الهلاك.
والأمر الثانى يتعلق بإيجابية ضرب المثل، يريد الله سبحانه وتعالى أن يحببنا فى الخير ويرغبنا فيه، وأهمية ذلك تأتى من كون الكلام مما لا يستغنى عنه الإنسان أبدا، ويأتى من كون هناك كلمة طيبة يبارك الله فيها وفى الخير الذى تصنعه، وأخرى خبيثة مرة المأكل وعديمة الفائدة، بالتالى لا حل لها سوى البتر والقطع.
وعلى المستوى الحياتى، نجد أن الأسرة الناجحة هى تلك التى تعرف قدر الكلمة، فتمنح أفرادها براحا للتعبير عن أنفسهم، ويصبح للحوار مكانا فى مناقشة مشكلاتهم وظروفهم الحياتية، كل ذلك يعمل على تقوية العلاقات وصناعة السند بين الأهل.
وعادة ما يتبع الكلمة الطيبة فعل طيب لأن الكلام فى حد ذاته مجرد حروف تقال، يكتمل معناها عند تحققها على أرض الواقع، وحينها يصبح جذع الكلام ثابتا فى الأرض، وفروعها فى السماء تؤتى أكلها بإذن ربها وذلك هو المرجو والمنتظر.