كانت وستظل مصر الداعم والمساند الأكبر لقضايا العرب الأشقاء، منذ قديم الأزل وحتى يومنا هذا حمل الرؤساء المتعاقبون فى مصر على كاهلهم التمسك بإيجاد حلول لأزمات المنطقة الإقليمية ولا سيما العربية، وسجل التاريخ مساهمات عديدة للدولة المصرية فى إنهاء الأزمات فى المنطقة العربية وإعادة الاستقرار، تكريسا لدور مصر فى محيطها العربى والإقليمى كدولة محورية ورئيسية فى المنطقة العربية، وبما لها من ثقل إقليمى وعربى قوة ومكانة، وما يضيفه لها موقعها الجغرافى ودورها التاريخى.
ومنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، كان الحفاظ على الأمن القومى المصرى والعربى بما فيه الالتزام بإيجاد حلول وتسويات سياسية لقضايا العرب، أحد المرتكزات التى تأسست عليها السياسة الخارجية المصرية، نظرا لما تمثله هذه الأزمات من تهديدات لأمن واستقرار الدول العربية لا سيما المصرية، وبذلك أصبح للقاهرة دور تاريخى يعد بمثابة التزام منها تجاه الأشقاء العرب فى حل جميع أزماتهم عبر الحوار والانخراط فى مسارات سياسية والابتعاد عن ويلات الحروب والنزاعات.
وحرصت القيادة المصرية على بذل المزيد من الجهود فى المحافل الدولية والمشاركة فى مؤتمرات الدعم والسند سواء كانت الاقتصادية أو السياسية، فضلا عن كونها حملت على عاتقها استقرار البلدان العربية، ونادت بخطورة إسقاط الدولة، ولعب دور رئيسى تجاه الأزمات والصراعات داخل البلدان العربية نظرا لانعكاساتها على الأمن القومى المصرى.
والسنوات الأخيرة أكدت الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسى، على تبنى استراتيجية تسوية المنازعات بالطرق السلمية، وأصبحت مرتكزا رئيسيا تقوم عليه سياسة الدولة تجاه الأشقاء العرب فى الإقليم، باعتباره قادرا على الحفاظ على الدول العربية محل النزاعات ووحدة أراضيها، كما أكدت على تفعيل دور المؤسسات، ورفض التدخلات الأجنبية فى كل القضايا العربية.
فلسطين
منذ 1948 أولى صانع القرار المصرى اهتماما كبيرا بالقضية الفلسطينية، وعبر أكثر من نصف قرن عملت الدولة المصرية على دعم الحقوق العادلة لأبناء الشعب الفلسطينى، والتى على رأسها إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 يونيو 1967، وتقريب وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية لتشكيل موقف وطنى موحد.
ومنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى أصبحت القضية الفلسطينية بؤرة اهتمام القيادة السياسية، وأكد الرئيس فى مناسبات عدة على استمرار مصر فى جهودها الدؤوبة تجاه القضية الفلسطينية، لكونها من ثوابت السياسة المصرية، مشددا على مواصلة بذل الجهود لاستعادة الشعب الفلسطينى لحقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وفق مرجعيات الشرعية الدولية، أخذا فى الاعتبار المتغيرات على الساحتين الإقليمية والدولية خلال الفترة الأخيرة.
وتمتلك الدولة المصرية علاقات قوية مع المكونات والفصائل الفلسطينية سواء السلطة الوطنية أو باقى الفصائل فى الداخل والخارج، الأمر الذى عزز من فرص نجاحها فى دفع الفصائل المنقسمة نحو التوافق ووضع حد لمشكلة الانقسام الفلسطينى، وذلك بالتوقيع على اتفاق القاهرة فى 4 مايو 2011 وملحقات هذا الاتفاق فى أكتوبر عام 2017، ما خلق بيئة توافق وحوار ملائمة للفصائل لبحث المشكلات التى تواجه الفلسطينيين.
وحرصت القيادة المصرية خلال العقود الماضية على إيجاد سند قانونى لقيام دولة فلسطينية معترف بها من الأمم المتحدة ومن الدول الأعضاء بها وكذلك من المنظمات الإقليمية والدولية الفاعلة فى السياسية الدولية.
وخلال العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة، وجه السيسى بالتنسيق مع الأشقاء الفلسطينيين بقطاع غزة للوقوف على احتياجاتهم وتلبيتها، وفتح المستشفيات المصرية لاستقبال الجرحى والمصابين من قطاع غزة، وتوجهت العديد من الحافلات التى تحمل المساعدات المصرية للشعب الفلسطينى فى طريقها إلى معبر رفح.
سوريا
عقد من الزمن مر على الأزمة السورية وأسفر الصراع منذ اندلاعه فى عام 2011، عن أكثر من 387 ألف قتيل، وأدى إلى استنزاف البنى التحتية والاقتصاد، وتشريد أكثر من 7 ملايين سورى داخل البلاد، ومنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى لعبت مصر دور الوساطة بين الأطراف الدولية والجيش السورى وفصائل المعارضة، متخذة من عدد من الثوابت التى تحكم العلاقات المصرية السورية قاعدة فى حل الأزمة.
وتتلخص الرؤية المصرية فى إيجاد حل سياسى وليس عسكريا، من أجل الحفاظ على الدولة السورية.
ولمصر دور فاعل فى مسار التسويات السياسية حيث شاركت فى اتفاقات مناطق خفض التصعيد والتوتر، وتم توقيع عدة اتفاقيات للمصالحة برعاية مصرية، ففى يوليو 2017 نجحت القاهرة فى الوساطة وتوقيع اتفاق هدنة فى الغوطة الشرقية «أبرز معاقل المعارضة فى دمشق».
وواصلت القيادة المصرية دورها، ففى سبتمبر 2017 استضافت القاهرة العديد من مؤتمرات المعارضة السورية، وعقدت مجموعة من الاجتماعات التشاورية لعدد من القوى السياسية والقبائل المقيمة فى مناطق الشرق السورى وهى مناطق الجزيرة «الحسكة» فى الشمال الشرقى، ومحافظتا دير الزور والرقة فى الشرق.
وخلال عام 2017، نجحت مصر فى رعاية اتفاق لوقف إطلاق النار بين النظام والمعارضة المعتدلة فى ثلاث مناطق، وتحت رعاية مصرية تم توقيع اتفاق المصالحة أغسطس 2018 بين المعارضة وبين القيادة السورية فى مناطق الساحل السورى، ونص على وقف إطلاق النار، ومشاركة الفصائل فى محاربة الإرهاب، ودعم الاستقرار فى مناطقها عبر تشكيل قوة أمنية من أهالى المناطق التى يشملها الاتفاق، على أن يتم ذلك برعاية النظام، وضمان العودة الآمنة للنازحين واللاجئين إلى ديارهم وأراضيهم، والإفراج عن المعتقلين.
ليبيا
تلعب مصر الدور الرئيسى فى دعم إعادة بناء الدولة الليبية منذ اندلاع الأزمة فى ليبيا قبل 9 سنوات، ودعت لضرورة المقاربة الشاملة من أجل إنهاء الأزمة الليبية من خلال التعاطى مع جميع أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعدم الاكتفاء بالبعد الأمنى، عبر توحيد المؤسسة العسكرية لتوفير بنية قادرة على الدفاع عن ليبيا ومواجهة مخاطر الإرهاب.
ويحدد الموقف المصرى فى التعامل مع الأزمة الليبية عدة محددات هى دعم الاستقرار فى ليبيا، وحماية وتأمين الحدود الغربية للدولة بعمقها الاستراتيجى من تهديد الميليشيات الإرهابية والمرتزقة، وسرعة استعادة الأمن والاستقرار على الساحة الليبية باعتباره جزءا لا يتجزأ من أمن واستقرار مصر والأمن القومى العربى، وحقن دماء الأشقاء من أبناء الشعب الليبى بتهيئة الظروف لوقف إطلاق النار، وتقويض التدخلات الأجنبية، وضرورة التوقف عند الخط الذى وصلت إليه القوات الحالية من جانب أبناء المنطقة الشرقية أو المنطقة الغربية، على أن تبدأ المفاوضات بعد ذلك للوصول إلى حل للأزمة.
كما بذلت مصر جهودا دؤوبة ترمى إلى تسوية النزاع واستعادة السلام فى كل الأراضى الليبية، وجاء إعلان القاهرة برعاية الدولة المصرية فى 6 يونيو 2020 بمثابة خارطة طريق شاملة متكاملة لحل الأزمة الليبية، حيث أسفر لقاء جمع بين الرئيس السيسى بكل من المستشار عقيلة صالح، والمشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية، بقصر الاتحادية، عن إعلان القاهرة لمبادرة ليبية - ليبية، لإنهاء الأزمة والوصول إلى تسوية سلمية، وتتضمن التأكيد على وحدة وسلامة الأراضى الليبية واستقلالها، وبناء عليه التزام كل الأطراف بوقف إطلاق النار اعتبارا من يوم 8/6/2020.
لبنان
مصر كانت ولا تزال صاحبة دور فى لبنان، وإبان مرحلة استقلال لبنان 1941 - 1943، وقفت مصر حكومة وشعبا إلى جانب استقلال وسيادة وحرية لبنان، ومنذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ارتكزت العلاقات اللبنانية المصرية بشكل وثيق على تحقيق توازن بين الحفاظ على علاقات جيدة من ناحية والاحتفاظ باستقلال لبنان والسعى إلى تحقيق مصالح لبنان من ناحية أخرى.
واليوم كانت مصر فى مقدمة الدول التى أرسلت مساعدات طبية عاجلة إلى لبنان، وأمرت القيادة المصرية بتنظيم جسر جوى للإغاثة، يتضمن كل الاحتياجات الضرورية لآلاف المصابين اللبنانيين الذين سقطوا فى مأساة مرفأ بيروت «4 أغسطس 2020»، الذى يعد أكبر الكوارث التى تعرضت لها العاصمة اللبنانية فى العقود الأخيرة.
ومؤخرا أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى تضامن بلاده مع لبنان ودعمها للمساعى المبذولة لتشكيل حكومة جديدة خلال رسالة سلمها وزير الخارجية سامح شكرى، للرئيس اللبنانى ميشال عون، حيث زار لبنان فى إبريل 2021 بتكليف من الرئيس السيسى.
وفى يناير 2020 قامت القوات المسلحة بالتعاون مع وزارة الصحة، وجامعة الدول العربية، بتجهيز ثلاث طائرات نقل عسكرية محملة بكميات كبيرة من المستلزمات والأدوية والأجهزة الطبية والألبان لإرسالها لجمهورية لبنان الشقيقة لمساندتها فى مجابهة انتشار الموجة الثانية لفيروس كورونا.
وفى فبرير 2021 زار رئيس الوزراء اللبنانى المكلف سعد الحريرى القاهرة، حيث أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال لقائه أهمية تسريع جهود تشكيل حكومة فى لبنان، بينما ثمّن الحريرى جهود مصر لحشد الدعم الدولى لبلاده.
وناشدت مصر جميع الأطياف السياسية بتنحية الخلافات ومنطق المحاصصة الضيق جانبا وإعلاء مصلحة الوطن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة