زينب عبداللاه

سمير غانم ملك الارتجال والإبهار

السبت، 22 مايو 2021 09:52 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رحل رمز من رموز الفن، وعلامة من علامات الكوميديا فى مصر والعالم العربى.. مات سمير غانم وغابت معه ضحكة الزمن الجميل وأجمل ذكريات الملايين الذين عشقوا فنه وإيفيهاته.
 
لا يزال صوته وضحكته يترددان فى آذان الملايين الذين رسم البسمة على وجوههم، من كل الأجيال بمئات الأعمال.
 
رحل سمير غانم صاحب القدرة الخارقة على نشر البهجة والسعادة على مدى الأجيال، متأثرًا بمضاعفات إصابته بفيروس كورونا، وبعد رحلة عطاء فنى خلدت اسمه فى سجلات المبدعين فى العالم.
 
يوم حزين هذا الذى نسمع فيه نبأ وفاة صانع البهجة والضحكة، وملك الارتجال الذى نستدعى مع اسمه كل مخزون الضحك المستقر فى وجدان أجيال على مدار ما يقرب من 60 عامًا.
 
لم يكن سمير غانم أبدًا مجرد فنان يقدم فنًا جميلًا يسعد الملايين، بل كان وسيظل جزءًا من وجدان الملايين، فرد من أفراد العائلة، شعر الملايين فى مشارق الأرض ومغاربها بالقلق والحزن منذ ترددت أخبار مرضه هو وزوجته الفنانة المحبوبة دلال عبدالعزيز، حتى صدم الجميع خبر وفاته.
 
تفنن سمورة طوال أكثر من 60 عامًا فى كيفية إسعاد الملايين، وفى رسم البسمة على الوجوه، ببساطة وسلاسة دون فلسفة أو تعقيد، قدم كوميديا السهل الممتنع التى لا يستطيع غيره تقديمها، كان هدفه دائمًا وأبدًا إسعاد الجمهور وإضحاكه، وعلى امتداد تاريخه الفنى الطويل كان الفنان الكبير سمير غانم مختلفًا، وذكيًا طوال الوقت، قدم فنًا لا يشبه غيره، وتربع منذ بدايته على عرش الكوميديا وظل حتى آخر مراحل حياته يسعد جمهوره كلما طل حتى ولو فى مشهد واحد أو عبر إعلان لا يتجاوز دقائق.
 
سمير غانم الذى ظل طوال حياته قادرًا على أن يفاجئنا طوال الوقت، وأن يكون نهرًا يفيض دائمًا بالضحك، وأن يسلك طريقًا لم يسبقه إليه غيره، فوضع نفسه فى منطقة لا تقبل المقارنة أو التكرار، وفى كل مرحلة من مراحل مشواره الفنى كان ينتقل من نجاح لآخر بطريقة مختلفة لا يتوقعها الجمهور.
 
«سمورة» ابن عرب الأطاولة بمحافظة أسيوط، المولود عام 1937، والذى تمرد منذ بداياته على النمطية واختار أن يكون متفردًا، انضم بعد الثانوية العامة إلى كلية الشرطة اقتداءً بوالده وتركها بعد رسوبه عامين متتاليين ليلتحق بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، وهناك انضم إلى الفرق الفنية.
 
فكر سمورة خارج الصندوق وكون مع صديقيه وحيد سيف وعادل نصيف، فرقة إسكتشات غنائية وعروضًا على المسرح فى الإسكندرية، ولكن بعد انتقاله للقاهرة تفرق أعضاء الفرقة وظلت الفكرة فى رأسه، ووقتها كانت شهرة جورج سيدهم انتشرت بجامعة عين شمس، وكذلك الضيف أحمد بجامعة القاهرة، فاجتمع الثلاثة وكونوا فرقة «ثلاثى أضواء المسرح»، التى حققت نجاحًا كبيرًا فى السينما والمسرح وقدمت أعمالًا وإسكتشات حققت نجاحًا كبيرًا ما زال الكبار والصغار يرددونها، رغم مرور سنوات طويلة ومنها إسكتش «كوتوموتو»، «لو كانوا سألونا»، وكانت فقرة رئيسية فى كل الحفلات، وبعدما انحلت الفرقة بوفاة الضيف أحمد عام 1970، استمر التعاون بين جورج وسمير وقدما معًا عددًا من أنجح وأشهر الأعمال الكوميدية، سواء فى السينما أو المسرح، منها «موسيقى فى الحى الشرقى، والمتزوجون، وأهلًا يا دكتوور».
 
شارك سمير غانم فى عشرات الأفلام السينمائية سواء فى بطولات جماعية أو بطولة مطلقة أو حتى فى أدوار ثانية، شارك خلالها كبار النجوم، فتميز فى كل منها، وكان يضيف للعمل مذاقًا خاصًا فيبهر جمهوره، وفى عام 1977 حقق سمورة نجاحًا مبهرًا فى الدراما التليفزيونية حين قدم شخصية «ميزو» فى مسلسل حكايات ميزو الذى حقق نجاحًا كبيرًا وجماهيرية واسعة، وقدم بعده عددًا من المسلسلات التى كان اسمه على أى منها يكتب لها النجاح، كما قدم عشرات الأعمال والمسلسلات الإذاعية.
 
انطلق سمير غانم فى طريقه كالصاروخ، كان دائمًا مثل مدفع الكوميديا سريع الطلقات، يستطيع أن يبهرك فى كل ظهور له.
 
وفى مرحلة جديدة من مراحل المفاجأة والنجاح أبهر سمورة جمهوره حين قدم فوازير فطوطة بداية من عام 1982، ولمدة 3 سنوات فكانت الفوازير تحديًا جديدًا اجتازه بنجاح مبهر، رغم أنها لم تكن المرة الأولى التى يقدم فيها الفوازير، حيث قدم مع فرقة ثلاثى أضواء المسرح عام 1967 أول فوازير عربية، وكانت خليطًا بين الدراما والاستعراض 1967.
 
كان التحدى فى الثمانينيات أن فوازير فطوطة التى قدمها سمير غانم جاءت بعد نجاح استمر لسنوات قدمت خلالها الفنانة نيللى الفوازير، ولكن استطاع سمير غانم أن يقدم الفوازير بشكل مختلف وبأسلوبه الساحر، وأن يخلق من شخصية فطوطة حالة نجاح جديدة ومستمرة ومختلفة ومبهرة لتصبح هذه الشخصية إحدى أيقونات شهر رمضان، فصنعت العرائس والزينات التى تحمل صورة فطوطة الذى عشقه الكبار والصغار، واستغل المنتجون نجاح الشخصية لتقديم أعمال فنية جديدة تحمل اسم فطوطة، ومنها مسلسل الكرتون «فطوطة وتيتا مظبوطة»، كما قدم سمورة فى التسعينيات وعلى مدى ثلاث سنوات متتالية من عام 1992 وحتى 1994 فوازير «المتزوجون فى التاريخ»، و«المضحكون»، و«أهل المغنى».
 
أما المسرح فهو بيته الأول وعشقه الأكبر، واستطاع سمورة أن يصنع فيه حالة خاصة من النجاح والإبهار، وأن يكون علامة من علاماته التاريخية، وملكًا للارتجال والإفيهات، فحققت مسرحياته نجاحًا منقطع النظير، واستمر عرض الكثير منها لسنوات عديدة، ومنها «أخويا هايص وأنا لايص، جحا يحكم المدينة، فارس وبنى خيبان، أنا والنظام وهواك، بهلول فى إسطنبول، أنا ومراتى ومونيكا، دو رى مى فاصوليا وغيرها».
 
وخلال السنوات الأخيرة، شارك صاروخ الكوميديا سمير غانم، فى عدد من المسلسلات التليفزيونية، أهمها ما شاركت فيه ابنتاه الموهوبتان دنيا وإيمى، ومنها مسلسل لهفة والكبير أوى ونيللى وشريهان، وغيرها، وحققت عائلة الفنان الكوميدى معًا نجاحًا جديدًا وحالة مختلفة، فكانت القلوب ترقص كلما ظهر سمورة فى مشهد أو إعلان، وتفرح مع كل مرة ترى فيها هذه العائلة المحبوبة، يشعر الجميع أن سمير غانم فرد من عائلته، وجزء من تاريخه وذكرياته وحياته.. وها هو اليوم يحصد «كورونا» اللعين جزءًا عزيزًا من قلوبنا وحياتنا وذكرياتنا وضحكتنا برحيل سمير غانم، آخر أعضاء فرقة الثلاثى لتنطفئ مع رحيله أضواء المسرح.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة