لم تكتف مصر بالتحرك لوقف العدوان على غزة، وسعت لتثبيت وقف إطلاق النار فى الأراضى الفلسطينية، لكنها تتخذ زمام التحرك تجاه تحقيق السلام العادل فى الشرق الأوسط، وتواصل مصر مساعيها لإعادة مسارات السلام، واستغلال الزخم الذى حصلت عليه القضية الفلسطينية، والدفع نحو استكمال عملية السلام.
الاتصالات بين مصر والأردن لم تتوقف خلال الفترات الماضية، وحتى مؤتمر باريس، حيث تم عقد قمة مصرية أردنية فرنسية، وقبلها جرت لقاءات ومباحثات بين مصر والأردن والعراق، ضمن مساع لتقريب وجهات النظر العربية، ولم تتوقف الاتصالات المصرية مع الدول العربية الفاعلة بالخليج، لقاء سامح شكرى مع العاهل الأردنى أكد تطابق وجهات النظر بين البلدين حيال القضية الفلسطينية، وضرورة العمل على تكثيف الجهود بهدف تحقيق السلام العادل والشامل فى المنطقة، ولم تتوقف عملية التنسيق بين الرئيس السيسى والملك عبدالله، تأكيدا لخصوصية العلاقات الثنائية.
وزير الخارجية حمل رسائل القاهرة إلى عمان، حول تثبيت التهدئة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، وملف إعادة الإعمار على ضوء مبادرة الرئيس السيسى، دون إغفال جوهر القضية الفلسطينية، وضرورة العمل على توافر الإرادة السياسية اللازمة وخلق المُناخ المواتى لإحياء عملية السلام، وصولًا إلى تسوية شاملة للقضية الفلسطينية وفق مقررات الشرعية الدولية ذات الصلة، وبما يحول دون تجدُّد المواجهات مستقبلا ويُرسخ ركائز السلم والاستقرار فى المنطقة، وقال «شكرى» إن لدى مصر والأردن «رؤية مشتركة لتحقيق سلام عادل وشامل فى المنطقة، وإن الإدارة الأمريكية أكّدت أهمية حل الدولتين، ولا بد من وضع آليات لتحقيق هذا الهدف»، موضحا أن «قضية القدس مركزية للحل النهائى، وملتزمون بأن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية»، فيما أكد وزير الخارجية الأردنى أيمن الصفدى، أن الأولوية هى ضمان استمرار وقف إطلاق النار فى قطاع غزة ووقف الانتهاكات الإسرائيلية، وأن «المجتمع الدولى لن يقبل تهجير أهالى حى الشيخ جراح».
وتكررت تصريحات سامح شكرى أثناء لقائه مع الرئيس الفلسطينى فى مقر الرئاسة الفلسطينية فى رام الله، من تأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار بشكل دائم، والانخراط فى جهود إعادة مفاوضات السلام.
بالطبع فإن مصر تدرك الصعوبات التى تواجه جهود إعادة السلام، وتسعى للتواصل مع دول الإقليم والشركاء الدوليين، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، فضلا عن أطراف العملية بالشرق الأوسط، لتوفير إرادة لدى الأطراف المختلفة لاستكمال عملية توقفت منذ عقدين تقريبا.
مصر من جانبها تدفع نحو السلام، وتعرف حجم ما يتضمنه هذا الملف من تقاطعات وتشابكات، وكرر الرئيس عبدالفتاح السيسى تأكيداته لأهمية سرعة العمل على إحياء مفاوضات السلام على أساس حل الدولتين، وقرارات الشرعية الدولية، وقواعد القانون الدولى، وهى أهداف يوافق عليها الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة والدول الكبرى مثل الصين وروسيا، تبقى التفاصيل الدقيقة والمتعلقة بهذا السياق، وهى التى تشغل جزءا من تحركات وجولات وزير الخارجية سامح شكرى.
وتنطلق رؤية مصر والرئيس السيسى من استراتيجية الفعل، وتجهيز الأرضية الصالحة لإحياء السلام، ومن هنا تواصل مصر اتصالاتها ومساعيها للمصالحة الفلسطينية، وتوحيد القرار تجاه أى انخراط فى عملية السلام، وهى عملية ليست سهلة، وتتطلب جهودا مستمرة لدى كل الأطراف، لكن فى حال نجاح الجهود المصرية الأردنية سوف تكون النتيجة مهمة ومؤثرة فى مستقبل وحاضر المنطقة، مع الأمل فى أن تثمر سياسة الفعل المصرية فى إقناع الأطراف الدولية بأن السلام أكثر فائدة.