معادلة غريبة للغاية، نبحث فيها عن الامان والطمأنينة و صفاء النفس و راحة البال، ولا نقدم فيها شيئا، ونظل نقاوم رغبتنا فى فعل الصح بالاستمرار فى تجاهل أسس تنفيذ الصح، المعادلة فى مكونها الأساسى هي احساس العيلة واللمة، فالكل يبحث عن تلك اللحظات القصيرة التى يتجمع فيها أفراد الأسرة فى صباح أو مساء يوم بعينه، أو يقضون يوما كاملا، وفى تلك اللحظة التى نبحث فيها عن أنفسنا، نفعل فيها كل شيء ننغص فيه تلك اللحظات، ففى الوقت الذى تتجمع فيه العائلة، نذهب للسوشيال ميديا والفيس بوك ونواصل التصفح على المواقع من الفيس للماسنجر و الواتس آب و الانستجرام والتيك توك، ومن هنا لهنا حتى ننسحب بالساعات فى تلك التطبيقات وغيرها، حتى أننا فقدنا فكرة تسجيل المواقف المضحكة والدرامية فى حياة الآخرين، ويمر اليوم دون أن نضيف للعيلة وأنفسنا شيئا.
ولاننا فى وقت الصفاء نسمع المواقف والعبر والحكايات ممن يكبرونا سنا، صرنا الان لا نسمع شيئا، ولا نصنع لنا مواقف تحكى لابنائنا، هجرنا القراءة، وصرنا نرى مثقفين الروايات والجرائد و برامج التوك شو، فصارت الام تحكى لزوجها والعكس أمام أبنائهم قصص البوستات وصفحات اللايف و الخناقة بين فلان وآخر فى الكومنتات، وصار كل ما نويناه لأبنائنا مجرد مرور سريع دون تطبيق فعلي، حتى أصبحنا مجرد مشرفين على ديكورات غير حقيقية، ساعين لصور نمطية عن حياة لا نقدم فيها شيئا، ابتعدنا عن الحقيقة فى معنى العائلة، وصارت صورنا أمام أبنائنا أشخاصا مثل غيرنا نمسك التلفون، فماهو المميز بين أم وأخرى وبين أب و آخر، فكلاهما يمسك الهاتف، فلم نرى أبا يمسك الكتاب، أو يستمع لأفلام الابيض والاسود، لا يمارس هوايات الشطرنج وغيرها، و لأن أبنائنا صورة منا، فهم سيخرجون أبناءا للسوشيال ميديا ، وسيتركونا يوما ما بسبب تعليق على صفحتهم، أو عدم استيعابنا للتطبيق الجديد الذى سيظلون عليه لساعات الفجر يتحدثون فيه عن أفكار لو مر عليها ألف سنة ستظل أفكارًا غير مناسبة للنفوس السوية، و سيكون يوما ما تجمع العيلة عدوا كبيرا لوقتهم الذي يرغبون فيه بالصمت الجالسين فيه على تطبيق لا ندرك أبعاده.
ويقينا أن تطور التكنولوجيا له فوائد عظيمة، لكن الذى صنع التكنلوجيا مؤكدا أنه ثقف نفسه وقرأ وتعلم و مارس دوره فى التجربة حتي وصل للتطبيق الذى نجلس فيه بالساعات، لم يكن كغيره مستسلما للتطبيق ومجرد رقم من ضمن أرقام المعادلة، لذلك لن يكون يوما شخصا مميزا وعالميا لانه يجلس على للسوشيال مبديا بالساعات، دون أن يقدم فيها شيئا اضافيا يجعل فيه من نفسه قيمة مضافة حتي لو رآها الاخرون دون المستوى.