على الرغم من استمرار أزمة الزيادة السكانية والتهامها لعوائد التنمية، إلا أن الدولة تعمل جاهدة على استيعاب الزيادة وعواقبها والحد من تأثيرها السلبى فى كافة القطاعات، ولكن مع التزايد غير المتوقف لمعدل النمو السكانى لا يتمكن المواطن من الشعور بشكل مباشر بما بحدث من برامج على الأرض للتطوير والتحديث .
وحذرت الحكومة، فى تقرير مقدم لمجلس النواب ضمن خطة التنمية للعام المالى الجديد، من خطورة النمو السكانى المتسارع، والتى تمثل أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري لما له من تداعيات اقتصادية واجتماعية بالغة الخطورة، حيث يعصف بكافة الجهود الإنمائية، ويحول دون جني ثمارها وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين والارتقاء بمستوى رفاهيتهم، وتكمن خطورة تفاقم المشكلة السكانية إذا ما استمرت معدلات نمو السكان في المستقبل بنفس الوتيرة، لأنه وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تجاوز عدد سكان مصر المائة مليون نسمة فى عام 2020 ، ويقدر العدد في 15 فبراير 2021 بنحو 101.5 مليون نسمة، أي أنه في غضون ثلاثة أعوام زاد عدد سكان الجمهورية بنحوه مليون نسمة، وهو ما يعني أن النمو السكاني ما زال مرتفعا في حدود 2% سنويا، وتشير الإحصاءات الأخيرة إلى أنه يولد طفل كل 13 ثانية.
وتوضح الحكومة فى خطتها، لو استمر الحال على ما هو عليه الآن، فإنه بحلول عام 2030، من المقدر أن يقفز تعداد مصر إلى 123 مليون نسمة ثم إلى 150 مليون عام 2040، وإلى 193 مليون نسمة عام 2050، مسجلا بذلك ما يقرب من ضعف التعداد الحالي للجمهورية.
وتتمثل مستهدفات الحكومة فى ضبط النمو السكاني بأن تعمل برامج تنظيم الأسرة على خفض معدلات الإنجاب بصورة تدريجية إلى نحو 2.1 طفل / سيدة عام 2032، الوصول إلى 1,6 طفل / سيدة في عام 2052، العمل على ألا يتجاوز عدد السكان 143٬6 مليون نسمة بحلول عام 2052، إبطاء عجلة النمو السكاني ليصبح التعداد المناظر 153 مليون نسمة في نهاية 2050، كما تم وضع استراتيجية للحد من الزيادة السكانية.
ويؤكد النائب عبد الهادى القصبى، رئيس لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، أن اللجنة تضع على رأس أجندتها أزمة الزيادة السكانية وسيكون لها على مدار الفترات القادمة جلسات مع الحكومة لتباحث آليات تفعيل مجابهة تلك الزيادة، مشددا أنه يرى ضرورة دعم المجلس القومى للسكان، لاسيما وارتباطه بقضية من أخطر القضايا التي تواجه المجتمع حيث تلتهم ثمار التنمية.
ولفت إلى أن اللجنة تعمل من خلال مشروعات القوانين المقدمة إليها بشأنه، على منح المجلس الاستقلالية مع تعديل اختصاصاته بما يمكنه من تحقيق الهدف المنشود بحل مشكلة الزيادة السكانية، مشددا أن اللجنة ستعمل على إنجاز التشريع الخاص بها فى أقرب وقت .
وأشار إلى أن نجاح خطة مجابهة الزيادة السكانية، مرهون بالوعى من كل مواطن وكل مسئول فى موقعه وكل مؤسسات الدولة، مشددا أن التصدى لها لا يقل أهمية عن مواجهة الجبهات والمخاطر الإرهابية، موضحا أن خطورتها ترتكز فى التهام معدلات التتمية، كما أن الإحصائيات تشير إلى أن مصر تستقبل كل دقيقة 4 مواليد و240 مولود فى ساعة، لتتمثل الزيادة يوميا 5760، بينما سنويا تصل لـأكثر من 2 مليون 73 ألف مواطن جديد أى تساوى زيادة عدد 3 دول عربية مجتمعة .
وشدد رئيس لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، أن مواجهة الزيادة السكانية هو الأخطر على شعب مصر من الإرهاب، مما تمثله من إشكاليات تهدد عمليات التنمية ومخططات التطوير بكافة قطاعات الدولة، مؤكدا أنه لا يوجد دين سماوى يدعو إلى التهلكه، وكلا من الكنيسة والأزهر ودار الافتاء دعت إلى تنظيم الأسرة حتى نخرج بمواطن قادر وواعى يرتقى بوطنه.
ولفت إلى أن "تنظيم الأسرة"، مسئولية جميع الوزارات وهى قضية قومية لابد وأن تتبناها كافة الجهات المسئولة بالدولة ليتم التنسيق بينهم لزيادة التوعية بها وأن تتضمن بالمناهج التعليمية لإدارك خطورة عدم اتباعها على الدولة ومفاصلها.
واعتبر أن المطالب المتزايدة لتنظيم الأسرة ما هى إلا تدق جرس إنذار لمشكلة الساعة ونحذر كما حذرنا من استمرار عدم الاهتمام بذلك ولابد من تكريس كل الجهود للتصدى لذلك .
وأوضح النائب محمود بدر، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب، أن معدل الزيادة السكانية فى مصر سنويا، ارتفع ليصل لـ 2% سنويا، وهو ما يمثل ضغط كبير على المتطلبات التى تقع على الدولة لاستيعابها سواء فى تعليم أو صحة أو غيرها من القطاعات.
وأشار عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب، إلى أنه تقدم بطلب إحاطة للعمل على حل هذه الأزمة بشكل فعال، خاصة وأن تلك القضية تمثل مشكلة الساعة التى لازالت تؤرق الشارع المصرى وتهدد كافة مشروعات التنمية والإنجازات الأخيرة التى تقوم بها الدولة خاصة وأن المواطن لن يشعر بالتنمية لطالما استمر التعداد السكانى فى ازدياد.
وأضاف أن الدولة تواجه تحديات عدة ورغم ذلك تعمل على تنفيذ واستكمال مشروعات التنمية والتى يصعب الشعور بعائدها المباشر على المواطن فى ظل هذه الزيادة المستمرة للسكان وعلى رأسها مبادرة حياة كريمة، ولكن كل ذلك لن نشعر بها مع الزيادة المتسارعة للنمو السكانى وهو ما يتطلب تفعيل برامج تنظيم الأسرة بشكل أوسع وتطويع كافة الجهود لتنفيذها على أرض الواقع.
وشدد أن كل ما تواجهه الدولة من تحديات يستوجب زيادة الوعى بتنظيم الأسرة ومدى أهميته فى الحد من الآثار السلبية لتلك الإشكالية وتأثيرها على الدولة والتى تتمثل فى آثار اقتصادية ومجتمعية وصحيه وغيرها تعود بالسلب على الأسرة المصرية، هذا بجانب تفعيل برامج للتقييم والمتابعة تتبع أثر التنفيذ على الأرض وقياس مدى التجاوب مع خطط تنظيم الأسرة .
فيما اعتبر الدكتور عمرو حسن، المقرر السابق للمجلس القومى للسكان، أن أهم المحاور فى مواجهة القضية السكانية هو محور تنظيم الأسرة لأنه يشكل ما يقرب 60 % من الخطة التنفيذية للاستراتيجية القومية للسكان والتنمية وبالنظر الى كل الجهود التى بذلت فى هذا المحور نجد أن تعداد السكان فى مصر يواصل ارتفاعه الغير منضبط لذا يجب أن تتغير الاستراتيجيات الرئيسية لبرنامح تنظيم الأسرة فى مصر وهذه بعض الحلول المقترحة لتطوير هذا المحور الهام.
وأكد أنه يجب تعزيز كفاءة وتواجد مقدمي الخدمة فى الوحدات فهناك 3183 منطقة محرومة من خدمات تنظيم الأسرة، بجانب التوسع فى دمج التدريب على خدمات الرعاية الأساسية وتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية فى النظام التعليمى الجديد فى كليات الطب فى سنتى الإمتياز وفى امتحان الترخيص المزمع عقده حتى ينهى الطبيب تدريبه الأساسي قادرا على تقديم الخدمة ولا يحتاج للتدريب عليها بعد تكليفه.
وطالب "حسن "بإنشاء بروفايل سكاني لمصر لتحليل كل منطقة ووضع الخطط التى تتناسب مع ظروفها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية ، على أن يتم استخدام المعلومات المتاحة من نظام تسجيل البيانات الحيوية الإلكترونية فى مراكز الصحة عن المواليد وسن الأمهات وترتيب المولود فى الأسرة لحساب معدل الإنجاب الكلى على المستوى القومى ومستوى المحافظات سنويا مما يتيح تركيز الجهود للأماكن ذات معدلات الإنجاب العالية أولا بأول.
وتابع قائلا" لابد من اتباع سياسة التسويق الإجتماعى عند وضع خطط الاعلام الخاصة بالترويج لوسائل تنظيم الأسرة وذلك لتوسيع نطاق الوصول إلى وسائل منع الحمل الفعالة من حيث التكلفة ،وايضا التوسع فى سلة موانع الحمل فى مصر عن طريقة لجنة علمية موثوقة تتابع السوق العالمية لمعرفة الجديد فى تكنولوجيا وسائل منع الحمل وإضافة الجديد لجذب المزيد من المنتفعات ، وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص بدءاً بالمناطق المحرومة والنائية وذات معدلات الإنجاب والحاجة غير الملباة العالية وهو ما يتيح تغطية جغرافية أفضل ويساعد فى تقليل العجز فى الأطباء مقدمى الخدمة ويمكن التعاقد مع الأطباء لتقديم الخدمة من خلال عياداتهم وتوفير الوسائل لهم بسعر مدعوم مقابل تقديم خدمة مخفضة وتشديد الرقابة على صرف الوسائل والحصول على بيانات المستخدمات وربط عيادات وصيدليات القطاع الخاص بأقرب الوحدات الصحية.
وأضاف أنه لابد من النظر لاستقلالية المجلس القومى للسكان عن أى وزارة ونقل تبعيته إلى رئاسة الجمهورية لإدارة البرنامج السكاني، معتبرا أنه سيكون أولى خطوات حل المشكلة السكانية فى مصر، وتشريع قوانين تنص على حوافز إيجابية للأسر الصغيرة والملتزمة باستخدام وسائل تنظيم الأسرة فى أواخر سن الإنجاب.