كل ما نفعله فى هذه الحياة الدنيا يدخل تحت أحد طريقين، إما طريق الحسنة وأما طريق السيئة، ولا ثالث لهما، فكل حركة لها تصنيف، وكل فعل له معناه، ومن شاء الخير فليفعل ومن شاء الشر فليفعل، ثم يأتى الجزاء.
والمعروف أن النص الدينى احتفى كثيرًا بالإشارة إلى هذين الطريقين (الحسنة والسيئة)، وراح ينصحنا دائما باتباع الحسنة والبعد عن السيئة، ويقول الله سبحانه وتعالى فى سورة النمل "مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ"، والحسنة تعنى الفعل الطيب، والأمر الجيد، الذى ينحاز للخير، ويعلى من قيمة العمل الجاد ومد يد العون قدر المستطاع لمن يحتاج، كما تعنى أن الإنسان لو خير بين شيئين لاختار ما ينفع الناس، وتعنى فهما للذات الإنسانية وتحد لرغبتها الدائمة فى المتعة دون التوقف عند حلالها وحرامها.
نعم، الحسنة فعل اجتماعى يقوم على فكرة البناء لا الهدم، وتنطلق من النظرة الإيجابية للحياة، فالإنسان المحسن، ليس معناه مانح المال لمن يحتاجه فقط، فهذه واحدة، ولكنه فى المعنى الحقيقى هو ذلك الذى يرى الخير لا يزال صالحا للاستثمار مع الله ومع الناس.
إن فعل الحسنة فى معانيه التفاؤل، والحلم بغد أفضل، لأنه ينبع من معنى الاستمرارية، لذا يأتى الجزاء بصورة إيجابية أيضا، يأتى مضاعفًا، مرتبطًا بالأفضل، من يفعل الخير فله مزيد من الخير، وله الأمان فى حالة الفزع.
والمقصود هنا الفزع الذى يقع يوم القيامة، ولكن لنا أن نلحظ ذلك فى فزع الدنيا أيضًا، وما أكثره، فالإنسان الخير عندما تصيبه مصيبة ما يكون عادة مطمئنا، يعرف أن ما قدمه من خير سيحميه ويقيه الكثير مما يحدث، وسيكون فى أمن عندما يكون الناس حوله فى فزع وخوف.