كان ظهور الضباط المنشقين فى حلقات مسلسل «الاختيار 2» خطوة شجاعة تمت معالجتها بشكل أقرب إلى التوثيق، وإن كانت بالفعل تلقى الضوء على أحد أهم ملفات الجماعات المتطرفة والإرهاب، وهناك ملف غامض إلى حد كبير يتعلق بما يسمى «الضباط الملتحين» وهو ملف تضخم واتسع أثناء حكم الإخوان وانتهى معهم، ويبدو أن هؤلاء الضباط كانوا جزءا من محاولات الإخوان لتفجير المؤسسات وشقها وتقسيمها.
الضباط المنشقون لعبوا دورا فى تخطيط وتنفيذ عمليات إرهابية حتى تم استهدافهم فى عمليات متتالية على مدى أكثر من عامين، الضباط الذين ظهروا فى المسلسل هم: خيرت السبكى وحنفى جمال ومحمد جمال وإسلام وئام وكريم حمدى، قدموا معلومات لقيادات مكتب إرشاد الإخوان بموعد فض اعتصامى «رابعة» و«النهضة».
تتجه التفسيرات إلى أن هؤلاء تحولوا أثناء الفض، لكن يتضح أن القصة تعود لفترة سابقة ترتبط مع تيار الضباط الملتحين الذين ظهروا أثناء حكم الإخوان وحصلوا على الكثير من الدعم وتحركوا، وسلطت عليهم قناة الجزيرة الأضواء ومنحتهم مساحة واسعة ليعبروا عن أفكارهم، التى لم تكن تخرج عن أفكار التنظيمات التكفيرية.
مسلسل «الاختيار 2» يقدم نبذة عن كيفية هروب الضباط المنشقين إلى العريش وانضمامهم لأنصار بيت المقدس، ويذكر للمسلسل تسليط الضوء على خطاب التكفيريين ومنطق تجنيدهم أو خطابهم والانتقال بين ليبيا - حيث هشام عشماوى وزميله - والواحات والمنطقة الغربية. كلها خطوط تتداخل وتتقاطع مع خطوط التخطيط والتمويل، مع إشارة لوجود تخطيط مركزى يربط كل هذه التنظيمات، ويوظف الفوضى فى ليبيا أو سوريا، مع ربطها بمصر، مرورا بعمليات تنسيق عبر تركيا، وهى مساحات مهمة والكشف عنها يوضح الكثير من النقاط الغائبة.
الضباط المنشقون بعد مبايعة «البغدادى» عملوا فى إدارة التخطيط والعمليات والتدريب، وصولا لمشاركتهم فى الهجوم على كمين البرث، وتسجيل فيديو يعلنون فيه انشقاقهم وهى التسجيلات التى كانت تتم بتوجيه من قيادات داعش بالخارج ويتم بثها عبر الجزيرة وقنوات الدعاية الإخوانية، وكلها خطوط تمثل توثيقا لبناء التنظيمات وتمويلها وشبكات علاقاتها بالخارج والأجهزة التى تديرها، خاصة أن التحقيقات تشير إلى أن الضباط الملتحين بعضهم توجه إلى سوريا أو ليبيا، منهم من قاتل هناك أو مات، وكلها نقاط تمثل خطوطا مهمة فى التخطيط والتمويل الخارجى المادى الذى كان يتدفق على هذه التنظيمات، ومع أنهم انضموا إلى أنصار بيت المقدس وبايعوا «البغدادى» كانوا على اتصال بالإخوان، بما يؤكد العلاقة التى ظل التنظيم يحاول نفيها، رغم أن هناك تحركات معلنة لنقل مقاتلين إلى سوريا أثناء حكم الإخوان، بل وتم تداولها فى اجتماع الاستاد الشهير.
الضباط المنشقون عن الداخلية اشتركوا فى تخطيط وتنفيذ 18 عملية إرهابية منها اغتيال قضاة بالعريش والهجوم على مقر الانتخابات البرلمانية وتفجير أكمنة وقتل ضباط ورجال أمن ووضع عبوات ناسفة وتفجير أتوبيس سياح، وكلها عمليات موثقة، ويحسب لمسلسل «الاختيار 2» أن تناولها بشكل ما، لأن هذه التحركات والخطوط تصلح لتكون فى حد ذاتها مادة لأعمال مهمة ترفع الستار عن تفاصيل لا تزال غامضة.