مما لا شك أن التعليم الفنى فى أى من دول العالم المتقدمة مصدر رئيسى لإحداث تنمية حقيقية، وخاصة فى القضاء على البطالة وإمداد السوق بكوادر مدربة وخبرات متنوعة، لذا تولى أى دولة تريد النهوض اهتماما بهذا القطاع بشكل خاص، وهذا ما فعلته الدولة المصرية خلال السنوات الماضية بعد أن طالت يد الإهمال والتهميش هذا القطاع خلال العقود الماضية، لدرجة وصلت أنه كان عبئا على الدولة والمجتمع، حيث كانت هناك نظرة ثانية للخريجين أو للملتحقين به، وونتيجة ذلك أن الخريجين وصل بهم الحال أنهم لا يجيدون حتى القراءة لأن الاعتماد كان على منهج التلقين فقط، فلا ورش ولا معامل داخل المدارس نظرا لقلة الاعتمادات المالية وصلت للعدم، فأصبحنا فى النهاية أمام خريج لا قيمة له فى السوق.
لكن، الحمد لله، أدركت الدولة خلال السنوات السبع الماضية، وقررت أن تفعل فعل الدول المتقدمة تجاه هذه المنظومة، فأصبح هناك تحرك يشبه الإعجاز بدءًا من التخطيط وتغيير أسلوب التدريس الذى يرتكز على المهارات، وليس التلقين كما كان في الماضى، وصولا لضخ اعتمادات مالية ضخمة، فتم التوسع في إنشاء المدارس التكنولوجية، وتفعيل مبادرات مع شركات دولية فى مجال التعليم الفنى من أجل تدعيم وتطوير التصنيع والتعليم والتدريب في مصر، وتطبيق مجالات التكنولوجيا التطبيقية، وكذلك توقيع بروتوكولات تعاون بين المدارس والمصانع، وإشراك القطاع الخاص، والحرص على إنشاء عدة مدارس جديدة للتعليم الفني بكافة المحافظات، وليس فقط مدارس بل إنشاء جامعات تكنولوجيا تفتح الباب أمام خريجى الدبلومات الالتحاق بها.
لنكون أمام تفاؤل لتطوير هذا القطاع سواء من خلال الربط بين المناهج وما يتطلبه سوق العمل من تخصصات وإمكانيات فنية، أو من خلال تفعيل الدور الرقابى على المناهج التعليمية ومراعاة التوزيع الجغرافي والنوعى للصناعات، واحتياجات سوق العمل.
ليبقى على الدولة والمجتمع العمل بقوة على تغيير النظرة المتدنية التي تلاحق وتطارد خريجى المدارس الفنية، حتى لو تطلب ذلك وضع مسميات جديدة لهذه المدارس، مثل "كليات المجتمع"، أو "كليات التقنية" لتتغير النظرة لخريجيها والتشجيع على الالتحاق بها، وحتى لا يتم التعامل مع الملتحقين بها على أنهم طلاب درجة ثانية.
وختاما، نقول إن ما تفعله الدولة فى تطوير منظومة التعليم الفني أمر يستحق الاحترام والدعم للاستمرار، لنصل إن شاء الله أن تكون هناك مدرسة في كل مصنع أو في كل مدينة صناعية تنشىء أو قائمة بالفعل، مع ضرورة وحتمية إدخال وإشراك القطاع الخاص فى هذه المنظومة ليتحمل جزء من المسئولية المجتمعية، ولأن الحكومة بمفردها لن تنجح، لذا لابد من تواصل هذا الدعم تجاه هذه المنظومة، لأن لو حدث هذا سيكون بمثابة طوق النجاة الحقيقى لتطوير التعليم الفنى بل إحداث تنمية شاملة تعود بالنفع على الاقتصاد ككل فترتقى الدولة وتتحسن معيشة المواطن وهذا هو المأمول..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة