أخطر شيئ يمكن أن تبتلى به دولة أو وطن أو جماعة أو فرد، هو أن تكون تصوراته نابعة من روافد وموارد مزيفة، تجعله مقتنع بالامر والقضية رغم أن الاصل فيها التدليس والزيف، وتصير كل القناعات المدافع عنها والمنقولة لاجيال بعده قناعات مشوشة، صنعت فى عقله فى غفلة من تسيد الأمية و الجهل وعدم القراءة وخمول فى النقد والنقض، فتصير كل أموره وحياته أكلشيه عام، وموروث لا يعرف أصله، ويمارس فى تأييد معتقده أو رأيه وفكرته، ارهابا فكريا بحيث يدافع عن قضايا لا يعرف متي بدأت وماهو الهدف من اثارة ذلك الموضوع بذاته، فيصير الفرد مصنوعا من وعي مزيف، وتصبح جماعة الافراد أسرى لافكار لا يعلم سببها ونتيجتها، وهذا أمر لا يخص شخصا أو الاف الاشخاص، بل هو أمر يمكن فيه تدمير أمم ودول، لان الوعي المزيف للافراد فى ظل غياب التعليم والعلم والقادة العدول المثقفين، ينتج عنه شخصيات " فارغة" فى المضمون، ومؤسسات لا تحمل سوي " يافطة"، ومراكز بحثية لا يوجد فيها صاحب علم، و يكتب التاريخ بأيدى المزيفين، بحيث يقال عن جماعة بعينها أنهم المعارضة رغم أنهم ارهابيين بالفطرة.
كنا كذلك قبل ٢٠١٣ و ٢٠١٠، كنا نسير فى فقاقيع وبلالين، نعرف عن أشخاص أنهم كبار، وحينما عرفناهم تيقنا مدى فراغهم، وتظن أن مؤسسات تؤدى دورها، فتكتشف أنهم مجموعة من الموظفين، كنا كذلك حتي هيأ الله لنا ظروف استثنائية ووضع توافقي فى غاية التفرد، فاكتشفنا أننا بلد عشرات الالاف من السنين لم تبني قبل ٢٠١٣، وان تاريخها مضروب فيه تدليس بالمئات، والاكليشهات تحرك النخبه، والمثقفين هم مثقفي الجرائد والروايات والتوك شو، ولا أحد يذاكر ملفه، لذلك كان رزقا كبيرا من الله هو ما حدث فى ٣٠ يونيو وما بعدها.
نعم ما حدث فى ٣٠ يونيو وما بعدها هو الانجاز الحقيقى منذ ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، و حرب أكتوبر ١٩٧٣، فقبل ٣٠ يونيو كنا نعيش وعيا مزيفا بكل الوسائل، وكنا نمشي في تاريخ موازى لجماعات وأفراد صنعوه لانفسهم.، حتي أكرمنا الله بتحرك الشعب والجيش وكافة قطاعات الدولة لرفض كل محاولات التدليس والتضليل وتغييب العقول الذى كان يتم ضد مصر والمصريين.