بجلباب بسيط وابتسامة دائمة على وجهها دعمت ابنها محمد سعيد خلال مسيرته التعليمية، فبالرغم من بساطة العيش والإمكانيات التى كانت توفرها له وأخوته من بيع الخضار والفاكهة بمنطقة البساتين، استطاعت تعليمهم وتنصيبهم فى أعلى المناصب، تلك المهنة التي امتهنتها منذ أن كانوا صغارًا، وكان كل هدفها هو الوصول بهم إلى بر الأمان، وكما قال محمد سعيد الذى يعمل موظفاً فى إحدى الجهات المصرفية عن والدته: "وعيت على الدنيا لقيتها شقيانة، ومعندهاش حد غيرى أنا وأخواتى، حتى بعد ما كبرنا وربت مهندس و2 موظفين بيخدموا البلد، وبعد جواز أخواتى الاثنين خلاص مبقاش ليها غيرى فلازم أساعدها".
محمد سعيد مع والدته
محمد سعيد: هى اللى صرفت وهى اللى كبرت من فرش الخضار
بالرغم من ضيق الحال، إلا أن إصرارها على وصول أبنائها لما يريدون جعلها تستمر في العمل على "فرش الخضار"، وتابع "محمد" أن عملها لم يتوقف حتى بعد أن كبروا وتخرج اثنان منهم، فهي لا تريد أن يحمل أحد هم عيشها، لذا كان لديها إصرار على عدم التوقف عن العمل، وأردف أنه عندما كان يعود من عمله كموظف مصرفي مرتدياً بدلته ورابطة العنق، كانت تخجل من وقوفه بجانبها ليساعدها، وتابع: "فرش الخضار هو اللي كبر وصرف وربى رجالة، وبرجع من شغلى وبقف أساعدها يمكن أرد جزء من جميلها عليا وعلى أخواتى".
أم محمد
محمد مع والدته
محمد عن والدته: "اللى اتعود عالشقا الراحة تتعبه"
وتابع أن الإلحاح على والدته للجلوس فى المنزل وترك العمل لم يجدى نفعاً معها، حتى بعد أن اقتنعت لفترة بالراحة، إلا أنها تعبت بشكل كبير، وأردف: "اللى اتعود عالشقا الراحة تتعبه، وده اللى حصل مع والدتى اللى بقالها أكثر من 30 سنة على فرش الخضار، واتعودت تكون جبل وشايلة الحِمل، فقلت مادام هي راحتها فى الشغل يبقى أساعدها".
والدة محمد سعيد
"لما بتشوفني راجع بالبدلة وبغير هدومي وبقف معاها بيصعب عليها كلام الناس" هكذا شرح محمد رد فعل والدته التي كانت ترفض وقوفه معها بعد أن أصبح موظفاً كبيراً، إلا أنه لم يخجل أبدًا من والدته بالرغم من الكلمات التي يسمعها طوال الوقت من تنمر ودونية لمهنة والدته، ورفع شعار الفخر بها، بل إنه شارك عبر إحدى المجموعات على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك حكايته مع والدته التى نالت إعجاب وفخر الكثيرين به.
محمد سعيد في عمله
واختتم حديثه، لـ"اليوم السابع"، قائلاً إن المهن البسيطة هى أساسنا، ولولاها ما كنا نقف على أرجلنا، ولن يصل أى شخص إلى ما يريده دون أن يرفع من شأن ومكانة أهله أمام الجميع، فهم من تعبوا في تربيته حتى وصل إلى ما يريد من مكانة مرتفعة، وأضاف أن احترام الشخص لعائلته مهما كانت بسيطة يجبر الآخرين على احترامه وتقديره.