كانت المجلات الثقافية فى التاريخ العربى تهتم بالعديد من الموضوعات وتسمح للقراء بطرح أسئلتهم المختلفة ومناقشتها، من ذلك ما قدمته مجلة الهلال فى عدد يونيو من سنة 1921 أى منذ 100 عام بالتمام والكمال.
قالت المجلة تحت عنوان "عجائب المخلوقات" سئلنا فى الجزء الخامس من هذه السنة هل يوجد نبات يبتلع البشر فأجبنا "أن المعروف هو أن بعض أنواع النبات تمتص الحشرات والهوام والطيور الصغيرة، ولكننا لم نسمع بشجرة تستطيع ابتلاع إنسان أو حيوان كبير".
على أننا لم نلبث بعد ذلك قليلا حتى أرسل إلينا الأديب حبيب أفندى فارس فرزلى نزيل نيويورك مقالة نشرت فى إحدى جرائد أمريكا فيها تفاصيل غريبة عن شجرة تنبت فى جزيرة مدغشقر تعبدها إحدى القبائل المتوحشة وقدم لها الضحايا من فتياتها فتفترسها. فرأينا تلخيص هذا الخبر مع غبداء التحفظ بشأن صحته.
اعتمد كاتب المقالة المتقدم ذكرها وهو الدكتور ب . ه. وليم أحد العلماء النباتيين الأمريكيين على ما نشره الدكتور كارل ليش الألمانى فى "جريدة كارلسزوه العلمية" المعروفة على اثر سباحة قام بها فى جزيرة مدغشقر وإليك زيدة حكايته قال:
قصدت برفقة أحد الأهالى القسم الجنوبى الشرقى من الجزيرة حيث تقطن قبيلة المكودوس المتوحشة، ودين هذه القبيلة يدور على عبادة شجرة مقدسة هى بلا ريب من أندر نوادر الطبيعة، وهم يقدمون لها الضحايا.
....
وفى إحدى الليالى جاءنى دليلى وقال لى ان الفرصة المنتظرة قد سنحت وأنه سيتاح لى أن أرى بعينى حفلة التضحية . فلما خيم الظلام تبعت أهل القبيلة إلى داخل الغابة وكنت قد قدمت هدية إلى رئيسها حتى يأذن لى بحضور الاحتفال. فما بلغوا الشجرة المقدسة حتى أشعلوا النيران حولها وجلسوا يأكلون ويشربون وؤقصون.
ثم سكت الجميع فجأة ونظرت فرأيت فتاة على وجهها أشد علامات الزعر فعلمت أنها ضحية ذلك الاحتفال، ثم التف حولها فريق من المجتمعين وأخذوا يصيحون بها ويأمرونها أن تصعد على الشجرة، فترددت ولكنها لما رأت أن لا نجاة لها تقدمت نحو الشجرة وصعدت إلى أعلاها فركعت وشربت من السائل المقدس .
إذ ذاك أدركت سر الأمر فغن تلك الشجرة التى كانت جامدة فى مكانها ما لبصت ان تحركت فالتف حول عنق الفتاة فروع مدلاة من الجزع وضغطت عليها فلم تشتطع الفتاة أن تفلت بالرغم من تخبطها الشديد ثم تحركت الأوراق الكبيرة بأشواكها وأخذت ترتفع ببطء حتى أحاطت بجسدها الدامى فعصرته عصرا.