صدر حديثا، عن دار النسيم بالقاهرة، "شاى مع الموت" أحدث دواوين الشاعر كريم عبد السلام، متضمنا خطابا شعريا موجها إلى الموت ومتقصيا آثاره وجراحه الغائرة.
ويتضمن الديوان ثلاثة أقسام شعرية بعناوين تحتشد بالمعانى والأسئلة، فى الحياة/ فى الحرب/ فى المتاهة، ويسبقها ما يشبه الافتتاحية الشعرية بعنوان "طبعا على خطأ" ويلحق بها ما يبدو خاتمة شعرية أيضا بعنوان "الضحكة الأخيرة".
وما بين الافتتاحية الشعرية "طبعا على خطأ" والخاتمة "الضحكة الأخيرة"، تحملنا قصائد الديوان إلى أجواء ومشاهد، تدفعنا للتساؤل إذا ما كنا على قيد الحياة حقا أم أننا فى وادى ظل الموت؟ ما إذا كنا نتحرك فى بروفة طويلة للحظة النهاية بينما نتصور أننا نقرر ونتحكم ونستمتع ونمتلك! ما إذا كنا نحلم أننا أحياء وكل يوم عندما نستيقظ نكتشف أن عشر سنوات أو عشرين عاما قد انقضت وولت! نعم تدفعنا قصائد الديوان إلى أن نواجه التساؤل الصعب، هل عشنا هذه السنوات التى مرت بنا؟ أم أنها كانت لحظات من الموت؟ هل كنا على قيد الحياة؟ وما قيد الحياة هذا؟ ما معنى الحياة التى نعيشها، أهى حياة مختارة وقرار بالعيش نتخذه بإرادتنا أم هى أيام تشبه قوارب المهاجرين غير الشرعيين وجولات الحروب التى ندخلها مضطرين مثل مرتزقة يبيعون أعمارهم لقاء وجبة وحفنة نقود؟
يذكر أن الشاعر كريم عبد السلام صدر له 14 ديوانا، كان أولها عام 1993 تحت عنوان "الأب وقصائد المطر"، وبعدها توالت الأعمال الشعرية التى حفرت للشاعر مكانته المتميزة فى سياق قصيدة النثر المصرية والعربية "بين رجفة وأخرى" 1996، "باتجاه ليلنا الأصلى" 1997، "فتاة وصبى فى المدافن" 1999، "مريم المرحة" 2004، "نائم فى الجوراسيك بارك" 2006، "قصائد حب إلى ذئبة" 2008، "كتاب الخبز" 2010، "قنابل مسيلة للدموع" 2011، "أكان لازما يا سوزى أن تعتلى صهوة أبى الهول"2014، "مراثى الملاكة من حلب" 2015، وكان رأسى طافيا على النيل " 2017، "ألف ليل وليل" 2019.، و"الوفاة السابعة لصانع الأحلام" 2020.
ومن ديوان " شاى مع الموت" ، ننشر الافتتاحية الشعرية " طبعا على خطأ"
————————————
طبعاً.. على خطأ
طبعاً على خطأ
متى قلتُ غيرَ ذلك
متى تبجحتُ بأنى على صواب
أىُّ صواب فى الجنون
أىُّ صواب فى الحمّى
أىُّ صواب فى "لا أعرف ولا أريد"
أىُّ صواب فى الألم الساحق
أىُّ صواب فى الخوف
أىُّ صواب فى الشتات
وأنا المطرود تواً من الجنة
الهابط من السماء إلى الأرض
أنا آدم الطازج
نسيتُ الأسماء كلها
وضيعتُ المعرفة
لا أعرف غير السؤال
غير الدهشة
غير المفاجأة
متى وضعتُ إجابةً على لسانى؟
..........
طبعاً على خطأ
هل قلتُ يوما إننى أستطيع منع القاتل من ذبح ضحيته؟
هل وقفتُ بين الصياد وفريسته
بين اللص والسيدة المسنة فى المترو
بين المغتصب والفتاة الضاحكة للحياة
خاسرٌ بلا ضغينة
أنظر لمن يسمون أنفسهم رابحين منتصرين
وأشفق عليهم فى قلبى،
مثل أمٍّ أسمت ابنها "شريف" ، فنشأ لصاً بالإكراه
وأنصتُ لمن يزعمون إنقاذ العالم
لأحسب الوقت الذى استغرقوه فى حفظ الكليشيهات التى يرددونها كالببغاوات،
لأرى مستوى تقدم السرطان فى دمائهم
وكم يوماً سيبقون على قيد الحياة.
.........
طبعاً، على خطأ
متى قلتُ غيرَ ذلك
أنا المتفرج الوحيد وسط لاعبين لاهثين،
فى المضمار الوهمى المصمم خصيصا لإنهاكهم
وأنا الفاشل بين ناجحين يبتسمون ويلوحون للكاميرات
ثم يدخلون إلى تليفزيون الواقع
أقبع فى المدرجات ومعى كيس الفيشار
منتظراً السكتة القلبية بابتسامة
كصديق وصل من السفر.