منذ عام 2014، وضعت الدولة المصرية خطة شاملة لتطوير كافة منظومات النقل بعموم البلاد، لتسهيل عمليات تنقل المواطنين، وأيضا لدعم حركة الاقتصاد الوطني من خلال ربط أنحاء الدولة المختلفة ببعضها البعض، البداية كانت بإطلاق المشروع القومي لتطوير شبكة الطرق البرية والذي استهدف رفع كفاءة تطوير 5,000 كم من الطرق القائمة بالإضافة إلى تشييد 4,500 كم أخرى من الطرق الجديدة.
وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات أنه الدولة عملت على رفع كفاءة مرفق السكك الحديدية، من خلال تطوير نظم الإشارات والمزلقانات والمحطات، بالإضافة إلى تجديد القاطرات والعربات المستخدمة على الخطوط، إلى جانب ذلك، نفذت الدولة مشروعات متعددة لتطوير الموانئ البحرية على ساحلي البحر الأحمر والمتوسط، بواقع 12 ميناء من بينها الإسكندرية ودمياط وبورسعيد والعين السخنة، كما تجرى العديد من المجهودات لتطوير المطارات الكبرى بالدولة لدعم الترابط بين مصر والعالم الخارجي.
وتابعت الدراسة أن استخدام مجرى نهر النيل في عمليات نقل المواطنين وأيضاً البضائع، لم يغب عن ذهن صانعي القرار في مصر، فالنهر الذي يتركز حوله الآن 96% من سكان البلاد، كان ولايزال الشريان الرابط بين إقليمي الوجه البحري والقبلي، كما أنه أقصر الطرق الواصلة بينهما، لذلك أعدت الدولة استراتيجية خاصة بتطوير منظومة النقل النهري وذلك لتعظيم الاستفادة من نهر النيل في الشق اللوجيستي، وهو ما سيدعم منظومات النقل الأخرى المعروفة وسيحقق التكامل معها.
حالة قطاع النقل النهري في مصر
يمتد مجرى نهر النيل في مصر على مسافة تزيد على 1,700كم، ويبدأ من الحدود المصرية السودانية جنوبا عن دائرة عرض 22 ليسير شمالا باتجاه مصبه شمالا عند منطقة التقاء الدلتا مع البحر المتوسط، ويعبر نهر النيل في رحلته داخل مصر على 17 محافظة, 7 منها تقع في الوجه القبلي، فيما تقع باقي المحافظات في إقليم القاهرة الكبرى ومنطقة الدلتا – انظر الخريطة التالية رقم 1 -.
يتكون مجرى النهر في مصر حالياً من جزئيين أولهما هو بحيرة الناصر التي تمد حاليا على مسافة 300 كم اما الجزء الثاني فهو مسار النهر الممتد شمال السد العالي وخزان اسوان على مسافة 1,200 كم، والذي يتميز بعدم وجود عوائق طبيعية عليه مثل الشلالات والجلاميد الصخرية، او عوائق صناعية مثل السدود الكبيرة والخزانات، التي تتسبب جميعها في تقويد حركة استخدام مياه الأنهار في عمليات النقل.
لذلك تنقسم منظومة النقل النهري في مصر إلى أر بعة مسارات رئيسية متصلة، وهي مسار ” القاهرة – دمياط ” ومسار “القاهرة – الإسكندرية ” ومسار ” القاهرة – أسوان ” ومسار “أسوان – وأدى حلفا ” ليبلغ إجمالي أطوال تلك المسارات الأربع 1770 كم، هذا بالإضافة لعدد كبير من المسارات الفرعية في الشبكة والتي تمتد على مسافة 1700 كم أخرى .
لذلك حرصت الدولة المصرية منذ أزمنة تاريخية بعيدة على استغلال مجرى نهر النيل في عملية نقل الركاب والبضائع بين إقليمي الشمال والجنوب، وذلك لسهولة استخدام هذا الطريق بالمقارنة مع باقي الطرق والوسائل البرية المتاحة في حينها والتي كانت توصف قبل استخدام السكك الحديدية وشاحنات النقل الثقيل بانها مكلفة وبطيئة وغير فعالة، لذلك حرصت السلطات المختصة على تشييد ميناء نهر واحد على الأقل بكل محافظة.
ظهور وسائل النقل الحديثة في مطلع القرن العشرين لم يكن عامل مهدداً لبقاء صناعة النقل النهري, فلقد استمرت عمليات نقل البضائع الثقيلة بالمراكب والصنادل النيلية كما كان معتاداً من قبل, لذلك اخذ عدد الموانئ التجارية النهرية في التصاعد منذ منتصف القرن الماضي حتي وصل الي 43 ميناء تجاري, بالإضافة الي العشرات من المراسي النهرية الخاصة بالبواخر السياحية علي نهر النيل والتي تتركز اغلبها في محافظتي الأقصر واسوان, كما اهتمت الدولة بتشييد الاهوسة علي المجاري المائية المتفرعة من نهر النيل والتي يبلغ عددها الان 15 هويس, وذلك لتنظيم حركة الوحدات النهرية اثناء انتقالها بين المناسيب المائية المختلفة لمجري النهر وفرعه الملاحية.
لكن النقل النهري شهد انحساراً ملحوظا خلال الربع الأخير من القرن العشرين، نظرا لاهتمام الدولة بتطوير وسائل النقل الأخرى مثل الطرق والسكك الحديدية، وهو ما جعل عمليات النقل باستخدام هاتين الوسيلتين أكثر جاذبية وفاعلية بالنسبة لنقل الركاب والبضائع على حد سواء، ولقد كان ذلك سبباً مباشرا في معاناة قطاع النقل النهري، من وجود حالة إهمال كبيرة أثرت على بنيته التحتية، وفي مقدمتها الموانئ والارصفة النهرية، فأغلبها حالياً غير مستغل ومتوقف عن العمل لعدم وجود الطلب.
كما يعاني أسطول النقل النهري المصري هو الآخر من حالة تقادم سببها محدودية عمليات التطوير، وتوضح لنا التقارير الرسمية صورة ذلك، فمصر لا تمتلك سوى ما مجموعه 951 وحدة نيلية، منها 577 وحدة تابعة للقطاع الحكومي، فيما لا يتبع القطاع الخاص سوي 374 وحدة فقط – انظر الشكل التالي رقم 2 -، وتتصف 73.5% من مجموع تلك الوحدات بطول سنوات التشغيل، حيث تفوق فترة عملها منذ التدشين 15 عاماً – انظر الشكل التالي رقم 3 -.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة