أصدرت الدائرة الجنائية "ج" – بمحكمة النقض – حكماَ قضائياَ ببراءة شخصين من تهمة تشكيل عصابة من أغراضها الاتجار في العقاقير المخدرة، بعد القبض عليهما فى كمين وتفتيش سيارتهما واعترافهما، مستندة على مبدأ "عدم وجود الرضاء والتخلي الاختياري".
ملحوظة:
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: "ومن ثم لا يكون الضابط أمام جريمة متلبس بها، طالما أن الطاعنين لم يتخليا طواعية عن الأقراص الدوائية ولم يأذنا للضابط ليتبين كنهها، ويكون قبضه عليهما وتفتيش السيارة ليس له ما يبرره ولا سند له في القانونط.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 21168 لسنة 87 القضائية، لصالح المحامى جورج أنطون، برئاسة المستشار محمد جمال الشربينى، وعضوية المستشارين ناجى عزالدين، وكمال صقر، ومحمود عبد المجيد، وهشام عبد الرحمن، وبحضور وكيل النيابة لدى محكمة النقض أيمن ماهر، وأمانة سر رجب حسين.
الوقائع.. اتهام شخصين بتكوين تشكيل عصابى للاتجار في الأقراص المخدرة
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين في القضية رقم 13196 لسنة 2016 جنايات قسم ثان الرمل – والمقيدة بالجدول الكلى رقم 5015 لسنة 2016 لأنهم في يوم 16 من نوفمبر لسنة 2016 بدائرة قسم ثانى الرمل – محافظة الإسكندرية – المتهمون جميعا ألفوا عصابة من أغراضها الاتجار في العقاقير المخدرة خاصة عقار "أمفيتامين" المخدر داخل البلاد، والمتهمون الأول و"الثانى والثالث" – الطاعنين – حازوا بقصد الاتجار عقار "أمفيتامين" المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناَ.
المحكمة تقضى على المتهمين بالسجن المشدد 5 سنوات والغرامة والمصادرة
في تلك الأثناء – أحالتهم النيابة العامة للمحاكمة الجنائية لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، ومحكمة أول درجة قضت حضورياَ للطاعنين بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة 5 سنوات وتغريمهما مبلغ 100 ألف جنية عما أسند إليهما ومصادرة الجوهر المخدر والسيارة والمبلغ المالى المضبوطين، فطعن كل من المتهمين الأول والثانى على الحكم بطريق النقض.
مذكرة الطعن تستند إلى بطلان القبض والتفتيش
مذكرة الطعن ذكرت أن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتى تأليف تشكيل عصابى الغرض منه الاتجار في جوهراَ مخدراَ عقار "أمفيتامين" وحيازة عقار مخدر "أمفيامين" بقصد الاتجار شابه الفساد في الاستدلال وخالف صحيح القانون وأخطأ في تطبيقه، ذلك بأنهما دفعا ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما في غير حالة من حالات التلبس إلا أن الحكم رد على هذا الدفع واطرحه بعبارات لا تنهض دليلاَ على توافره وول على الدليل المستمد منه رغم بطلانه، ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
شهادة ضابط الواقعة
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى ومؤدى الأدلة التي تساند إليها في قضائه عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وأطرحه بعد أن أعرض لبعض المبادئ القضائية في قوله: " لما كان ما تقدم – وكان البين من أقوال ضابط الواقعة أنه حال مباشرته لعمله بالكمين لأحكام السيطرة على مداخل ومخارج البلاد خشية دخول أشخاص متطرفة تضر البلاد والمنشآت وبفحص السيارات المارة عليه للتحقق من التزامها باللوائح وقوانين المرور وفحص التراخيص حاول المتهم الثالث قائد السيارة التي كان يستقلها المتهمون الهرب إلا أنه تمكن من استيقافه لاستبيان آمره لوضع نفسه موضع الشك والريبة من تلقاء نفسه.
وآنذاك أبصر عرضاَ كيس أسفل الكرسي الذى يجلس عليه المتهم الأول الذى كان يجلس بجوار قائد السيارة يظهر منه أقراص اشتبه أن تكون مخدرة وكيسين مماثلين بداخل السيارة، فقام بضبطهما لكثرة عددها ولمحاولة المتهم الثاني الهرب من الكمين وبمواجهة المتهمين أقروا بإحراز المخدر لتوصيله للمتهم الرابع بمدينة الإسكندرية الأمر الذى يكون استيقاف المتهمين قد بات صحيحاَ له ما يبرره نظراَ لوضع المتهمين أنفسهم موضع الريبة ومن ثم يكون ضبط المخدر والمتهمين قد جاء وليد إجراء صحيح له ما يبرره وفق حالة صحيحة من حالات التلبس الأمر الذى يكون القبض والتفتيش قم تم وفق صحيح الواقع والقانون، مما يكون الدفع قد جاء في غير محله جديراَ بالرفض".
لما كان ذلك – وكان المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها ويكفى لتوافرها أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه أو أدرك وقوعها بآية حاسة من حواسه متى كان الادراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكاَ، وهو ما يبيح لمأمور الضبط الذى شاهد وقوعها أن يقبض على كل من يقوم الدليل على مساهمته فيها وأن يجرى تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة، وأنه وإن كان تقدير الظروف التي تلابس وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمر موكول إلى محكمة الموضوع، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي تبنى عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها.
محكمة النقض تبرئ المتهمين
لما كان ذلك – وكان مجرد مشاهدة الضابط أقراصاَ دوائية بالسيارة أسفل الكرسى جوار القائد أثناء استيقافه السيارة لاستبيان أمر قائدها وتنفيذ قوانين المرور دون أن يتبين نوعها ومحتواها لا تتحقق به حالة التلبس التي حددتها المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض بيانه لواقعة الدعوى وما حصله من أقوال الضابط لا يبين منه أن الضابط قد تبين أمر المخدر أو محتوى الأقراص الدوائية قبل القبض على الطاعنين وتفتيشهما بل استطالت يده إلى داخل السيارة الملاكى قيادة الطاعن الأول دون إذن منه ودون سند قانونى فإن هذه الواقعة على هذا النحو لا تعد حالة من حالات التلبس التي بيح لمأمور الضبط القضائى القبض على المتهم وتفتيشه، ذلك أن مشاهدة الضابط للأقراص الدوائية لا يعنى أنه أدرك على سبيل القطع أن هذه الأقراص تحوى مخدراَ، ومن ثم لا يكون الضابط أمام جريمة متلبس بها، طالما أن الطاعنين لم يتخليا طواعية عن الأقراص الدوائية ولم يأذنا للضابط ليتبين كنهها ويكون قبضه عليهما وتفتيش السيارة ليس له ما يبرره ولا سند له في القانون.
الحيثيات: تفتيش السيارة بالكمين كان بعدم وجود الرضاء والتخلي الاختياري
وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على صحة هذا الاجراء فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله بما يوجب نقضه، لما كان ذلك وكان بطلان القبض والتفتيش مقتضاه قانوناَ عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل مستمد منه، وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها دليل سواء، فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعنين – فقط دون المحكوم عليهما الآخران غيابياَ اللذان لم يكن لهما الحق في الطعن على الحكم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة