زيارة قام بها السلطان هيثم بن طارق إلى المملكة العربية السعودية لمدة يومين حملت الكثير من المعاني والمضامين، لكونها الزيارة الخارجية الأولى لسلطان عُمان الجديد منذ توليه في يناير من العام الماضي، إلى جانب قوة وثقل سلطنة عُمان عربيًا وإقليميًا. وأيضًا لما جاء في البيان المشترك بين المملكة العربية السعودية والسلطنة، حيث أكد على أهمية التعاون بين الجانبين في المجال الاقتصادي، إلى جانب مناقشة الأزمة اليمنية ومواصلة الجهود لإيجاد حل سياسي شامل لهذه الأزمة بما يضمن استقرار الشعب اليمني واستقرار المنطقة بشكل عام. كما تناول الجانبين بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس" أهمية التعامل الفعال مع الملف النووي الإيراني والتأكيد على مبادئ حُسن الجوار واحترام القرارات الدولية والأممية. وربما يعكس ذلك بوادر توافق سعودي إيراني بشأن العديد من النقاط محل الخلاف بين الرياض وطهران، خاصة في ظل العلاقات الطيبة التي تجمع بين سلطة عمان وإيران؛ ما يصُب في صالح أمن واستقرار منطقة الخليج ولاسيما المنطقة العربية.
التنسيق العماني السعودي لفت أيضًا إلى استكمال المنفذ البري الذي يربط بين البلدين، بما سيُساهم في زيادة التبادل التجاري والاستثماري بين الجانبين. بالإضافة إلى النقاش حول إعادة إحياء مشروع الدقم، حيث مد خط أنابيب من السعودية إلى مشروعات عُمانية بمنطقة الدقم، وأبرزها منطقة صناعية على الساحل الجنوبي للسلطنة، تسعى من خلالها إلى التحوُل إلى مركز صناعي مهم في الشرق الأوسط.
الجدير بالذكر أن العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز استقبل السلطان هيثم بن طارق في مدينة نيوم، والتي تُعد رمزًا سعوديًا للمستقبل القائم على رؤية المملكة 2030، تلك الرؤية التي تبناها ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، مؤكدًا منذ الإعلان عنها أنها تُمثل نقلة حضارية مُختلفة للمملكة في كافة المجالات، بما ينقل السعودية إلى المستقبل المُعاصر القائم على الحداثة وتكنولوجيا المعلومات. كما ظهر السلطان العماني برفقة ولي العهد السعودي لمتابعة نهائي كأس أمم أوروبا – يورو 2020 – مساء الأحد، بما يعكس المستقبل الحديث بروح الشباب والتعاون والتنسيق والتوافق بين البلدين على أعلى المستويات.
ربما ظلت سلطنة عُمان بعيدة عن المشهد لسنوات طويلة؛ تفضيلًا لسياسة الحياد في كثير من الملفات، فيما تأتي المؤشرات الحالية لافتة إلى سياسات عُمانية جديدة تتطلع إلى مستقبل يبني على ما سبق من علاقات طيبة بين عُمان ومحيطها العربي، لتوطيد تلك العلاقات واستغلالها للتنسيق في مجالات مختلفة تصُب في صالح السلطنة واقتصادها بما يؤهلها إلى الانفتاح على العالم أسوة برؤية المملكة وما وصل إليه جيرانها من دول مجلس التعاون الخليجي من تقدم وتطور. كما أنها بمثل تلك الخطوات، والتي بدأتها من الرياض، ربما تضع حجر أساس جديد بمنظومة مجلس التعاون الخليجي، قائم على علاقات وطيدة بين أطرافه، تدفع باتخاذ قرارات مُوحدة لصالح منطقة الخليج ولاسيما المنطقة العربية بأكملها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة