الأضحية فى الإسلام شرعها الله إحياءً لذكرى إبراهيم عليه السلام، وتوسعة على الناس يوم العيد كما قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّها أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَذِكْرِ اللهِ» رواه مالك فى "الموطأ"، وهى اسم لما يذبح من الإبل والبقر والغنم يوم النحر وأيام التشريق؛ تقربًا إلى الله تعالى، والأصل فى مشروعيتها قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾
وقدد حدد الشرع الشروط الواجب توافرها فى الذابح وذلك على النحو الآتى وفق ما ورد فى كتاب "الذبح ووسائله المعاصرة"، الصادر من مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف: -
أولا: أن يكون مسلما أو كتابيا :-
أما المسلم : فلا خلاف بين الفقهاء فى الجملة فى حل ذبيحة المسلم إذا أطاق الذبح وضبط شرائطه، وذبح ما يحل أكله، رجلا كان الذابح أو امرأة، حراً كان أو عبدا، جنبا كان أو طاهرا، أو كانت المرأة نفساء أو حائضا أو طاهرة.
واستدلوا على هذا بنصوص من القرآن، والسنة، والإجماع :
أما القرآن :
عموم قوله تعالى : " إلا ما ذكيتم"، والخطاب للمسلمين، وعموم قوله تعالى : "فكلوا مما ذكر اسم الله عليه " والخطاب للمسلمين أن يأكلوا ما ذبحوه وذكروا اسم الله عليه إن كان مما أباحه الله.
وأما السنة فما رواه البخارى عن نافع، عن رجل من بنى سلمة أخبر عبدالله بن عمر رضى الله عنهما أن جارية لكعب بن مالك ترعى غنما له بالجبيل الذى بالسوق، فأصيبت شاه، فكسرت حجرا فذبحتها به، فذكروا ذلك للنبى، فأمرهم بأكلها.
ووجه الدلالة : أن النبى صلى الله عليه وسلم أباح الأكل مما ذبحته الجارية، وهو دليل على حل أكل ذبيحة المرأة.
وأما الإجماع : فقد أجمعت الأمة من لدن الصدر الأول إلى يومنا هذا على حل ذبيحة المسلم أو المسلمة فى الجملة إذا توافرت شروط الذبح.
وأما الكتابى : فلا خلاف أيضا فى حل ذبائح أهل الكتاب إذا لم يكونوا من نصاری بنى تغلب ولا مرتدین، وذبحوا لأنفسهم، وعلم أنهم لم يسموا غير الله على ذبيحتهم، وكانت الذبيحة مما لم تحرم عليهم فى التوراة، ولا حرموها على أنفسهم، ولا متولدا بین کتابى وغيره، ولا صابئا أو سامرا .
وقد استدلوا على ذلك بنصوص من القرآن، والسنة، والإجماع : أما القرآن : فقوله تعالى : "وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، وأما السنة ما رواه أنس بن مالك أن امرأة يهودية أتت رسول الله بشاة مسمومة، فأكل منها، ووجه الدلالة : أنه لولا أن ذبائحهم حلال لما تناول النبى من تلك الشاة، وأما الإجماع : فقد أجمعت الأمة على حل ذبائح أهل الكتاب فى الجملة.
ثانيا: أن لا يكون وثنيا أو مرتداً:
لا خلاف بين الفقهاء أن ذبيحة الوثنى، وكذا الملحد والدهرى والوجودى وعابد القر وغيرهم من أهل الأوثان كالمجوس – لا تحل ذبائحهم؛ لأنهم لا يخلصون ذكر اسم الله؛ بل يهلون بالذبح لغير الله أو يذكرونه مطلقا، ولذا لا يحل أكل ما ذبحوه؛ لأن الله يقول " وما أهل لغير الله به"، ويقول "ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه"، ويقول أيضا: " وما ذبح على النصب".
كما اتفقوا على أن ذبيحة المرتد لا تحل؛ لأنه لا يقر على دين انتقل إليه ولو إلى دين أهل الكتاب، فهو كالوثنى فى عدم حل ذبيحته.
ثالثا: أن يقصد الذبح:
لا خلاف بين الفقهاء فى اشتراط قصد ذبح الحيوان – أى الفعل المعهود عند الذبح- ليحل أ:ل الحيوان، مسلما كان الذابح أو كتابياً؛ وذلك احترازا عن غير قصد القتل وإزهاق الروح، أو قصد اللعب، أو ما لو قصد أن يدفعها عن نفسه حال صيالها عليه، أو قصد تجريب السيف..ونحو ذلك، فإنه لا يكون ذبحاً شرعياً وإن أصاب صورته
رابعاً: أن لا يهل الذابح بالذبح لغير الله تعالى:-
اتفق الفقهاء على أن المسلم إذا ذبح وأهل به لغير الله تعالی - بأن رفع عليه الصوت بتسمية غير الله تعالى - كما لوسمی اسم صنم كما كان أهل الجاهلية يفعلونه : باسم اللات والعزى، أو ما لو أهل بذلك لواحد من الأنبياء، أو أهل بذلك لقدوم أمير ونحوه كواحد من العظماء، وقصد بذلك أنه يستحقه دون غيره، فإنه لا يحل أكله .
كما اتفقوا على أن الكتابى اليهودى أو النصرانى إذا أهل بالذبح لصنم أو صليب أو المسيح، وقصد بذلك أنه يستحقه دون غيره فى زعمه، فإنه لا يحل أكله أيضا .
خامسا: أن يكون الذابح المسلم غير محرم :-
لا خلاف بين الفقهاء أن المحرم بحج أو عمرة إذا ذبح صيد البر مع توافر شروط الذبح فلا يؤكل ما ذبحه، واستدلوا على ذلك بما يلى : أن المحرم ممنوع من قتل الصيد لحق الإحرام، لقوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ"، والمعنى : وأنتم محرمون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة